في مقابلة تلفزيونية مع وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والجوازات الشيخ مازن الجراح، تحدّث فيها عن بعض القضايا المتصلة بقطاعه، ومن ضمنها قضيّة “البدون” وضرب لنا أمثلة في بعض الدول المجاورة أو غير المجاورة كالولايات المتحدة في كيفية تعاطيها مع مشكلة عديمي الجنسية، لكن المؤسف أن بعض المعلومات التي ذكرها غير صحيحة وبعضها غير دقيق في هذا الشأن، ومعلومات أخرى فيها مبالغة غير واقعية في تقدير أهميتها.
مما قاله مازن الجرّاح “أن جميع دول العالم بما فيها أمريكا تعاني من نفس المشكلة” وهنا يقصد مشكلة “البدون” وأضاف: أمريكا في التجنيس هي المستفيدة ممن يتم تجنيسهم لأنها تأخذ منهم ضرائب، لأن أمريكا كحكومة تعيش بفضل ضرائب المواطنين”. انتهى الاقتباس.
ويمكن الرد على هذا الكلام بالمعلومات التالية التي يمكن لأي كان التحقق من صحتها من خلال المواقع الرسمية على الانترنت مثل الـ (USCIS) وهي الجهة المسؤولة عن الهجرة والجنسية في الولايات المتحدة.وغيرها من الجهات الحكومية الأميركية المعنية بالمهاجرين.
أولا: في الولايات المتحدة لا يوجد “عديمي الجنسية”، هناك مهاجرين شرعيين قدموا اليها من خلال تأشيرة “هجرة” عائلية مثل : زوج، زوجة، أخت، أخ، ابن، بنت، أب، أم… أو “تأشيرة الهجرة العشوائية” التي يتقدم لها كل عام ملايين الناس عبر الانترنت.
أو بنود أخرى كثيرة لا يسع المجال لذكرها تسمح بالهجرة الشرعية الى الولايات المتحدة. وهؤلاء بمجرد حصولهم على الإقامة الدائمة بعد تأشيرة الهجرة، حتماً سوف يحصلون على الجنسية الأمريكية، لكن تختلف الفترة المطلوبة للإقامة لحصولهم على الجنسية حسب ما حدده القانون لديهم مثلاً زوج أو زوجة الأمريكي/ ـة يحصل على الجنسية بعد ثلاث سنوات متواصلة يقيمها في الولايات المتحدة أو بعد خمس سنوات إن كانت إقامته متقطعة. وهكذا تختلف كل حالة فقط من حيث فترة الإقامة اللازمة قبل التقدم للحصول على الحنسية الأمريكية.
ثانيا: المهاجرون غير الشرعيون وهؤلاء إما أنهم أتوا إلى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية أو اقتصادية أو دراسية ولديهم جوازات سفر صالحة من دولهم الأصلية وليسوا “بدون” لكنهم خالفوا التزامهم بمغادرة أمريكا وقرروا البقاء فيها طمعاً بالحصول على الجنسية الأمريكية، وهؤلاء يتولى معالجة أوضاعهم حسب كل حالة محامون متخصصون. ومنهم من ينجح بالحصول على الإقامة الدائمة ويحصل على جميع الامتيازات كمواطن أمريكي ماعدا الترشح والانتخاب.
وهناك أيضاً مهاجرين غير شرعيين يتسللون عبر الحدود من المكسيك مثلاً ولديهم ما يثبت أنهم مكسيكيون لكنهم يطالبون بالاقامة في الولايات المتحدة للحصول على جنسيتها.
نسي الشيخ مازن الجراح أيضاً القانون الأمريكي الشهير بأن كل من يولد على أرض أمريكية فهو أمريكي الجنسية، فأين “البدون” في أمريكا..؟!
وفيما يخص ما ذكره الجراح بأن أمريكا تجنّس طمعاً بالحصول على الضرائب لأن أمريكا تعيش على الضرائب فهذا كلام غير صحيح تماماً، أمريكا بكل صناعاتها وانتاجها وثرواتها الطبيعية تعيش على ضرائب المواطنين..؟!
أولا: الضرائب يتم تحصيلها من كل أمريكي وغير أمريكي مقيم ولديه عمل، وهذه الضرائب يستفيد دافعها بالتأمين الصحي في أرقى المستشفيات وكذلك في سن التقاعد حيث يحصل على راتب تقاعدي مدى الحياة، وأموال الضرائب يستفيد منها أيضاً كبار السن الذين تخطوا ال 60 عاماً وليس لديهم عمل ويحق لهم الحصول على إعانة مالية وغذائية وطبية اسبوعية من أموال هذه الضرائب.
وفي الفترة الماضية أطلقت الحكومة الأمريكية نظام جديد يدعى (Obama care) للرعاية الصحية يحق لكل مقيم أو أمريكي في الولايات المتحدة التقدم إليه للحصول على التأمين الصحي.
فالضرائب فقط للمتقاعدين والرعاية الصحية ومراكز تعليم اللغة للمهاجرين الجدد وجزء بسيط جداً يذهب إلى الحكومة لتطوير الخدمات وليس منطقيا القول أن الولايات المتحدة تعيش على ضرائب العاملين لديها.
وهنا نتساءل : في الكويت أيضاً يتم استقطاع مبلغ معيّن من رواتب الموظفين لصالح التأمينات الأجتماعية فهل تكفي هذه المبالغ المستقطعة لأن “تعيش” عليها حكومة الكويت..؟!!
أخيراً حين تحدث الشيخ مازن الجراح عن سر الرغبة في الحصول على الجنسية الكويتية بسبب “مميزاتها الكثيرة”.. للتذكير فقط ليست الجنسية الكويتية فقط فيها مميزات.. إن كان يقصد مميزات في تسهيلات السفر فحامل جواز السفر الأمريكي يستطيع السفر الى 174 دولة بدون تأشيرة بينما حامل جواز السفر الكويتي يسافر الى 78 دولة فقط بدون تأشيرة.
وإن كان الجراح يقصد المميزات “المالية”.. فقبل أيام أعلنت مؤسسة “ثروات العالم الجديد” في لندن أن المواطن “القطري” هو الأكثر ثراء في الشرق الأوسط حيث نصيب الفرد سنوياً من الثروة 108 آلاف دولار أميركي.. يليه المواطن “الإماراتي” ب 76 دولار أميركي.. ثم المواطن “الكويتي” 73 ألف دولار أميركي..!!
من يطالب بالجنسية الكويتية لا يطالب بها من أجل “مميزات” مادية لأن دولاً كثيرة تفوق الكويت في هذا الجانب، لكنه يطالب بها لأن له فيها حق انساني ووطني وقانوني أيضاً.