الانباء – في البداية يرى العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د ..محمد الطبطبائي أن البحث عن زوجة من خلال الإنترنت لا يتناسب كثيرا مع مجتمعاتنا المحافظة التي يتم الاختيار فيها وفق معايير مختلفة، وشبكة المعلومات «الإنترنت» عبارة عن إحدى وسائل الاتصال الحديثة ولا يتصور وجود زواج من خلال هذه الوسيلة، وقد يتصور البحث عن زوجة او الخطبة من خلاله ويعامل معاملة اي وسيلة اتصال.
وأكد د.الطبطبائي ان البحث عن زوج او زوجة من خلال الإنترنت له آثار سلبية عديدة، منها عدم المصداقية في كثير من الأحيان، سواء من الرجل او المرأة، ومن جهة اخرى فيه تغرير كل طرف بالآخر، حيث يذكر كل طرف صفات غير حقيقية لا تبين بالصورة او الصوت، وكثير من الأحيان لا توجد الصورة، بل يشعر كل من يدخل على صفحة اعلانات الزواج بعدم الجدية، ومجرد التسلية، خصوصا من عنوان الإعلان وطريقة عرض المعلومات، بالإضافة الى ان هذا النوع من الزواج يخالف الحياة الاجتماعية التي تحكمها عادات وتقاليد.
وحول عرض المرأة نفسها للزواج، قال: انه يجوز ان تعرض المرأة نفسها لكن الأفضل ان تستعين بغيرها كما فعلت امنا خديجة رضي الله عنها.
فتح لباب الشر
ويقول أستاذ الفقه د.عدنان الرشيدي: الحمد لله الذي عظم عقد النكاح فجعله ميثاقا غليظا، ورفع مقام المرأة فجعل عليها وليا مقيما، والصلاة والسلام على من اوصى امته بالنساء فقال: «استوصوا بالنساء خيرا» فإن من اعظم الاستيصاء بهن حفظهن بالديانة وصونهن عن اهل العبث والخيانة، ولا شك ان مكانة المرأة عظيمة في دين الله فهي امانة استودعها الله الأولياء، وجعلها الله سترا من النار لمن احسن تربيتها، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار، وروى مسلم عن انس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو – وضم اصابعه – وفي رواية الترمذي: دخلت انا وهو الجنة كهاتين – وأشار بإصبعيه».
وأضاف، وللأسف فمع هذه المكانة العظيمة للمرأة فقد انتشر في بعض رسائل الإعلام ممن ينتسب للعلم قوله جواز عرض المرأة نفسها في الشبكة العنكبوتية لمن يرغب بنكاحها، ولا شك ان هذا القول غلط وجناية على شرع الله، وامتهان لكرامة المرأة، فكيف يقال لبنات المسلمين ذوات الخدور بجواز مراسلة الشباب المجهولين عبر الشبكة، وأن ينسب هذا لشرع الله، او ان يصدر ذلك ممن يدعي العلم والانتساب للشرع، يرى د.الرشيدي ان هذا الامر خطير وفتح لباب الشر، وعلى المسلم ان يتثبت فيما ينسبه لشرع الله حتى لا يتقوّل على الله بلا علم، فإنه من المعلوم ان المرأة إذا راسلت رجلا وراسلها ولو بنية صالحة ثم لم يقدر الله تعالى لها الزواج منه، فقد تقع في شباك التعلق به ولا يخفى ما في التعلق من شر وما يفتحه من فتنة وكيف وهو ينشغل عن طاعة الله وعلى ما يسببه من امراض للقلب وميل للمعاصي، على ان اكثر ما يقع الآن من ميل المرأة إلى رجل معين يكون بأسباب محرمة كالتساهل منها في مخاطبته والجلوس معه وقد يكون صاحب غرض سيئ فيستغل هذا العرض منها في الزواج في الوصول الى بعض اغراضه، فيجب الحذر من هذا وحفظ العرض عما يدنسه.
وأشار د.الرشيدي انه قد حذر اهل العلم من ذلك، قال العيني رحمه الله: «وأما التي تعرض نفسها على الرجل لأجل غرض من الأغراض الدنيوية فأقبح ما يكون من الأمر وأفضحه»، عمدة القارئ شرح صحيح البخاري.
ونصح د.الرشيدي المرأة ان تلمح لوليها برغبتها بالزواج من الرجل الصالح الموثوق بدينه وخلقه دون التصريح للزوج بذلك، ويمكن الاستدلال بما فعلته احدى المرأتين حين قالت لأبيها – عن موسى عليه السلام – (قالت إحداهن يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين – القصص: 26).
قال القرطبي: قوله تعالى (قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج – القصص: 27).
فيه عرض الولي ابنته على الرجل، وهذه سنة قائمة عرض صالح مدين ابنته على صالح بني اسرائيل وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على ابي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن الحسن عرض الرجل وليته والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح، قال ابن عمر لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان: «ان شئت انكحتك حفصة بنت عمر».
نسأل الله ان يوفق جميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح وتعظيم حرمات الله إنه ولي ذلك والقادر عليه.