يرى مستثمرون وخبراء أن تعديل قانون هيئة أسواق المال الذي أقره مجلس الأمة، أمس الأول، خطوة في طريق طويل لتحسين أوضاع البورصة، ولكنه لن يكون كافياً وحده لإنقاذها من الهبوط المستمر الذي منيت به منذ الأزمة العالمية في 2008.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة الاستشارات المالية الدولية (إيفا) صالح السلمي إن المتعاملين كانوا ينتظرون إقرار التعديلات على بعض المواد الخلافية في قانون هيئة أسواق المال والتي تم اقرارها في جلسة مجلس الأمة خلال المداولة الثانية، مما كان له وقع مباشر على منوال الاداء وعلى أوامر العديد من المحافظ المالية في البورصة.
ووصف السلمي خطوة اقرار التعديلات بانها جيدة، ولكن الطموح ما زال أكثر، وهذا هو المطلوب من الجهات الرقابية والجهات ذات الصلة حتى تنهض مجريات الحركة من مرحلة التذبذب المسيطر على مسارها، ولتستعيد المحافظ المالية وكذلك الصناديق الاستثمارية من استعادة دورها المحوري في تحريك الأوامر.
سيولة مهاجرة
وأعرب السلمي عن أمله بمعاودة المحفزات الفنية إلى الشركات المدرجة في السوق كي تعود الأموال والسيولة المهاجرة الى اسواق مال اقليمية مجددا الى البورصة المحلية، مما يساهم بصورة مباشرة في اجتذاب المستثمرين في سوق الاسهم.
من جانبه، قال فؤاد عبدالرحمن الهدلق الرئيس التنفيذي في شركة الفارابي للاستثمار الكويتية «السوق يحتاج إلى تحسن أداء الشركات وليس تغييرا في قواعد وقوانين التداول».
وأضاف «التداولات المتواضعة للبورصة اليوم أكدت أن المادة 122 كانت شماعة علق عليها البعض تراجع البورصة».
وبعد أن فتح على مكاسب قوية متشجعا بإقرار التعديلات التي طال انتظارها، تراجع مؤشر كويت 15 الذي يقيس أداء الأسهم القيادية %0.83، أمس، ليغلق عند 1020.1 نقطة.
وأضاف مجلس الأمة في المادة 122 المتعلّقة بمعاقبة كل من يقوم بالتداولات الوهمية جملة «كل من ثبت قيامه عمدا بأحد الأفعال الآتية…»، وذلك لتأكيد الحرص على اشتراط الإثبات والتعمد في التلاعبات.
ويغلب النشاط المضاربي في بورصة الكويت على النشاط الاستثماري ويقول محللون إن كثيراً من المضاربات الحالية تأتي على حساب صغار المتداولين الذين لا يمتلكون الخبرة الكافية ولا الأدوات التي تمكنهم من كشف التداولات الحقيقية من الوهمية.
وكان كثيرون في بورصة الكويت يترقبون بشغف إقرار التعديلات لمواجهة ما يعتبرونها قيودا فرضها القانون الأصلي على عمليات التداول والاستحواذ والمضاربات في البورصة وأدت إلى عزوف المستثمرين وهبوط شديد في قيم التداول اليومية.
أثر مؤقت
وقال نواف الشايع المحلل الاقتصادي إن الأثر الحقيقي لتعديلات قانون أسواق المال لن يظهر قبل ستة أشهر، وهي المدة اللازمة لتطبيقه، وهو ما يعني أن أي انتعاش للبورصة يمكن أن يحدث خلال هذه الأيام هو أثر نفسي «مؤقت» لا علاقة له بحقيقة التغييرات.
ونصّت التعديلات التي أقرها البرلمان على أنه يتم العمل بهذه التعديلات بعد ستة أشهر من تاريخ نشرها بالجريدة الرسمية.
ويرى الشايع أن العوائق التي تواجه بورصة الكويت هي «غياب صانع للسوق يوفر طلبات وعروض للمتداولين. إذا وجد صانع السوق سيحدث انتعاشاً في المعاملات ويحيد أثر المتلاعبين».
وقالت صفاء زبيب رئيسة البحوث لدى شركة الكويت والشرق الأوسط للاستثمار المالي إن تعديل المادة 122 يجب ألا يفهم على أنه تشجيع للمتلاعبين لدخول البورصة، لأن التعديلات تضمنت فقط ضرورة أن تتأكد الهيئة من وقوع المخالفة قبل إحالة المتداولين للجهات القضائية.
وأضافت زبيب أن الهيئة «لديها أدوات مهولة للرقابة على التداولات، ولن يكون التعديل تجريدا لها من صلاحياتها، بل ما سيحدث هو العكس، سيكون تأثيره إيجابياً».
وتعاقب المادة 122 من قانون هيئة أسواق المال من يقوم بتداولات وهمية في البورصة بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف دينار.
ومن ضمن التعديلات التي أقرها مجلس الأمة تغيير قواعد خصخصة شركة سوق الكويت للأوراق المالية بما يمنح أي مستثمر استراتيجي الحق في شراء حصة تتراوح بين %26 و%44 من أسهمها منفرداً.
وستفتح مثل تلك الخطوة الباب أمام شركات دولية لإدارة البورصات مثل ناسداك أو.إم.إكس أو يورونكست للاستحواذ على حصة في واحد من أقدم أسواق الأسهم في الشرق الأوسط.
وقال الشايع «التعديل الجديد يشترط في من يستحوذ على حصة الشريك الاستراتيجي بالبورصة أن يكون شركة أجنبية عالمية أو شريكاً كويتياً مع شريك عالمي، وهو ما يضمن حسن إدارة البورصة عند خصخصتها. الشركات الكويتية لا تملك الخبرة في إدارة أسواق الأوراق المالية».
ومن المنتظر أن تصبح سوق الكويت للأوراق المالية ثاني بورصة يجري تداول أسهمها في منطقة الخليج بعد سوق دبي المالي.