(رويترز) – هددت إيران يوم الاثنين باستئناف تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي توقفت عن العمل وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 بالمئة ضمن خطواتها الكبيرة المحتملة التالية بعيدا عن الاتفاق النووي لعام 2015، لكن قائد الحرس الثوري الإيراني أكد أن العالم يدرك أن إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي.
وتتجاوز التهديدات التي صدرت على لسان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الخطوات الصغيرة التي اتخذتها طهران الأسبوع الماضي لزيادة مخزوناتها من المادة الانشطارية إلى ما يتجاوز حدود الاتفاق النووي.
وقد يثير هذا تساؤلات جدية عما إذا كان الاتفاق الذي يهدف لمنع إيران من صنع سلاح نووي لا يزال قابلا للاستمرار.
وربما تبطل التهديدات إنجازات رئيسية للاتفاق النووي رغم أن إيران لم تذكر تفاصيل مهمة عن المدى الذي قد تذهب إليه للعودة إلى الوضع الذي كان موجودا قبل الاتفاق حين عبر خبراء أوروبيون عن اعتقادهم بأن بإمكان إيران بناء قنبلة في غضون أشهر.
لكن الميجر جنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني نفى يوم الاثنين سعي إيران لامتلاك سلاح نووي.
ونقلت وكالة تسنيم للأنباء، وهي وكالة إيرانية شبه رسمية، عن سلامي قوله ”لماذا يفرضون علينا عقوبات عالمية بشأن القضية النووية في الوقت الذي يدرك فيه العالم أننا لا نسعى لامتلاك سلاح؟ في حقيقة الأمر هم يعاقبوننا بسبب المعرفة“.
وأضاف ”الأسلحة النووية ليس لها مكان في الإسلام. الإسلام لا يقر أبدا أسلحة الدمار الشامل“.
ورغم تهديد إيران برفع مستوى التخصيب، قالت الولايات المتحدة إن العقوبات التي أعادت فرضها على طهران تؤتي ثمارها وحذرت زعماء إيران من الاستخفاف بعزم واشنطن.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أمام مجموعة مؤيدة لإسرائيل في واشنطن ”حملة الرئيس ترامب لممارسة أقصى الضغوط على إيران تنجح“.
وأضاف ”ما زلنا في البداية فحسب… هدف الرئيس هو إبرام اتفاق جديد سيتم التفاوض حوله بما يحقق مصالح الولايات المتحدة“.
وقال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي يوم الاثنين أمام نفس المجموعة ”يجب على إيران ألا تسيء فهم ضبط النفس الأمريكي بأنه ضعف لعزمها“، مؤكدا عزم واشنطن على حماية الأفراد والمواطنين الأمريكيين في الشرق الأوسط.
والدبلوماسية النووية ماهي إلا منحى واحدا من مواجهة أوسع بين واشنطن وطهران تنذر بالتحول إلى صراع مفتوح منذ أن شددت الولايات المتحدة العقوبات على إيران منذ أوائل مايو أيار.
ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي تأكيده إعلان طهران أنها خصبت اليورانيوم بدرجة نقاء تجاوزت 4.5 بالمئة أي بما يفوق نسبة 3.67 بالمئة المسموح بها في الاتفاق.
ويأتي هذا بعد إعلانها قبل أسبوع أنها خزنت كمية من اليورانيوم منخفض التخصيب تتجاوز المسموح به.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تجاوزت نسبة 3.67 في المئة المسموح بها.
وقالت إيران إنها ستتخذ خطوة ثالثة لتقليص التزامها بالاتفاق في غضون 60 يوما.
وقال كمالوندي إن السلطات الإيرانية تبحث الخيارات التي تشمل احتمال تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 بالمئة أو أكثر واستئناف تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي جرى تفكيكها لتحقيق أحد أهم أهداف الاتفاق النووي.
وقال كمالوندي للتلفزيون الرسمي ”هناك خيار نسبة 20 بالمئة وهناك خيارات أكبر لكن كلا منها له مكانه“.
وأضاف أن تشغيل أجهزة الطرد المركزي من طراز آي.آر-2 وآي.آر-2إم من بين الخيارات.
