اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن حكومة الكويت، تبذل جهوداً كبيرة لتلبية معايير القضاء على الاتجار بالبشر بشكل كامل، بيد أنها سجلت مآخذ على السلطات الكويتية، أبرزها، أنها لا تقوم بتصنيف انتهاكات العمل، أو التحقيق فيها، على أنها إتجار محتمل بالبشر، ولم تتخذ أي خطوات جديدة لإصلاح نظام الكفيل الإشكالي، لتخلص إلى أن عدم استيفاء الحكومة الحد الأدنى من المعايير في العديد من المجالات الرئيسية لمكافحة الإتجار بالبشر، أبقتها عند المستوى الثاني في استجابتها لتلك المعايير.
وأظهر تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي الخاص، بقضية الاتجار بالبشر، جهود الحكومة الكويتية المتزايدة بشكل عام، من خلال تكليف وحدتها المتخصصة في الاتجار بالبشر، لبدء المزيد من التحقيقات الجنائية في جرائم الاتجار المحتملة، والمزيد من المحاكمات والإدانات بموجب قانون مكافحة الاتجار بالبشر، والذي شمل اثنين من المسؤولين الكويتيين السابقين، كما أحالت المزيد من ضحايا الاتجار المحتملين إلى مراكز الحماية، وقامت لجنة مكافحة الاتجار بالبشر للمرة الأولى باستهداف منع الاتجار، من خلال إحالتها إلى المحاكم مئات القضايا المحتملة في انتهاك لقوانين العمل المحلية وإغلاق أو إلغاء التراخيص للشركات الضالعة في مخالفات سهّلت الاتجار والجرائم المتعلقة بالاتجار.
وضمن استنتاجه أن الحكومة لم تستوفِ الحد الأدنى من المعايير في العديد من المجالات الرئيسية، سجل التقرير ما يلي:
– بعض المسؤولين واصلوا الاستخدام الروتيني للعقوبات التحكيمية والإدارية لحل التظلمات المرفوعة من العمال المنزليين وغيرهم من العمالة الوافدة، بدلاً من التحقيق فيها كقضايا جرائم اتجار بالبشر.
– أدى طول مدة التقاضي وعمليات الاستئناف اللاحقة إلى رفض معظم الضحايا رفع دعاوى قضائية.
– الحكومة لم تستخدم بشكل منتظم الإجراءات القياسية لتحديد ضحايا الاتجار بالبشر بشكل استباقي.
– استمرت في احتجاز ومقاضاة وترحيل ضحايا الاتجار بالبشر، بمن فيهم الفارون من العمل الإجباري.
الملاحقة القضائية
وأشار التقرير إلى أن الحكومة عزّزت جهود إنفاذ القانون، إذ يجرم قانون مكافحة الاتجار لعام 2013 الاتجار بالجنس والعمالة، ويفرض عقوبات تصل إلى السجن لمدة 15 عاماً.
واضاف ان الوحدة المختصة بمكافحة الاتجار بالبشر التابعة للحكومة، حققت في 51 حالة اتجار محتملة خلال السنة المشمولة بالتقرير، مقارنة بـ 50 و60 في الفترتين السابقتين.
في العام 2019، قام المسؤولون بمحاكمة 27 قضية، رفعت منها اتهامات بالاتجار في 17، أما القضايا العشرة المتبقية فكانت معلقة في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، مقارنة بخمس قضايا رفعت في العام السابق. ودانت المحكمة عدداً غير معروف من المدعى عليهم في قضية واحدة فقط بموجب قانون مكافحة الاتجار بالبشر.
وأورد التقرير «بشكل عام فإن السلطات في الكويت، لا تقوم بتصنيف انتهاكات العمل أو التحقيق فيها على أنها إتجار محتمل بالبشر، وعادة ما تعامل مثل هذه الحالات على أنها مخالفات إدارية، ومع ذلك هناك تحول مؤسسي طفيف ولكن ملحوظ عن هذه الممارسة»، مضيفاً ان «التحكيم هو الأسلوب الشائع لحل القضايا العمالية والذي يؤدي إلى تعويض نقدي وسداد الرواتب المتأخرة للضحايا والغرامات الإدارية، وإغلاق شركات التوظيف، وإذا لم يتم الاتفاق على تسوية، يحيل المسؤولون القضية إلى محاكم العمل، أما إذا كانت الشكوى تتعلق بانتهاك جسيم، مثل الاعتداء أو إساءة معاملة عاملات المنازل، فإنها تحول مباشرة إلى مكتب المدعي العام».
حماية الضحايا
وكشف التقرير أن الحكومة عزّزت جهودها لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، ووفرت في العام 2019، المأوى لما مجموعه 2183 عاملة منزلية، ارتفاعاً من 1600 عاملة منزلية في العام السابق، بالإضافة إلى إحالة وزارة الشؤون 818 عاملة منزلية إلى الملجأ وقدمت لهن مساعدة لإعادة 728 منهن إلى الوطن؛ واستردت نحو 21000 دينار (69.300 دولار) من الأجور غير المدفوعة لهذه المجموعة الضعيفة، وقد فرّ معظم الذين دخلوا إلى الملجأ من ظروف العمل السيئة، بما في ذلك ساعات العمل المفرطة وتأخر دفع الأجور، وكانوا يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية.
