في أوائل خمسينيات القرن العشرين بدأت نهضة عمرانية في الكويت شملت جميع مرافق البلاد كالدوائر الحكومية والمستشفيات والمدارس والطرق وغيرها من المنشآت التي كانت تحتاج إليها البلاد في سبيل دفع عجلة التنمية فيها.
ومن أبرز مظاهر تلك النهضة العمرانية إنشاء المدارس إذ بنيت خلالها عشرات المدارس وفي مقدمتها ثانوية الشويخ التي كانت بمنزلة مدينة جامعية متكاملة الخدمات بحيث أنشئت فيها الكليات الأولى لجامعة الكويت نظرا إلى مساحتها الكبيرة.
وأنجزت في أوائل الخمسينات عشرات المدارس منها مدرسة صلاح الدين المتوسطة عام 1952 ومدرسة الشامية للبنين عام 1953 وروضات طارق والمهلب والمنصور عام 1954 وغيرها من المدارس داخل مدينة الكويت وفي ضواحيها وقراها.
واتبع في تلك المدارس نمط جديد من أنماط العمارة له خصائصه التي تختلف عما كانت عليه عمارة المدارس قبل الخمسينيات لكن لم توثق منه إلا معلومات قليلة أوردها مركز البحوث والدراسات الكويتية في مجلته الدورية (رسالة الكويت) لاسيما ما يتعلق بمعلومات معمارية وإنشائية عن مدرستي الشامية للبنين وروضة المنصور.
وذكرت المجلة في العدد 38 الصادر في أبريل عام 2012 أنه في عام 1953 أنهت شركة الإنشاء الكويتية أول ثلاث بنايات من مباني مدرسة الشامية للبنين وتلك الشركة كانت وكيلا لشركة إنجليزية كانت تساهم مع أربع غيرها في أعمال البناء والتعمير بالكويت حينذاك من خلال وكلائها الكويتيين.
وتضمن مشروع تلك المدرسة ثلاث بنايات للصفوف تتألف كل منها من طابق واحد إضافة إلى بناية مؤلفة من طابقين ومكتبة وبناية للادارة وقاعة للاجتماع وصالة كبيرة للألعاب الرياضية ومنزل للمنامة وبركة للسباحة وملعب في حين بلغ عدد الصفوف 24 صفا إضافة إلى مختبرين للطبيعيات وغرف للزائرين وعيادة طبية وسينما ومطبخ وغرفة للطعام.
وزينت المدرسة كلها بالموزاييك الجميل ورصعت الممرات بالمرمر ودهنت جدرانها بألوان جذابة في حين استخدمت طريقة جديدة لصب الأسمنت فيها وصنعت النوافذ من الأسمنت بشكل بيضاوي أو مربع.
وذكرت المجلة أن روضة المنصور التي كانت تقع في منطقة الشويخ السكنية كانت تستوعب نحو 150 طفلا ونفذتها الشركة نفسها وكانت تضم أربع بنايات شيدت من وحدات الخرسانة المسلحة مع جدران قرميدية بين الأعمدة والسقف.
وضمت الروضة ست غرف للتعليم وغرفة للأشغال اليدوية في حين كان سقفها مؤلفا من ألواح الليف الكرتوني لحجز حرارة الشمس وضبط الصوت في حين صنعت ألواح الكتابة “السبورات” من خشب التيك “الساج” تحتها خزائن خشبية وفوقها شاشة مطوية لعرض السينما.
واحتوت الروضة أيضا على عيادة طبية وغرفة أخرى واسعة للحمامات والمغاسل وسكن للمدرسات والعاملين وغرف استراحة للمعلمات وصالون وغرفة الطعام وغرف المساعدات وغرفة كبيرة لتدريب الأطفال على الأشغال اليدوية.
ودهنت معظم جدران الروضة بألوان فاتحة في حين اشتملت المطابخ على أحدث المعدات الكهربائية مع الاستعداد لتحويلها لنظام الغاز عندما يتم تمديده من حقول البترول.
وكانت جدران البهو الأمامي من الموزاييك في حين كانت هناك عشر غرف نوم للمعلمات مع خدماتها الأساسية إضافة الى مسرح يرتفع مترا عن الأرض ومصنوع من خشب التيك وهو مجهز للحفلات المدرسية.