وتضع مثل هذه التهديدات الدول الأوروبية تحت ضغوط أكبر إذ تصر هذه الدول على ضرورة أن تواصل إيران الالتزام بالاتفاق حتى رغم انسحاب الولايات المتحدة منه.
وقال مسؤول بالرئاسة الفرنسية يوم الاثنين إن كبير المستشارين الدبلوماسيين للرئيس إيمانويل ماكرون سيزور إيران يومي الثلاثاء والأربعاء في محاولة لوقف تصعيد التوتر بين طهران والولايات المتحدة.
وقال البيت الأبيض إن ترامب تحدث يوم الاثنين مع ماكرون وإن الزعيمين ”بحثا الجهود المتواصلة لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي“.
* أجهزة طرد مركزي فرضت واشنطن عقوبات تمحو أي فوائد كان من المفترض أن تحصل عليها إيران مقابل موافقتها على كبح برنامجها النووي بموجب الاتفاق المبرم عام 2015.
ودفعت المواجهة الولايات المتحدة وإيران إلى شفا صراع عسكري حيث تراجع ترامب في اللحظات الأخيرة عن توجيه ضربات للجمهورية الإسلامية الشهر الماضي.
وتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20 بالمئة سيكون خطوة مثيرة لأن هذا هو المستوى الذي كانت إيران قد وصلت إليه قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
ويعتبر هذا المستوى مرحلة مهمة في منتصف الطريق للحصول على اليورانيوم الانشطاري بدرجة نقاء 90 بالمئة اللازم لصنع قنبلة.
وكانت إحدى الإنجازات الرئيسية التي حققها الاتفاق موافقة إيران على تفكيك أجهزة الطرد المركزي من طراز آي.آر-2إم التي تستخدم لتنقية اليورانيوم.
وكانت إيران تملك ألفا من هذا الطراز في منشأة نطنز الإيرانية الكبيرة للتخصيب قبل الاتفاق.
وبموجب الاتفاق يُسمح لإيران بتشغيل ما يصل إلى اثنين فقط منها لأغراض الاختبارات الميكانيكية.
لكن الإجراءات الواردة في التهديدات الإيرانية تهدف فيما يبدو إلى أن تكون غامضة لدرجة لا تصل إلى حد تنصل إيران من الاتفاق تماما.
ولم يحدد كمالوندي كمية اليورانيوم التي قد تخصبها إيران بدرجة نقاء أعلى أو عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستفكر في إعادة تشغيلها.
ولم يتطرق إلى أجهزة طرد مركزي أخرى أكثر تقدما مثل جهاز آي.آر-8 الأكثر تطورا. وقالت إيران إن كل الخطوات التي تفكر في اتخاذها يمكن التراجع عنها.
* ”قرصنة“
لا تدعم الدول الأوروبية العقوبات الأمريكية مباشرة لكنها لم تتمكن من التوصل إلى سبل تسمح لإيران بتفاديها.
وفي أزمة منفصلة اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بريطانيا ”بالقرصنة“ بعد احتجازها ناقلة نفط إيرانية الأسبوع الماضي.
وتقول بريطانيا إن السفينة، التي احتُجزت في جبل طارق بعدما صعد إليها جنود من مشاة البحرية الملكية البريطانية، كانت متوجهة إلى سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي.
وقال ظريف على تويتر يوم الاثنين ”إيران ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي ولا تخضع لأي حظر نفطي أوروبي.
على حد علمي يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفا ضد تجاوز الولاية القضائية للحدود الوطنية. احتجاز بريطانيا غير القانوني لناقلة النفط الإيرانية نيابة عن الفريق (باء) هو قرصنة بمنتهى البساطة“.
وتقول إيران إن الاتفاق يسمح لها بالرد على انتهاك واشنطن للاتفاق عن طريق تقليص التزامها وإنها ستفعل ذلك كل 60 يوما.
وقال ظريف في تغريدة أخرى على تويتر الاثنين يوم إنه ليس بوسع القوى العالمية التفاوض على اتفاق مع إيران أفضل من الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015.
وأضاف ظريف ”الفريق باء باع ترامب بحماقة اعتقادا بأن قتل الاتفاق من خلال الارهاب الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى اتفاق أفضل“.