وذكر أن الحكومة خصصت ميزانية سنوية قدرها مليوني دينار، لعمليات إيواء عاملات المنازل وبرامج حماية ضحايا الاتجار.
وأضاف أنه بالتعاون مع المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية، ساعدت الحكومة الضحايا في استرداد الوثائق وتمويل إعادتهم إلى الوطن، وفي حالة الترحيل الإداري، قدم المسؤولون تذاكر طيران وعملوا على استرداد التكاليف ذات الصلة من أصحاب العمل المتهمين.
كما سمحت الحكومة للضحايا المقيمين في ملجأها، إما بتغيير الكفيل وإما بالعودة إلى بلادهم الأصلية، بمجرد حل وضع إقامتهم، أو بانتظار تسوية قضية قانونية أو فواتير غير مدفوعة، من دون موافقة الكفيل المعني.
في أبريل 2019، أفادت مديرية التحقيقات في شؤون الإقامة التابعة لوزارة الداخلية، أنها لن ترحل 10000 عامل ترعاهم شركات وهمية، وسمحت الهيئة لهؤلاء العمال بتشريع إقامتهم في الكويت ونقل إقامتهم إلى شركات أخرى.
في نوفمبر 2019، في خطوة واضحة لتبسيط تحويلات الكفيل، قامت وزارة الداخلية بتعديل لوائحها الحالية لحماية قدرة العمال بشكل صارم على تغيير أصحاب العمل بشكل طوعي ومن جانب واحد.
كما واصلت السلطات اعتقال بعض العمال الذين فروا من كفيلهم واحتجازهم وترحيلهم إدارياً من دون إذن أو اللجوء إلى النظام القضائي.
الخوف من العقوبات
وأشار التقرير الى أن الخوف من العقوبات إلى جانب إجراءات التقاضي الطويلة والرسوم القانونية الباهظة جداً، تجعل العمال يعزفون عن اللجوء إلى الشرطة أو غيرها من السلطات الأخرى طلبًا للحماية والتعويض القانوني المناسب لاستغلالهم.
وأضاف أن تجارة الإقامات لا تزال مظهراً شائعاً في الكويت، وتوسعت أسواق تجارة التأشيرات غير المشروعة بشكل متزايد في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
ولفت إلى أن الحكومة واصلت جهودها لمنع الاتجار بالبشر، على الرغم من أنها لم تتخذ أي خطوات جديدة لإصلاح نظام الكفيل الإشكالي، واجتمعت اللجنة الوطنية الدائمة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمنع الاتجار، التي أُنشئت في العام 2018 رسمياً للمرة الأولى، واجتمعت 5 مرات خلال الفترة المشمولة بالتقرير، كما قامت الوزارات الرئيسية، بالتعاون مع المنظمات الدولية، بدعم مالي وتنفيذ العديد من حملات التوعية العامة في مراكز التسوق والمطار الدولي لرفع الوعي بالاتجار بالبشر.
التوصيات ذات الأولوية
وأورد التقرير التوصيات ذات الأولوية، على الشكل التالي:
– الاستمرار في زيادة جهود إنفاذ القانون، للتحقيق مع المتورطين في تجارة البشر.
– البحث الاستباقي على مؤشرات الاتجار بين العمالة المستضعفة.
– إجراء إصلاحات على نظام التوظيف القائم على الكفالة.
– معاقبة أصحاب العمل الذين يصادرون جوازات سفر العمالة.
– الاستمرار في تعزيز إنفاذ قانون العمل المنزلي.
– بناء أو تخصيص مرفق قائم، كملجأ لإقامة الضحايا الذكور.
– تعزيز تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.
رومانوسكي لإصلاح جديّ لنظام الكفالة
ذكرت السفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي، أن الحكومة الكويتية أظهرت بشكل عام جهوداً متزايدة خلال العام الماضي لمكافحة تلك الآفة، مشيرة إلى أن التقرير أدرج توصيات لمساعدة الكويت على الامتثال الكامل للمعايير الدولية، حيث تشمل التوصيات إصلاحات جدية لنظام التوظيف القائم على الكفالة.
وأكدت في مقطع فيديو، أن الاتجار بالبشر ليس له مكان في المجتمع الحديث، داعية الى العمل معاً لتغيير التوجهات وتنفيذ الاصلاحات اللازمة للقضاء عليه.
احتجاجات واعتصامات
أورد التقرير أن الفترة المشمولة بالتقييم، شهدت ارتفاعاً في الاحتجاجات والاعتصامات من موظفين، زعموا أنه تم حجب أجورهم لمدة تصل إلى أشهر عدة من المقاولين، وتجَاهَل المسؤولون المعنيون وممثلو الشركة مطالبهم.
هواتف وحرية حركة
أشار التقرير الى أن نزلاء المأوى يحصلون على هواتف محمولة ويملكون حرية الحركة للمغادرة في نزهات منتظمة تحت إشراف مراقبين.
مصادرة جوازات سفر
اعتبر التقرير أنه رغم ان حجز جوازات سفر العمال محظور بموجب القانون الكويتي، إلا أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير، تلقت الهيئة العامة للقوى العاملة 2804 شكاوى عن جوازات سفر مصادرة.