قامت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية بشن «عاصفة الحزم» لوقف تقدم «الحوثيين» المدعومين من إيران للاستيلاء على اليمن ثم القفز منه إلى الجزيرة العربية، وبالتأكيد فإن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي لم تقم بتنفيذ «عاصفة الحزم» حباً بالحرب والقتال والتدمير، وهي الدول التي يشهد التاريخ أنها أحرص ما تكون على الأمن والسلام.
من أسباب موقعة “ذي قار” التي حدثت عام 609 ميلادي أن كسرى الفرس في ذلك الوقت قد طلب من النعمان بن المنذر ملك الحيرة أن يقوم بتسليمه بناته، فرفض النعمان هذا الطلب الذي يعبر عن الصلف والاستكبار، فقام كسرى بإصدار أمر للمنذر للقدوم إليه، فأدرك النعمان أنه سيقوم بقتله، فقام بإيداع أهله ودروعه وأمواله لدى هانئ بن مسعود الشيباني الذي أكد له بكل فخر وعزة “لقد لزمني ذمامك وأنا مانعك مما أمنع نفسي وولدي منه ما بقي من عشيرتي رجل واحد، وبناتك في ذمتي لا يخلص إليهن حتى يخلص إلى بناتي”.
بعد أن قتل كسرى المنذر بن النعمان أرسل إلى هانئ بن مسعود يطلب منه تسليمه وديعة النعمان، لكن الشيباني رفض ذلك، وقرر التصدي لجيوش كسرى، فتنادت القبائل العربية لمناصرته، واجتمعت في بطحاء “ذي قار” ما عدا بعض القبائل التي انضمت إلى جيوش الفرس لتحقيق مصالح معينة متنكرين لأصولهم وأبناء جلدتهم، لكن وعلى الرغم من التفوق الفارسي بالعدة والعدد والتنظيم والتسليح فإن النصر كان للقبائل العربية التي لم تكتف بهزيمة جيوش كسرى وقتل قائدهم “الهرمز”، بل قامت بملاحقة تلك الجيوش إلى داخل الأراضي الفارسية، فكانت موقعة “ذي قار” أول انتصار للقبائل العربية على أقوى إمبراطورية في العالم في ذلك الوقت.
في فجر الخامس والعشرين من شهر مارس عام 2015 بدأت معركة “ذي قار الثانية” عندما قامت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية بشن “عاصفة الحزم” لوقف تقدم “الحوثيين” المدعومين من إيران للاستيلاء على اليمن ثم القفز منه إلى الجزيرة العربية، وبالتأكيد إن المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي لم تقم بتنفيذ “عاصفة الحزم” حباً بالحرب والقتال والتدمير، وهي الدول التي يشهد التاريخ أنها أحرص ما تكون على الأمن والسلام والبناء والرخاء، ليس لشعوبها فحسب بل لكل دول المنطقة والعالم، لكنه حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها وحماية أمنها وسلامة أرضها، فهل المطلوب من المملكة الانتظار حتى ترى جنوداً مدعومين من جهات إقليمية تجوب شوارع مكة المكرمة والمدينة المنورة، أو حتى شوارع الرياض العزيزة؟ ومن هذا المنطلق انطلقت “عاصفة الحزم” ليس ضد طائفة معينة أو مذهب بذاته أو ضد اليمن وشعبه العزيز، بل ضد من يحاول المساس بأمنه وسلامة أرضه وأهله.
ما نود تأكيده أن هذا المقال ليس فزعة طائفية أو قبلية أو نزعة قومية، لكنها دعوة من القلب لكل مسؤول في دول المنطقة لتحكيم العقل والعمل بهدوء، فما أحوجنا للسلام والتعاون من أجل البناء والتعمير، كم نحن بحاجة للهدوء والسلام ليتفرغ أهل المنطقة للحياة والبناء والتعمير ومجاراة عالم قطع أشواطا في تقدمه وتطوره.
حفظ الله أمتنا العربية والإسلامية، وحفظ الله العليّ القدير الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.