بعد مرور عامين على تحرير محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل من قبضة ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) يراود اهالي المدينة هاجس الاعمار وتحسين مستوى الخدمات الاساسية.
وبعد هذين العامين على انتهاء المعارك والعمليات العسكرية في الموصل والتي خلفت دمارا هائلا ومجازر بحق سكانها فضلا عن موجات النزوح والانتهاكات والجرائم البشعة التي تعرض لها المدنيون العزل باتت مدينة الموصل تواجه تحديات ضخمة في اعادة اعمارها.
وتعاني المدينة من الدمار لاسيما بالجانب الأيمن فيما لا تزال احياء سكنية كاملة في الموصل تعيش تحت الانقاض ما يجبر الكثير من اهاليها خصوصا من سكان الموصل القديمة على البقاء في مخيمات النازحين لحين اعمار مناطقهم وبيوتهم في وقت تشكو الحكومة المحلية من شح المخصصات المالية المطلوبة للمضي قدما نحو جهود إعادة الإعمار.
وقال محافظ نينوى منصور المرعيد في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان المخصصات المالية الممنوحة لمحافظة الموصل لا تتناسب مع حجم الدمار الحاصل فيها والاحتياجات الملحة الاخرى للمحافظة مؤكدا انهم يواجهون تحديات الزمن والتمويل المالي لحملة اعادة الاعمار. وقال المحافظ انه حسب ورقة عمل الحكومة المحلية فقد اعطيت الاولوية في حملة اعادة الاعمار للجسور والمستشفيات والمدارس مشيرا الى ان عمليات اعادة تأهيل الطرق والخدمات العامة ستأتي بالدرجة الثانية.
واكد التوصل الى اتفاقية مع شركة فرنسية لاعادة تأهيل مطار الموصل الذي من المتوقع ان يفتتح في يونيو 2020.
واضاف أن عملية الإعمار بدأت بالفعل وانهم انتهوا من موضوع المياه والصرف الصحي بينما يقومون حاليا بتأهيل الطرق وتعبيدها.
وفيما يتعلق بالدور في المنطقة القديمة أوضح أنها تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بطلب من الحكومة العراقية.
وبالنسبة للتخطيط العمراني للمحافظة قال انهم باشروا وضع التصميم الأساسي لشكل المدينة القديمة مضيفا “ومن ثم سننطلق مع اليونسكو بعد توفير مصادر التمويل بإعادة بناء الدور والمؤسسات”.
وفيما يتعلق بفرص الاستثمار في الموصل واذا ما كانت البيئة امنة لتحقيق ذلك قال المحافظ إن “الاستثمارات مرتبطة بالوضع الأمني..الوضع الامني مستقر في جميع انحاء المحافظة.. نحن نعتمد على الشركات الاستثمارية لتنفيذ مشاريع وخلق فرص عمل في المدينة”.
ولفت الى انه سيتم تنفيذ عملية اعادة الاعمار وفقا لحجم المخصصات المالية وبالتنسيق مع الشركات المستثمرة.
وأشار المرعيد الى ان تمكين العائلات النازحة من الرجوع الى مناطقها يعد امرا مهما يوازي اهمية اعادة الاعمار مضيفا أنه “تحد يجب على الحكومة المحلية وحكومة بغداد تجاوزه”.
واستنادا الى الامم المتحدة فان 65 بالمئة من بيوت وشقق الموصل تضررت.
ورغم ان الحياة استؤنفت من جديد في النصف الشرقي من المدينة فان نصفها الغربي الذي شهد معظم المعارك ما يزال ملوثا إلى حد كبير بالعبوات الناسفة ومخلفات الحرب. وبحسب تقارير صحفية ومنظمات دولية فقد خلفت المعارك في الموصل عددا كبيرا من القتلى والجرحى فضلا عن 11 ألف مفقود فيما انتشل الدفاع المدني قرابة 3 آلاف جثة من تحت الأنقاض وتعرض أكثر من 21 ألف منزل للدمار.
وخلف القصف والمعارك أيضا دمارا هائلا بنحو 50 موقعا أثريا ودينيا بالإضافة إلى دمار نحو 30 بالمئة من الطرق والجسور فضلا عن تدمير 9 مستشفيات ونحو 80 مركزا صحيا.
وبحسب تقارير دولية فقد خلفت المعارك خسائر مادية تقدر بنحو 50 مليار دولار.
وتقدر تكلفة إعادة إعمار المدينة بنحو 100 مليار دولار وقد تستمر عمليات الإعمار نحو 10 سنوات. وعلى الأرض تواجه جهود إعادة الإعمار عوائق أمنية إذ تبقى المدينة مشلولة جراء المتفجرات والذخائر الفتاكة المخبأة تحت الأنقاض.
