یعد الصوف من أبرز منتجات أھل البادیة في الكویت ومنطقة شبة الجزیرة العربیة قدیما وكان یصل من البادیة إلى المدینة ویباع في سوق الصفاة تمھیدا لتصدیره إلى الخارج.
وحول ھذا الموضوع قال الباحث في التراث الكویتي محمد جمال في كتابه (الحرف والمھن والأنشطة التجاریة القدیمة في الكویت) إنه كان یتم (جز) الصوف أي قصھ بواسطة سكاكین ومقصات خاصة في أواخر فصل الشتاء بعد انقضاء برد العجوز ویعبأ في شلفان كبیرة (أكیاس كبیرة الحجم تصنع من مادة الخیش) ویرسل إلى الكویت.
وأضاف أن مدینة الكویت كانت تشھد قدیما في بدایة فصل الربیع وصول كمیات كبیرة من الصوف المعبأ في (شلفان) كبیرة یبلغ طول الواحد منھا حوالي ثلاثة أمتار أو أكثر ثم یتم فرز الصوف وبیعھ ب(الجیاسة) وھي وحدة وزن تساوي ستة أوقیات.
وأوضح أن الكمیات الكبیرة من الصوف كانت تباع للتجار في سوق الصفاة أما الكمیات الصغیرة فكانت تباع في سكة الصوف وتشتریھا النساء اللاتي یقمن بغزلھا وتحویلھا إلى خیوط تستخدم في صناعة البشوت والعبي والسدو وما شابھ.
وقال إن الشلیف الواحد كان یحتوي على حوالي 20 إلى 50 وقیة من الصوف حسب حجمھ ویتم وزن الشلیف في (الصنقر) وھو مقر میزان الحكومة للتأكد من الوزن قبل الشراء من قبل الشریطي أو التاجر إذ یتم احتساب عدد (الجیاسات) ودفع ثمنھا.
وذكر أن الكمیات التي یشتریھا الشریطي أو التاجر من بائع الصوف قد تبلغ ما بین 100 و200) جیاسة) أي 600 إلى 1200 وقیة في بعض الأحیان ومن ثم یتم نقلھا على الحمیر إلى (البوم) والمراكب التجاریة التي تنقلھا إلى إیران أو الھند.
وأشار إلى أنھ كان یتم فصل أنواع الصوف بحسب ألوانھ وفرزه تمھیدا لوضع كل لون في عبوة منفصلة قبل تصدیرھا مشیرا إلى أن أسعار الصوف تختلف حسب ألوانھا وأنواعھا فمنھا النوع العادي وھو رخیص الثمن ومنھا النوع الجید المسمى (الرفیعات) وھو نوع ممتاز یتم الحصول علیھ من الأغنام التابعة لقبائل (المنتفك) في جنوب العراق.
وعن عملیة تنقیة الصوف بین جمال أن الشریطي أو التاجر كان یوظف عددا من العمال لتنقیتھ ووضعھ في شلفان كبیرة وكبسھ فیھا بھدف تعبئتھا بأكبر كمیة ممكنة حیث یقوم العامل في سبیل ذلك بفتح فوھة الشلیف وتثبیتھ بین عمودین طویلین أو أكثر (من خشب الجندل) تربطان بعمود أفقي ثالث لوضع الصوف بداخلھ.
وأضاف أن العامل كان یقف واضعا رجلیھ داخل الشلیف ویقوم بالقفز فوق الصوف مرات عدیدة وھو ممسك بالعمود العلوي لكبس الصوف داخل الشلیف وكلما تم كبس كمیة من الصوف وضع كمیة أخرى فیھ وقام بكبسھا برجلیھ وھكذا إلى أن یمتلئ الكیس فیقوم بوزنھ وخیاطتھ تمھیدا لتصدیره ویستوعب الشلیف الواحد بھذه الطریقة ما بین 80 و100 وقیة من الصوف (200 إلى 250 كیلوغراما) وبذلك یكون أكبر من الشلفان القادمة من الصحراء.
وأكد جمال أنھ في اوائل الثلاثینیات تقریبا جلب المرحوم یوسف شیرین بھبھاني ماكینة بسیطة لكبس الصوف تم تركیبھا في (البخار) – أي المخزن – التابع لھ الواقع في أحد (السكیك) – الشوارع – المتفرعة من سوق التجار القدیم وقد وظف عاملین لیقوما بكبس كمیات الصوف التي ترد إلیھ من الشریطیة أو التي یقوم بشرائھا مباشرة لتصدیرھا إلى إیران والھند. وأشار إلى أن العامل یكبس الصوف من خلال وضعھ في المكان المخصص لھ بالماكینة ومن ثم استخدام رجلیھ للضغط على (دوسة) – ید – لكبس الصوف وتحویلھ إلى (بالة) – أي ربطة – كبیرة والتي یتم لفھا بشریط معدني خفیف (طوق حدیدي) لتكون جاھزة للتصدیر بعد وزنھا.