أكدت لجنة الحدود الكويتية المعنية بالتفاوض مع الجانب السعودي بشأن المنطقة المقسومة أهمية الاتفاقية التي تم التوقيع عليها اخيرا مع المملكة معتبرة أنها تمثل توافقا تاريخيا يجسد ويعكس العلاقات الأخوية التاريخية بين الطرفين.
جاء ذلك في حلقة خاصة في تلفزيون الكويت أمس السبت استضافت رئيس اللجنة السفير مجدي الظفيري ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية نائب رئيس اللجنة السفير غانم الغانم ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية عضو ومقرر اللجنة المستشار سالم الشبلي وحاورهم الاعلامي محمد الخشمان.
وتناولت الحلقة موضوع توقيع دولة الكويت والمملكة العربية السعودية الشقيقة اتفاقية ملحقة بتقسيم المنطقة المحايدة وايضا اتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومية بين البلدين ومذكرة تفاهم بين الحكومتين تتعلق باستئناف الانتاج النفطي بين الجانبين.
وفي البداية أكد السفير الظفيري ان هذا التوافق التاريخي يعد تجسيدا للعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين قائلا ان هذه الاتفاقية تشكل أحد أهم الانجازات التاريخية وتعكس مستوى العلاقات المتقدمة بين البلدين “فعليا وليس لفظيا”.
وأكد أن الكويت بقيادة صاحب السمو والمملكة بقياده أخية خادم الحرمين الشريفين جسدت اطارا واضحا لمستوى العلاقة مبني على اساس من الصراحة والخصوصية والتوافق والمصلحة المشتركة وفق قاعدة العمق الاستراتيجي الممتد بين الدولتين.
واشار الى أن القيادة السياسية حرصت على اعطاء توجيه للفرق السياسية والقانونية والفنية بأن يكون اطار التفاوض في اطار الاتفاقيات وفي حدود التوافق للوصول الى اتفاق مع احترام كامل لخصوصية وجهة النظر القانونية في حق الاختلاف وليس الخلاف.
ورأى أن ذلك تكلل بمسيرة طويلة بعد 10 سنوات بتوافق شامل كامل على اساس الاتفاق الاخير الذي تم توقيعه الاسبوع الماضي والذي يعتبر أحد انجازات العلاقات الثنائية كنموذج للعلاقات بين البلدين والعلاقات الاستراتيجية الممتدة بينهما.
وقال “انا اليوم استطيع أن اتكلم وعلى ارض صلبه كيف استطعنا وبتوجيه سام من سمو أمير البلاد أن لا نتجاوز حدود خصوصية تلك العلاقة ومستوها السياسي” والحفاظ على زخمها في ظل التوجيه السامي وبدعم من الحكومة ووزير الخارجية انذاك سمو رئيس الوزراء الحالي الشيخ صباح الخالد.
واضاف انه بناء على التوجيهات المباشرة لاعضاء الفريق التفاوضي ولجنة الحدود “خلقنا ما يسمى بالتوافق الرسمي للتعامل مع الاشقاء في المملكة ونحن ننطلق من وحدة المصير والمصلحة المشتركة والهدف الاتفاق وليس الافتراق” مؤكدا ان السعودية عمق استراتيجي للكويت كما أن الكويت عمق استراتيجي للسعودية.
واعتبر ان هذا الانجاز وثق الروابط والعلاقات والمصالح المشتركة وخلال تجربة السنوات ال10 تحصنت العلاقة وتكللت بهذا الانجاز التاريخي مؤكدا ان التوصل الى توافق يعكس استراتيجية العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين وما بينهما من حلف استراتيجي وعمق استراتيجي.
ومن جانبه، تحدث السفير الغانم عن الجانب القانوني للاتفاقية قائلا ان التعليمات كانت واضحة بأنه “لا يوجد مكسب أو خسارة واننا اذا توصلنا الى اتفاقية فان المكسب للطرفين” مؤكدا ان ما تحقق يعتبر نموذجا يحتذي به لدى الدول.
واضاف ان الاطار القانوني للمنطقة تاريخيا يعود الى اتفاقية العقير في عام 1922 والتي اوجدت منطقة محايدة في ذلك الوقت حيث استمر العمل بين الدولتين الشقيقتين في هذه المنطقة وكان هناك صعوبات نظرا للصلاحيات المتداخلة.
واوضح أن هذا الوضع استمر لغاية العام 1965 حين رأت قيادتا البلدين ان يتم تقسيم المنطقة وتم ابرام اتفاقية التقسيم عام 1965 واصبحت هذه المنقطة تسمى المنطقة المقسومة.