ويرى مدير برامج دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في العراق بير لودهامار ان الموصل اليوم تشكل مقياسا لمدى صعوبة التعافي حتى بعد انتهاء القتال.
وأشار إلى وجود حوالي سبعة ملايين طن من الأنقاض تخفي عبوات ناسفة وذخائر تقليدية لم تنفجر.
كما أكدت منظمة الأمم المتحدة أن عملية إعادة إعمار الموصل ستستغرق جيلا على الأقل نظرا لحجم الدمار الذى نجم عن المعارك العسكرية التي شهدتها المدينة.
وبشأن الجانب التربوي أشار المدير العام لتربية محافظة نينوى وحيد فريد عبدالقادر في تصريح ل(كونا) إلى أن عدد المدارس التي دمرت كليا في نينوى بلغ أكثر من 70 مدرسة أحيلت إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي باشر إعادة إعمار مجموعة كبيرة منها.
وأوضح أن عدد المدارس المتضررة جزئيا والتي أعيد إعمارها حتى الآن بلغ 1850 مدرسة من مجموع 2164 مدرسة في عموم محافظة نينوى لافتا إلى أن إعادة إعمار هذه المدارس المتضررة جزئيا تمت من خلال منظمات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ومنظمات محلية إضافة إلى الدعم المالي من وزارة التربية.
وعن عدد المدارس التي تحتاجها محافظة نينوى ومدينة الموصل أوضح عبدالقادر أن هناك حاجة إلى بناء 500 مدرسة جديدة لسد العجز بغض النظر عن المدارس المتضررة حاليا عازيا ذلك إلى أن الموصل لم تشهد بناء أي مدرسة جديدة منذ عام 2014.
وأشار إلى أن نقص أعداد الكوادر التدريسية يعد أحد أكثر المعوقات التي تعتري التعليم في نينوى وأن وزارة التربية دعت وزارة المالية إلى ضرورة إطلاق التعيينات لتربية نينوى “ونحن في انتظار الإجراءات”.
ولفت إلى أن عدد الطلاب الملتحقين بالدوام الرسمي في العام الماضي في عموم مدارس محافظة نينوى بلغ 900 ألف طالب وطالبة وبذلك تكون تربية نينوى قد حققت الخطة التي كانت قد وضعتها مسبقا والتي هدفت إلى تحقيق نسبة وزارة التربية للطلاب الملتحقين بالمدارس بحسبه.
وعندما يتم الحديث عن اعمار العراق فلابد ان يذكر اسم الكويت التي تبنت مؤتمر اعادة اعمار العراق في فبراير 2018 بمشاركة عدد من الدول المانحة والمنظمات الدولية والاقليمية برئاسة خمس جهات هي الاتحاد الاوروبي والعراق والكويت والامم المتحدة والبنك الدولي والذي انتهى بإجمالي تعهدات بلغت 30 مليار دولار.
وكان صندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة وقع في وقت سابق من العام الماضي اتفاقية مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية تتضمن تخصيص الكويت مبلغ 100 مليون دولار لدعم القطاع الصحي في المناطق المتضررة من الحرب في العراق.
كما قامت الكويت بدعم القطاع التربوي بشكل كبير عن طريق الجمعية الكويتية للاغاثة وجمعية الهلال الأحمر الكويتي من خلال إنشاء المدارس الكرفانية المتكاملة في مختلف المناطق المحررة وتجهيزها بكل ما تحتاجه من مستلزمات دراسية وكذلك إعادة ترميم المدارس المدمرة وتجهيزها بالمستلزمات الدراسية المختلفة بعد تحرير المدن في مختلف المحافظات.
كما تضمن الدعم الذي تقدمه الكويت إعادة تأهيل المؤسسات التربوية في جامعة الموصل عن طريق افتتاح ثلاثة مختبرات طبية لتسهم من خلالها في الرقي بالمستوى التعليمي المتخصص بالمجال الطبي في جامعة الموصل.
وتبنت الكويت إعادة تأهيل تلك المختبرات من ناحية ترميم البناء وتجهيزها بالأجهزة والمواد المختبرية اللازمة لإعادة العمل بها وفقا للمواصفات العالمية الدقيقة والمضادة للحريق والتلوث.
وبحسب اخر احصائية من قبل القنصلية العامة للكويت في اربيل فان الكويت قامت بإنشاء 54 مدرسة كرفانية مع ملحقاتها مع توفير 2780 سبورة و8 آلاف طاولة مدرسية اضافة الى توزيع 40 ألف حقيبة على الطلبة كما تمت اعادة تأهيل 11 مدرسة.