عبدالعزيز الحداد.. «حكواتي كويتي»

دلال العياف

بتواجد حضور كبير وفي مقدمتهم شخصيات حفرت في ذاكرتنا اسمى العبر والمعلومات والثقافة العالية من المفكرين والكتاب والناقدين والناقدات الذين اثروا الساحة حقيقة، فقد اسعدونا بحرصهم على الحضور لأمسية لها جوانب ابداعية فذة في اروقة مسرح سعاد الصباح برابطة الادباء، حيث اعتلى الفنان القدير المتميز دائما والذي كان ومازال له فكر فني ثقافي مختلف وطريقة في الاداء ايضا منفردة واسلوبه في الطرح راق جدا وهو عبدالعزيز الحداد، حيث ابهرنا بتقمصه لشخصية «الحكواتي الكويتي»، وكانت الليلة بمنزلة امسية تثقيفية على طراز عال جدا، استمتعنا بجميع تفاصيلها الشيقة، وخصوصا ان الحداد قدم عدة ادوار، وقام بتغيير ازياء الشخصيات بشكل حرفي دقيق، وملك المسرح وحده.

العرض تطرق لعدة مواضيع هامة من ضمنها المونودراما وهو فن صعب يعتمد على ان يخاطب الفنان ذاته او غيره او المجهول، فالمونودراما عالم وجداني وروحي يحتاج الى صفات كثيرة، منها القدرة على النطق الجميل ونبرات الصوت والتواصل والاستدعاء والتصرف والارتجال وغيرها حتى تكون مونودراميست، ومشروع «الحكواتي الكويتي» والذي نطلق عليه بالمحلية «المسولفجي» اذا صح القول، يجهز له الفنان نفسه بتحضير ادواته الخاصة كي يخاطب الجمهور، مستخدما فن الخطابة والالقاء والاداء والايماء والحركة والتعبير احيانا بصمت، وهذه كلها قدمها الحداد بأداء رائع.

وكلمة المونودراما لها تاريخ عريق، فهي يونانية الاصل تنقسم الى مونو ودراما، وهي مسرحية الممثل الواحد، بمعنى ان يقوم بتشخيص المسرحية ممثل واحد فقط يكون المسؤول عن ايصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنبا الى جنب عناصر المسرحية الاخرى.

وشهدنا عرضا عظيما متمثلا بشاعر الكرنك احمد فتحي الذي تغنى له الكثير وخصوصا كوكب الشرق ام كلثوم، ودارت الاحداث حول الرسالة التي قدمها الى زوجته التي تركته في لندن، وهي «قصة الامس»، وكانت مؤثرة جدا، والتي لحنها الراحل القدير رياض السنباطي، ويقول مطلعها: «انا لن اعود اليك مهما استرحمت دقات قلبي.. انت الذي بدأ الملالة والصدود وخان حبي».

توفي احمد فتحي في العام 1960 وترك وراءه اساطير شعرية تغنى بها عظماء الطرب والمغنى والفن الراقي الاصيل، وهو ابن الشيخ ابراهيم الذي نظم الشعر في عهده، فألهب به حماس الجماهير زمن ثورة 1919 وكان احد من قادوا المظاهرات في مدينة الاسكندرية، حيث كان يعمل وقتها شيخا للمعهد الديني فنال من السجن والاعتقال ما ناله كل وطني شريف.

بالختام، لا يسعنا الا ان نشكر القامة الفنية الفنان القدير عبدالعزيز الحداد على ادائه الرائع وعلى توصيل الرسائل التي سكنت وجداننا وتعبيره عن ذلك الفن العريق بأسلوبه الخاص المنفرد، وانتهت الامسية بتصفيق حار، بوجود النخبة لتشجيع ذلك الفنان، وتبادلوا طرح الاسئلة، وشكروه واثنوا على العمل، ومن ضمنهم الناقدة الكبيرة ليلى احمد والاعلامية القديرة امل عبدالله وغيرهم.