تقدم بعض النواب باقتراحات لتعديل النظام الانتخابي، على أن يكون أربعة أصوات، بهدف تحسين عملية الانتخاب، كما يزعمون ما يعني العودة إلى النظام السابق، وفتح الباب أمام رياح الفوضى، وإعادة البلاد إلى أجواء ما سمي “الربيع العربي” وأعمال التخريب التي شهدتها بعض مناطق الكويت والتعديات، حتى أن أطفالاً تجرأوا على رجال الأمن، وقال أحدهم بوقاحة لعسكري في الداخلية: “إذا لم تطلقوا سراح فلان سأضربك بالنعال”.
الكل بات يعرف مصدر هذه الاقتراحات والمشاريع التدميرية، فجماعة الإخوان المسلمين لن تستكين حتى تعود إلى التحكم بمفاصل الدولة عبر مجلس الأمة، ساعية إلى إيهام الناس وتضليلهم بالكثرة العددية، إذ على سبيل المثال، من يفوز بسبعة آلاف صوت في نظام الصوت الواحد، يتحول عبر نظام الأربعة أصوات إلى فائز بـ ٣٢ ألف صوت، لكي يقولوا إن هذه هي الأغلبية الشعبية التي اختارت فلاناً حاكماً شعبياً، وهو ما حصل في إحدى الدورات الانتخابية حين أخذوا يتباهون أنهم سينفذون كل مشاريعهم وسيعدلون الدستور لفرض رئيس مجلس وزراء منهم، فيما يدرك الجميع الفائدة التي عاد به الصوت على البلاد، وكيف أنقذها من الضياع.
يهدف نظامنا الدستوري إلى التطور، وليس التخلف، وبالتالي فإن أي مشاريع أو اقتراحات تمثل انتكاسة لهذه العملية هي بمثابة انقلاب على كل ما تحقق في العقود الستة الماضية، وعبث بالوطن، لذا لا يجوز التهاون في مواجهة ذلك، مهما كانت المبررات، فالديمقراطية لا تقبل تقويض الاستقرار المجتمعي والسياسي، والدفع إلى انفلات أمني لتغليب إرادة فريق على بقية المواطنين، والمؤسسات، وإذا استطاع هؤلاء تحقيق هدفهم، فإننا سنكون أمام مشهد لا يختلف بشيء عن المشهد المهزوز في تونس أو العراق أو ليبيا أو لبنان.
هذه الحقيقة تفرض على الجميع أن يتصدوا لمثل هذا التخريب، بل إن الحاكم العادل هو من استبد أحياناً، تماماً مثل الجراح الذي يبتر عضوا مريضاً في جسد إنسان لحماية بقية الجسم.
جميعنا رأينا ماذا حلّ في “الأربعاء الأسود” حين اقتحمت مجموعة من المواطنين مجلس الأمة، وكيف عبث هؤلاء فيه، ورغم هول الفعل الخارج عن أي إطار ديمقراطي، تعامل القضاء بكل نزاهة وشفافية مع القضية، بل كان رحيماً مع من غُرر بهم، وحصر المسؤولية بقادتهم الذين هربوا إلى الخارج، بعد حكم العدالة، فيما هم اليوم يسعون إلى فرض ما يسمى العفو الشامل، كي يعودوا سيرتهم التخريبية الأولى.
أحياناً تحتاج الديمقراطية إلى تقويم، خصوصا عندما تكون هناك جماعات ظلامية متطرفة تستتر بالدين لتخفي مؤامراتها تنتهز أي رحمة يبديها الحاكم متوهمة أن ذلك ضعف فتزيد من تمردها، ولذلك تكون الديكتاتورية المستنيرة ضرورة لفرض هيبة الدولة وحفظ المجتمع، وهو ما تحتاج إليه الكويت اليوم، كي لا تصبح ساحة للفوضى، وأن يكون التمسك بالصوت الواحد الأساس بالمواجهة في عدم السماح لمن تسوّل له نفسه إدخال الكويت نفق الخراب.