اقيم اليوم الثلاثاء حفل مراسم تنصيب ملك ماليزيا ال16 السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه والملكة عزيزة أمينة ميمونة إسكندرية في طقوس ملكية تقليدية عريقة.
وحضر الحفل جميع سلاطين وحكام الولايات الماليزية وكبار الضيوف من خارج ماليزيا من بينهم سلطان بروناي حسن البلقية معزالدين وولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
واكد الملك الماليزي في خطابه الرئيسي على اقرار سلاطين وحكام الملايو بالإنصاف والعدل والاحترام المتبادل والاقتراب من الشعب.
كما اكد اهمية دور المؤسسة الملكية في ماليزيا لضمان ممارسة الديمقراطية البرلمانية والملكية الدستورية.
وشدد على ان المؤسسة الملكية في ماليزيا ليست مجرد رمز قائلا “انها اساس الوحدة والتقريب بين الشعب الماليزي والحث على الروح الوطنية التي يورثها كل مواطن ويعتز بها لتضفي شعورا بالحب والولاء للبلد”.
ودعا الشعب الماليزي إلى التسامح مع جميع الأعراق والأديان واحترام وتقبل بعضهم بعضا مشددا على عدم “اللعب بالنار” والابتعاد عن التحريض على سوء الفهم عن طريق إثارة المشكلات التي تقوض وتدمر الانسجام في البلاد.
من جهته قدم رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد تهنئة حكومته والشعب الماليزي للملك الجديد وإقرارهم بالطاعة له مؤكدا التزام حكومته في تحقيق برامجها وسياساتها لجعل ماليزيا دولة مزدهرة وكريمة ومستقلة وذلك منذ فوز تحالفه بالانتخابات العامة التي أجريت في مايو العام الماضي.
وركز مهاتير في خطابه أثناء حفل التنصيب على بذل حكومته جهودا كبيرة لرفع الاقتصاد الماليزي وإعادته إلى مساره الطبيعي في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي والاضطرابات الجيوسياسية قائلا أن حكومته تضع رفاهية الشعب وخفض تكاليف المعيشة ضمن أولوياتها في الرؤية الجديدة لعام 2030.
واكد سعيه لاجتثاث جذور الفساد في البلاد والالتزام بتعزيز الكفاءة والشفافية والحوكمة والنزاهة بما في ذلك اتخاذ إجراءات ضد المتورطين في الفساد وإساءة استخدام السلطة من اجل اعادة تحسين صورة الدولة في المشهد العالمي بعد أن شوهتها الحكومة السابقة الملطخة بقضايا فساد محلية ودولية.
وتبدأ مراسم تنصيب الملك الماليزي الجديد بمسيرة لموكبه في شوارع العاصمة كوالالمبور متجهة إلى القصر الوطني الملكي حيث يصطف الماليزيون بين جوانب الشوارع لتحية الملك بهتافات “دولات توانكو” وتعني “يحيا الملك”.
ولدى وصول الملك القصر يتم الترحيب به من قبل رئيس الوزراء الماليزي وأعضاء حكومته إضافة إلى ضباط القوات المسلحة وغيرهم من كبار الشخصيات ثم يقوم سلاح المدفعية الملكي بتحية الملك من خلال إطلاق 21 مدفعا يتفقد بعدها الملك حرس الشرف.
وفي القاعة الرئيسية داخل القصر يدخل كبار الضيوف ثم سلاطين وحكام الملايو لأخذ مقاعدهم ثم يعلن حاجب الملك بوصوله مع الملكة ليأخذا مكانهما في مقدمة القاعة وسط أنغام موسيقى ملكية خاصة تعرف بموسيقى (نوبات) وهي أوركسترا تضم البوق والطبول والأجراس.
وتبدأ المراسم داخل القاعة بتقديم حاجب الملك نسخة من القرآن الكريم للملك دلالة على أن الإسلام هو الدين الرسمي لماليزيا حسب ما ينص الدستور ويقوم الملك بتقبيل المصحف ثم يضعه على محمله الخاص بين الملك والملكة.