وقال انه تم تقسيم المنطقة الى جزء شمالي يضم الى اقليم دولة الكويت وجزء جنوبي يضم لاقليم المملكة العربية السعودية الشقيقة على أن تبقى ثروات المنطقة مشتركة ومملوكة للجانبين في جزأيها البري والبحري.
وافاد أنه استمر العمل بموجب نموذج الأرض المقسومة الى ان تم الانتهاء في سنة 2000 من تحديد المنطقة البحرية المحاذية للمنطقة المقسومة.
وأكد السفير الغانم ان اتفاقية العقير في عام 1922 أوجدت منطقة محايدة الحقوق للدولتين متساوية الحقوق السيادية على الأرض وما تحت الارض الى ان جاءت اتفاقية عام 1965 التي قسمت المنطقة الى شمالية كويتية وجنوبية سعودية كسيادة وظلت ثروات المنطقة مشتركة بين البلدين.
واضاف ان الدولتين ارتأتا في ذلك الوقت ان يتم استثمار واستغلال هذه الثروات عن طريق العمليات المشتركة مشيرا الى ان العمل استمر بهذا الشكل حتى هذه الفترة ضمن هذا الاطار وضمن هذه المنطقة المقسومة حيث يتم تقسيم الثروات مناصفة بين البلدين.
وردا على سؤال حول اتفاقية عام 2000 بشأن المنطقة المغمورة المحاذية قال السفير الغانم ان وضع المنطقة المغمورة مماثل للمنطقة المقسومة بحيث يكون الجانب الشمالي للكويت والجنوبي للمملكة.
وذكر ان اتفاقية عام 2000 جاءت لتحدد حدود هذه المنطقة بشكل دقيق باشراف فريق مشترك من الجانبين كما تم الاستعانة باستشاري عالمي لتحديد الحدود وخط الوسط.
وقال ان الاتفاقية قامت ايضا اضافة الى الحدود بتحديد الاستثمار النفطي المشترك بحيث تقوم شركة كويتية مقابل شركة سعودية للعمل بنظام العمليات المشتركة.
ومن ناحيته قال المستشار سالم الشبلي ردا على سؤال “لقد عملنا جميعا بتوجيهات من سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء عندما كان وزيرا للخارجية ومعالي وزير الخارجية الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح عندما كان مساعدا للوزير اضافة الى نائب وزير الخارجية السفير خالد الجارالله”.
وأكد الشبلي ان الاتفاقيات بين البلدين نظمت العلاقات بالمنطقة المقسومة وكل بلد يطبق القوانين السارية لديه في الجزء الذي ضم الى اقليمه من هذه المنطقة.
وردا على سؤال أكد رئيس اللجنة السفير الظفيري ان اتفاقية عام 1920 حددت تلك الحدود واعتبرت ذلك وضعا مؤقتا لا يمكن في ذهن المشرع في ذلك الوقت ان تستمر المنطقة المحايدة وذلك بسبب التداخل.
وقال انه كان لدولة الكويت حقوق و”كنا قد حجزنا ارضا في الخفجي في سنة 1958 وما دامت الحقوق متساوية فيمكن حجز ارض والقيام بعملية استكشاف واعطاء امتياز وهذه الحقوق التي للكويت كانت مساوية ايضا لحقوق الاشقاء في المملكة”.
وافاد أنه نتيجة لهذا التداخل الكبير بين نظامين واجراءات وقوانين قررت قيادتا البلدين في ذلك الوقت ضرورة وضع حد لهذا التداخل في الاجراءات لما له من تأثير على موضوع استغلال الثروة فبدأت المفاوضات في عام 1960 وانتهت بعد خمس سنوات الى اتفاق عام 1965 بقرار تقسيم المنطقة مناصفة.
واوضح أن اتفاقية عام 1965 خلقت استثناء واحد وهو احترام الامتيازات القائمة الامتياز الكويتي الممنوح لشركة الزيت العربية والذي ينتهي في عام 2000 والبحري عام 2003 وكذلك الامتياز الممنوح لشركة (تكساكو) من جانب الحكومة السعودية بكل تفاصيله مما رتب وضعا فوق مستوى القوانين.
ولفت الى ان الاتفاقية البحرية استكمال لاتفاقية عام 1965 مبينا ان الاتفاق النهائي هو نتاج لانتهاء ما يسمى بالامتيازات السارية المفعول والقائمة وانتهت في فبراير 2009.
وقال انه بالنسبة للامتياز السعودي في القسم الشمالي وهذا يرتب واقعا جديدا ومن هنا “انطلقنا الى مسألة التفكير في كيفية ادارة هذه المنطقة والثروات المشتركة بعد انتهاء الامتيازات”.
