قالت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، إن مجموعة البيانات الجديدة الواردة من المسبار “باركر”، توفر رؤية فريدة للرياح الشمسية والطقس في الفضاء بصورة عامة أكبر، حيث مرت المركبة من الجزء الأبعد للغلاف الجوي للشمس.
وقدم علماء الفلك في “ناسا” تفاصيل تتعلق بأول نتائج منشورة من “المسبار باركر”،الذي اقترب من الشمس مسافة 24 مليون كيلومتر، بحسب ما ذكرت “رويترز”.
وأظهرت النتائج تفاصيل جديدة حول كيفية تأثير الشمس في طقس الفضاء، وهي معلومات من شأنها أن تعيد تشكيل فهم العلماء للرياح الشمسية العنيفة التي قد تشوش على الأقمار الصناعية وعلى الأجهزة الإلكترونية على الأرض.
وقالت مديرة قسم الفيزياء الشمسية في وكالة الفضاء الأميركية نيكولا فوكس: “من المؤكد أننا كنا نتطلع إلى رؤية ظواهر جديدة وعمليات جديدة عندما نقترب من الشمس، وقد وجدناها بالتأكيد”.
وأضافت فوكس، في تصريح لرويترز:”بعض المعلومات التي توصلنا إليها أكدت إلى حد كبير ما توقعناه، غير أن بعضها لم يكن متوقعا على الإطلاق”.
وتبعد الأرض عن الشمس حوالي 150 مليون كيلومتر، واستطاع المسبار أن يقترب من الشمس مسافة 24 مليون كيلومتر لجمع بيانات استخدمت في الدراسات المنشورة في دورية “نيتشر”.
ومن المنتظر أن يقترب المسبار الشمسي “باركر” في وقت لاحق لمسافة 6.5 ملايين كيلومتر من سطح الشمس، وهي مسافة أقرب بنحو 7 مرات مما وصلت إليه أي مركبة فضاء سابقة.
يشار إلى “ناسا” أطلقت في العام 2018 المسبار “باركر”، الذي يقدر حجمه بحجم سيارة عادية، لدراسة الشمس والرياح الشمسية والهالة الشمسية المعروفة باسم “كورونا”.
ويأمل العلماء أن يوفر المسبار، الذي بلغت تكلفته 1.5 مليار دولار، ورحلته إلى الشمس، معلومات حول كيفية عمل أقرب النجوم إلى الأرض على الإطلاق، وعلى وجه التحديد كيفية حدوث التدفقات الحرارية من الشمس.
ونظرا لأنه سيقترب من الشمس كثيرا، فقد تم تصميم المسبار بحيث يتحمل حرارة تصل إلى 1300درجة مئوية، مع العلم أن حرارة سطح الشمس تقدر بحوالي 5600 درجة مئوية.
ومن المنتظر أن يقوم المسبار بأربع وعشرين عملية تحليق قرب هالة الشمس، ستنتهي كلها في العام 2024، حيث سينتهي محترقا بحرارة الشمس، أثناء توجهه إليها في نهاية المطاف.
وكان المسبار تعرض لحرارة شديدة وهو يحلق في الجزء الأبعد للغلاف الجوي للشمس، الذي يعرف باسم الهالة الشمسية ويطلق الرياح الشمسية، وهي جزيئات ساخنة ونشطة ومشحونة تتدفق من الشمس وتملأ المجموعة الشمسية.
وكان يعتقد في السابق أن التذبذبات في سرعة هذه الجزئيات المشحونة التي تتدفق من الهالة الشمسية تتبدد تدريجيا مثلما تتبدد الموجات الصوتية التي تحدث بعد النقر على وتر غيتار من المنتصف.
ووفقا لأحد الباحثين، فإن من بين “المفاجآت الكبيرة حقا” هي رصد صعود مفاجئ وحاد في سرعة الرياح الشمسية كان من الشدة بحيث يجعل المجال المغناطيسي يدور حول نفسه في ظاهرة تسمى بظاهرة التعرجات.
وذكر الباحث الرئيسي في جامعة ميشيغان، جاستن كاسبر، الذي قام فريقه ببناء أداة تستشعر الرياح الشمسية في المسبار باركر: “نجد هذه الموجات المنفصلة والقوية التي تجرف مركبة الفضاء، وهي من نوع يشبه موجات مارقة في المحيط”.
وأضاف أن هذه الموجات تحمل قدرا هائلا من الطاقة، مشيرا إلى أنها “ستغير بقوة نظرياتنا عن الكيفية التي تسخن بها الهالة والرياح الشمسية”.
يشار إلى أن المسبار الشمسي “باركر” كان قد أطلق في أغسطس الماضي بسرعة تصل إلى 700 ألف كيلومتر في الساعة، وهو بالتالي أسرع من أي مركبة صنعها الإنسان في التاريخ.