بعد ذلك يقوم رئيس الوزراء الماليزي بقراءة وثيقة الإعلان الملكي ما يدل رسميا على اعتلاء الملك العرش كرئيس جديد للدولة وذلك وفقا للبروتوكولات المنصوصة في الدستور الفيدرالي الماليزي.
ويقدم حاجب الملك بعد ذلك “الخنجر الحكومي” حيث يقوم الملك باستلامه وإخراجه من غمده ويلوح به أمام وجهه للدلالة على سلطته الملكية القوية ثم يقوم بوضعه إلى جانب المصحف الشريف.
ويقوم الملك بقراءة “ورقة الإقرار” التي صاغها سلاطين وحكام ماليزيا الأوائل حيث يقف جميع الحضور لدى قراءة نصها الذي يؤكد على تعهد الملك للقيام بواجباته بإخلاص في إدارة الدولة وفقا لقوانينها ودستورها وحماية الدين الإسلامي في دولة العدالة والأمان.
وتنتهي مراسم تنصيب الملك في ماليزيا بإقامة دعاء “سلامة الوطن” يعلن بعدها حاجب الملك باستلام المصحف الشريف من الملك ليقوم بتسليمه إلى رئيس المراسم الملكية الذي يقوم بدوره في إعادته لمكانه المرموق في القصر الملكي.
ويقوم حاجب الملك بتحيته من خلال إطباق اليدين ورفعهما إلى فوق مستوى الرأس ثم المشي بخطوات بطئية تجاهه تتخللها أربعة انحاءات ولدى وصوله بالقرب من الملك يجثو أمامه بإحدى ركبتيه لتقديم ما يجب تقديمه دون أن يرفع رأسه تجاهه ثم يعود للخلف بنفس الطريقة مستقبلا الملك.
وتتميز مراسم تنصيب الملك في ماليزيا باللون الأصفر أو لون الذهب وهو اللون المفضل لدى الملوك ويسمى الملك باللغة المحلية (يانغ دي بيرتوان أغونغ) فيما تسمى الملكة (راجا بيرمايسوري أغونغ).
يذكر أنه تم تعيين السلطان عبد الله ملكا لماليزيا لفترة خمس سنوات اعتبارا من 31 يناير 2019 عقب اجتماع السلاطين ال251 في يناير الماضي وذلك بعد تنحي الملك السابق السلطان محمد الخامس بداية العام الجاري بعد توليه المنصب في 2016.
ولم يتم تقديم سبب رسمي لتنحي الملك السابق بعد زواجه من ملكة جمال روسيا السابقة أوكسانا فويفودينا فيما يعتبر قرار تنحيه عن الملك قبل نهاية فترة ولايته هو الأول من نوعه في تاريخ ماليزيا.
ويعتبر الملك الماليزي الجديد البالغ من العمر 59 عاما سلطانا لولاية (باهانغ) الواقعة في شرق ماليزيا واسمه الكامل السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه ابن السلطان حجي أحمد شاه المستعين بالله.
وتعتبر ماليزيا دولة فيدرالية ملكية دستورية مكونة من 14 ولاية تسع من هذه الولايات هي سلطنات وراثية يتوارث السلاطين فيها الحكم عن آبائهم وأجدادهم أما الولايات الخمس الأخرى فيحكمها حكام للولايات.
ويعد الملك في ماليزيا هو الرئيس الفيدرالي للدولة حيث يتناوب السلاطين التسعة على هذا المنصب من خلال انتخاب مجلس السلاطين وهو نظام وحيد من نوعه من بين 43 دولة تمارس نظام الملكية الدستورية في العالم.
ويقتصر دور الملك في ماليزيا على أمور شعائرية إلى حد كبير حسب النظام الملكي الدستوري في حين تقع السلطة التنفيذية تحت سيطرة رئيس مجلس الوزراء الذي يحمل على عاتقه المسئولية الكاملة أمام البرلمان الماليزي.