ورأى أنه “من حسن الطالع فان انتهاء الامتياز الكويتي في منطقة الخفجي اسس لما يسمى بالية العمليات المشتركة وهو يقوم بعمليات الاستكشافات المتكاملة لكل مصادر الهايدروكربون في المنطقة وتكاليفها مناصفة”.
وأكد ان الاتفاق الاخير يمثل انعكاسا لتوافق واتفاق لحسم القضايا كلها باعتبار ان خط التقسيم يصبح خطا حدوديا نهائيا بين البلدين وتطبق القوانين السارية على كل الاعمال الفنية والنفطية بما يحفظ المبدأ الاساسي الذي “تمسكنا به مع اشقائنا في المملكة” بأن تكون الحقوق الثروات مناصفة في كامل المنطقة المحايدة.
واضاف السفير الظفيري ان هناك الية مشتركة لادارة الثروات المشتركة والاستثمار “بيننا وبين الاشقاء في المملكة لا حدود له” ومذكرة التفاهم تكلمت عن أوجه التعاون سواء في الاستثمارات في البحر أو حقل الدرة او الحقول على الخط الدولي النهائي وكذلك اليات حقل الخفجي وعودة الانتاج وغيرها من الامور.
ومن جانبه أوضح الغانم ان المنطقة المحايدة التي اصبح اسمها عام 1965 المنطقة المقسومة الى جانب ما يقابلها من بحر وسميت بالمنطقة المغمورة تم تنظيم علاقة الشركات النفطية العاملة فيها بموجب اتفاقات فنية نظمت بينها مسألة الانتاج والتصدير وتكاليف الانتاج وغيرها واوكل العمل للجانبين والشركات النفطية العاملة بالجانبين.
المستشار سالم الشبلي أكد بدوره ان الحدود كانت قائمة منذ اتفاقية عام 1922 ثم اتفاقية عام 1965 ثم اتفاقية عام 2000 بشأن المنطقة المغمورة وان الاتفاقية الحالية جاءت لتأكيد مفاهيم اثبتت تطبيقا عمليا.
وقال ان الاتفاقية اكدت مجموعة من النقاط منها الخط الفاصل باعتباره خطا دوليا بين البلدين حيث انه كان يشار اليه سابقا على انه خط تقسيم في عام 1965 كما أكدت الاتفاقية تطبيق السيادة الكاملة لدولة الكويت على الجزء الشمالي والمنطقة المغمورة والسيادة الكاملة للشقيقة السعودية على الجزء الجنوبي.
واكد انه لم تكن هناك في السابق نصوص واضحة تنص على ذلك مبينا ان الاتفاقية بينت ايضا ان الثروات تبقى مشتركة بين البلدين وهذا منصوص عليه سابقا فيما اكدت الاتفاقية حق استغلال كل دولة لثرواتها الموجودة لدى الطرف الاخر وفق القوانين.
كما أكد السفير الغانم ردا على سؤال ان الاتفاقية ومذكرة التفاهم عالجت ايضا موضوع الارض المحجوزة في منطقة الزور وهو ان الشركة التي كانت في هذه المنطقة ستنقل الى داخل حدود المملكة وتخصص هذه المنطقة للعمليات المشتركة وهو النموذج الموجود في الخفجي وسوف يكون نموذج اخر في الزور.
وقال ان هناك شركات سوف تعمل على تقييم المباني القائمة مشيرا الى ان ادارة المنطقة سوف تكون ادارة مشتركة وهذا من ضمن بنود الاتفاقية والمذكرة.
يذكر ان الكويت والسعودية وقعتا في ال24 من الشهر الجاري اتفاقية ملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية ومذكرة تفاهم بين حكومة دولة الكويت وحكومة المملكة العربية السعودية تتعلق بإجراءات استئناف الانتاج النفطي لدى الجانبين.
ووقع الاتفاقية الملحقة عن الجانب الكويتي الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي وعن الجانب السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة كما وقع مذكرة التفاهم مع نظيره الدكتور خالد علي الفاضل وزير النفط ووزير الكهرباء والماء الكويتي.
وكان رئيس مركز التواصل الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة طارق المزرم اعلن يوم امس ان اعضاء لجنة الحدود بوزارة الخارجية سيكونون ضيوفا في تلفزيون الكويت مساء اليوم السبت لشرح الاتفاقية ومذكرة التفاهم الموقعتين مع المملكة العربية السعودية الشقيقة بشأن المنطقة المقسومة.
وذكر المزرم في بيان صحفي ان ذلك يأتي بناء على توجيهات سمو الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء لوزارة الخارجية بشرح الاتفاقية ومذكرة التفاهم الموقعتين مع المملكة العربية السعودية الشقيقة.