قال دبلوماسي أمريكي أمس الأربعاء إن “الجميع كان جزءاً من جهود إدارة الرئيس دونالد ترامب لحمل أوكرانيا على إجراء تحقيقات قد تصب في النهاية في صالح الرئيس الأمريكي، بمن في ذلك نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو”.
وأضاف السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي جوردون سوندلاند في شهادته أمام التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون أنه “اتبع أوامر الرئيس بالعمل مع المحامي الشخصي لترامب، رودي جولياني الذي كان بدوره يدفع أوكرانيا لفتح تحقيقين قد يساعدان ترامب في حملة إعادة انتخابه في 2020”.
وكان مثول سوندلاند مهماً لأنه كان مؤشراً على أن مجموعة أكبر مما كان معروفاً من المسؤولين الأمريكيين البارزين كانت على دراية بحملة الضغط على أوكرانيا، وأدلى سوندلاند وهو صاحب فنادق ومتبرع سياسي لترامب، بشهادته تحت القسم في اليوم الرابع من الجلسات العلنية في تحقيق المساءلة.
ويمكن أن يقود التحقيق مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون إلى الموافقة على توجيه تهم رسمية لترامب ثم إرسالها إلى مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون لإجراء محاكمة بشأن عزل الرئيس من منصبه، ولا تحظى فكرة عزل ترامب بتأييد كبير بين الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ.
وبينما قال الديمقراطيون إن شهادة السفير عززت قضيتهم في عزل ترامب، قال البيت الأبيض والرئيس نفسه إن الشهادة برأته، وقال ترامب للصحافيين عن إفادة سوندلاند “أعتقد أن الأمر كان رائعاً، أعتقد أن عليهم أن يغلقوا (التحقيق) الآن”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام في بيان “على الرغم من أن معظم إفادة السفير سوندلاند تتعلق بافتراضاته ومعتقداته، بدلاً من الحقائق الصلبة، فقد شهد بأن الرئيس ترامب لم يخبره أبداً أن هناك صلة بين اجتماع في البيت الأبيض أو المساعدات لأوكرانيا والحصول على تصريح علني من الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي”.
وقال سونلاند إنه “أرسل رسالة بالبريد الإلكتروني لمسؤولين من بينهم بومبيو والقائم بأعمال كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني ووزير الطاقة ريك بيري في 19 يوليو الماضي، مفادها بأن الرئيس الأوكراني الجديد مستعد لطمأنة ترامب بأنه سيجري تحقيقاً كاملاً وشفافاً وسيسلك كل الطرق.
وأضاف عن رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلها قبل الاتصال الهاتفي في 25 يوليو الماضي بين ترامب وزيلينسكي الذي أدى إلى فتح التحقيق في القضية “الجميع كان جزءاً من الأمر، لم يكن سراً”.
ويركز التحقيق على المكالمة الهاتفية التي طلب فيها ترامب من زيلينسكي فتح تحقيق فساد مع بايدن وابنه هنتر وفي أمر نظرية لا تستند إلى أساس بأن أوكرانيا وليست روسيا، هي التي تدخلت في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وعمل هنتر بايدن في مجلس إدارة شركة بوريسما الأوكرانية.
ويحقق الديمقراطيون أيضاً فيما إذا كان ترامب أساء استغلال سلطات منصبه بحجب مساعدات أمنية لأوكرانيا بقيمة 391 مليون دولار، كوسيلة للضغط عليها لإجراء التحقيقات التي تصب في صالحه، وقدمت الأموال لكييف في وقت لاحق، وكان الكونغرس قد أقر المبلغ لمساعدة أوكرانيا على محاربة الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا في الجزء الشرقي من البلاد.
ويحظر القانون الاتحادي على المرشحين قبول المساعدة الأجنبية في الانتخابات، وبايدن من المرشحين الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي لمواجهة ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2020، واتهم ترامب بايدن بالفساد دون تقديم أدلة ونفى بايدن ارتكاب أي مخالفات.
وصور سوندلاند نفسه كمشارك غير مرحب بالضغط على أوكرانيا وجادل بأنه أبقى رؤساءه في وزارة الخارجية والبيت الأبيض على علم بجهوده، واستشهد السفير برسالة البريد الإلكتروني التي أرسلت في 22 أغسطس الماضي لبومبيو بشأن جهوده لحمل زيلينسكي على الالتزام بإجراء التحقيق، مشيراً إلى أن ذلك ربما يكون سبيلاً للخروج من المأزق بشأن المساعدات الأمنية والاجتماع بين زيلينسكي وترامب.
وتحدث عن اجتماع حضره مع بنس قبل لقاء الأخير مع زيلينسكي يوم الأول من سبتمبر الماضي، وقال إنه أبلغ بنس آنذاك بأن لديه مخاوف من أن تأخير المساعدات قد يرتبط بمسألة التحقيقات.
وفي شهادته، قال سوندلاند إن “بنس استمع لتعليقاته وأومأ برأسه لكنه لم يرد عليه”، وأصدر مساعدو بومبيو وبنس بيانات نفي.
وقال مدير مكتب بنس مارك شورت في بيان “لم يجر نائب الرئيس أبداً محادثة مع جوردون سوندلاند بشأن التحقيق أمر في بايدن أو بوريسما أو الإفراج المشروط عن المساعدات المالية لأوكرانيا بناء على تحقيقات محتملة”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورجان أورتاجوس “لم يبلغ جوردون (سوندلاند) الوزير بومبيو قط بأنه يعتقد أن الرئيس ربط المساعدات بالتحقيقات في أمر منافسين سياسيين، وأي تلميح بالعكس هو كذب صريح”.
كما قال سوندلاند إن ترامب أبلغه ووزير الطاقة بيري ومبعوث واشنطن الخاص أوكرانيا آنذاك كيرت فولكر بالعمل مع جولياني، رئيس بلدية نيويورك السابق الذي لم يشغل أي منصب في حكومة الولايات المتحدة، بشأن سياسة أوكرانيا.
وتابع “ببساطة لم نرغب في العمل مع السيد جولياني لكن نفذنا الأوامر التي صدرت لنا، أدركنا جميعاً أننا إذا رفضنا العمل مع السيد جولياني، فسنفقد فرصة مهمة لتوطيد العلاقات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، لذلك اتبعنا أوامر الرئيس”.
وذكر أن الجهود التي بذلها جولياني لحمل زيلينسكي على التحقيق في أمر بايدن وابنه، كانت مقايضة مقابل ترتيب زيارة للبيت الأبيض للرئيس الأوكراني، وسبق أن قال ترامب إنه لم يرتكب أي خطأ فيما يتعلق بمسألة أوكرانيا ونفى تحديداً اللجوء لمقايضات.
ودافع الجمهوريون عن ترامب بالإشارة إلى تصريح سوندلاند بأنه كان يفترض أن المساعدات الأمنية لأوكرانيا كانت مرتبطة بالتحقيقات، لكن لم يخبره أحد بذلك.
وكتب ثاني أكبر جمهوري في مجلس النواب ستيف سكاليس، على تويتر قائلاً “كل هذا يعتمد على افتراضات تبين أنها خاطئة، لماذا لا يزال هذا السيرك منصوباً؟”، ولدى سؤاله في بروكسل عن شهادة سوندلاند بأنه كان جزءاً من الدائرة التي علمت بالأمر، قال بومبيو للصحافيين “لم أر الشهادة”.