الرئيسية / كتاب وآراء / وهم منع الاختلاط ،،، كتب المقال: مظفّر عبدالله

وهم منع الاختلاط ،،، كتب المقال: مظفّر عبدالله

لو كان هناك اهتمام خليجي في ما مضى باليمن لما احتجنا اليوم إلى عاصفة أو حزم.
***
ما قيمة قانون منع الاختلاط في الجامعات وكليات التعليم التطبيقي الذي يحمل رقم 24 لسنة 1996 اليوم؟ وكيف يمكن الإجابة عن سؤال كهذا؟
هذا القانون جاء نتيجة صراع قيمي لا سياسي، كما هي الحال في طبيعة التشريعات التي تولدت نتيجة صراعات مشروعة بين أصحاب مصالح، وهو تدخل سافر للسياسيين في الحياة الجامعية التي يفترض أن تكون تحت إمرة الإدارة الجامعية، وإلغاؤه إصلاح لعوار تشريعي ضرب مفاهيم عديدة، منها مبدأ التعليم المشترك الذي بدأت طلائعه في بلد محافظ كالسعودية (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا بشمال جدة).
لا يوجد شيء اسمه اختلاط في الجامعة، فهذا الاصطلاح الذي بلعته قوى طلابية، نحسبها متنورة، سوقته قوى متشددة خارج الجامعة، وتم توظيفه من خلال مقاولة طلابية، ومما يؤسف له أن تلك القوى المتنورة استخدمت ذات المصطلح الوهمي في حربها لإسقاطه والتفتت لاحقاً إلى خطئها، وجاءت بمسمى “التعليم المشترك” وهو خطأ آخر، إذ لا يمكن وصف التعليم على أساس جنسي، إنما يكون التمييز على أساس الجودة والتنافسية، فيقال تعليم جيد أو تعليم رديء، وينطبق ذلك اليوم، وبالمثل، على ما ينعت به القضاء بـ”الشامخ” أو “النزيه”، وهو انتقاص مبطن لهذا المرفق الذي لا نرى داعياً لإضافة أوصاف إليه مادام قضاءً يعمل وفقاً لمبادئ العدالة المتعارف عليها دولياً.
هذا القانون الذي أقر في زمن وزير ليبرالي، وهو د. أحمد الربعي يرحمه الله، يكلف كقيمة إضافية على إنشاءات مبنى جامعة الشدادية 300 مليون دينار، بحسب مصادر جامعية، وهو  المبلغ نفسه الذي تتكلفه شركة نفط الكويت سنوياً لأعمال الحفر البترولية، وبالتأكيد هناك تكاليف غير منظورة تظهر في تأخر تخرج مئات من الطلبة بسبب تدريس عدد من المقررات بنظام التناوب للذكور في فصل دراسي، وآخر للإناث! فالتأخير في التخرج يعني كلفة الطالب على الدولة ورواتب الأساتذة وغير ذلك. هذا عدا استحالة تطبيقه، باعتراف أساتذة الجامعة، مع تغاضي من شرّعوه عن تورط الجامعة في قانون كهذا.. هم اكتفوا هنا بإظهار قوتهم وثقلهم داخل البرلمان في زمنٍ ما.
زاوية أخرى أنبه إليها، في القانون المذكور – مادته الأولى – هناك تعبير يقول: “في سبيل الوصول إلى الوضع الشرعي الأمثل تقوم الحكومة خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون بتطوير المباني القائمة لكليات ومعاهد ومراكز جامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بما يضمن منع الاختلاط…”. فما المقصود بالوضع الشرعي هنا؟ وشرع مَن؟
أختم بالقول إن هذا القانون يسيء للطالبات والطلاب ويشكك في أخلاقياتهم، ويثير تساؤلاً واقعياً، وهو: بما أن لكل تشريع سبباً، فما هو سبب تشريع هذا القانون؟ هل هو نتيجة لارتكاب الطلبة أفعالاً غير أخلاقية داخل الحرم الجامعي الذي ظل منذ 1966 وحتى 1996 بدونه!
هذا القانون رديء تشريعياً، ووهمي قيمياً واجتماعياً، ويجب إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل سنة إقراره

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*