يوم الثلاثاء الماضي 24 مارس، وقبل أسبوع من الموعد الأخير الذي يُفترض أن تتوصل فيه القوى العظمى وإيران إلى اتفاق من شأنه تنظيم البرنامج النووي الإيراني، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن إسرائيل قد تجسست على المحادثات، وفقا لمسؤولين كبار في البيت الأبيض.
الصحيفة الأمريكية قالت إن هذا التجسس هو «جزء من خطة أوسع يتبعها رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو لاختراق المحادثات النووية وجمع معلومات لإفشال الصفقة»، وأن إسرائيل «جمعت بيانات موجزة وحساسة من ملفات إعلامية سرية للولايات المتحدة ومن بث استخباراتي في أوروبا».
وقالت الصحيفة إن البيت الأبيض كشف التجسس الإسرائيلي عندما اعترضت وكالة الاستخبارات التي تتجسس على إسرائيل اتصالات بين مسؤولين إسرائيليين يحملون معلومات تعتقد الولايات المتحدة أنهم استطاعوا الوصول إليها فقط من خلال التجسّس على المحادثات النووية.
وما أغضب البيت الابيض ووزارة الدفاع الأمريكية هو أن الدولة الصهيونية سعت لاستغلال هذه المعلومات أو الاسرار التي تجسست للحصول عليها، ونقلتها لنواب الكونجرس من أنصارها ممن يطلق عليهم «يهود الكونجرس»، لاستخدامها في معارضة الاتفاق النووي للإدارة الأمريكية مع إيران وعرقلته.
اعترافات بالتجسس المتبادل
ولكن رد الفعل الصهيوني جاء متناقضَا، حيث تفاوت بين النفي التام والاعتراف الضمني، وتارة الاعتراف بأن «الولايات المتحدة وإسرائيل تتجسسان على بعضهما البعض»، دون إبداء تفاصيل حول طبيعة هذا التجسس.
ففي مقال كتبه «يعقوب عميدور» بصحيفة «اسرائيل هَيوم» بتاريخ 25/3/2015 تحت عنوان «اتهام إسرائيل بالتجسس على المفاوضات مع إيران حماقة أميركي»، اعترف «عميدرور»، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الاسرائيلي، بالتجسس على المفاوضات النووية، قائلا: «إن إسرائيل تتعقب عدوتها الكبرى إيران، وخلال ذلك اتضح مع الأسف أن الولايات المتحدة، التي لديها علاقات وثيقة جداً مع اسرائيل، تخفي عنها حقيقة أنها تجري مفاوضات سراً مع طهران، وحينها توجهت إسرائيل إلى الكونجرس ومجلس الشيوخ في محاولة لفهم سبب تنازل شريكتها للإيرانيين وإجراء المفاوضات من وراء ظهرها، كان تصرف الأميركيين على طريقة ضربني وبكى وسبقني واشتكى: كيف تتجرأ إسرائيل على التجسس ضدنا؟».
وبدا من حديث الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الصهيوني كما لو أن تجسس اسرائيل علي الولايات المتحدة أمر عادي وأنه يستغرب غضبها لهذا، حيث زعم: «إن المحاولة الأميركية لإجراء مفاوضات من وراء ظهر إسرائيل، تشكل مساً خطيراً بشبكة العلاقات بين واشنطن والقدس، وهي أمر مهين أيضاً، فهل كان هناك في الولايات المتحدة من يعتقد أن في الإمكان إجراء مفاوضات كهذه من خلف ظهر إسرائيل من دون أن تعرف هذه بها من خلال أجهزتها الاستخباراتية».
وقال «إن مجرد حقيقة وجود شخص في الولايات المتحدة يعتقد أن الأمر ممكن، يشير إلى أي حد يفهم الأميركيون قوة الخطر الإيراني على دولة إسرائيل، ولا يفهمون إلى أي درجة إسرائيل مصرة على معرفة ماذا يفعل الإيرانيون».
ووصف ما نُشر عن تجسس اسرائيل علي إيران وأمريكا، بأنه «يشكل حماقة حقيقية، وهو جزء من حملة أميركية مقصودة للمس بمكانة إسرائيل في نظر الشعب الأميركي ونوابه بهدف إضعاف قدرة إسرائيل وحججها ضد الاتفاق السيئ الذي توشك أن توقعه الدول الكبرى بقيادة الأميركيين».
الأغرب أن رئيس مجلس الامن القومي الصهيوني السابق اعتبر التجسس علي أمريكا حقا لإسرائيل حيث قال: «من ناحية إسرائيل ما تفعله هو نضال حتمي يتعلق بمجال هو الأكثر حساسية لأمنها، والأميركيون يدركون ذلك ويحاولون بشتى الوسائل المس بتصميم إسرائيل وقدرتها».
وقال «إن ما يجري هو عملية تلاعب هدفها المس بصدقية إسرائيل وسط الرأي العام الأميركي، ومن المؤسف أننا تدهورنا إلى وضع كهذا»، بيد أن «الإصرار الأميركي على التوصل إلى اتفاق، أي اتفاق، مع الإيرانيين، يؤدي إلى مواجهة لا مفر منها».
وقال: «نريد أن نعرف كيف سيجري التصدي للاتفاق من دون أن نخسر أميركا، لكن إزاء السلوك الأميركي يبدو أن هذا الأمر لن يكون سهلاً».