ما أكثر الخلان حين تعدهم لكنهم في النائبات قليل
كان الوفاء وأصبح في خبر كان، كنا نسمع بالأخلاء الأوفياء إلا أن هذا السماع انقطع إلا من قليل القليل، لقد تغيرت طبائع الناس عن ذي قبل وطغت المادة على النفوس، ربما قال البعض «إذا خليت قلبت» ولهذا البعض ولن أقول «البعيض» خليت وخربت وقلبت، وبانت أشراط الساعة بالعين المجردة آلا من رحم ربي، لقد اصبح الوفاء عزيز قولا وفعلا، وما اروع ان يكون المرء وفيا في زمن الغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق، ولأهمية الوفاء أشار القرآن الكريم بوضوح في عدة آيات محكمات ومنها قوله «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا» «الإسراء34» فلاتغرنكم المظاهر الزائفة واللسان المعسول فعند الإمتحان يكرم المرء أويهان ولله در صالح بن عبدالقدوس حيث يقول:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
ولابد من الآشارة هنا الى أن الوفاء هبة من الله تعالى يعطيها من يشاء من عباده ويحرمها ممن يشاء والشقي حقا من لاوفاء عنده لأن الوفاء مقرون بالتقوى وهذا واضح في قول المولى عز وجل: «بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين، «آل عمران 76» ومن لاوفاء عنده لاذمة له، وليس أجمل من مكارم الأخلاق، والوفاء يشعرك بالأمان ويقربك الى الله زلفى، ولقد أحسن الإمام محمد بن أدريس الشافعي القرشي حيث يقول:
صن النفس واحملها على مايزينها
تعش سالما والقول فيك جميل
ولا ترين الناس إلا تجملا
نبا بك دهر او جفاك خليل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر الى غد
عسى نكبات الدهر عنك تزول
يعز غني النفس إن قل ماله
ويغنى غني المال وهو ذليل
فما أكثر الإخوان حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
رضي الله عن الشافعي وأرضاه فقد ذكر أن خلان الوفاء قليل فكيف به لو رأى زماننا الأدبر هذا ورأى أن هذا القليل أصبح سرابا بقاع، وكلاما نسمع عنه ولانراه، وعندما اجتاحت القوات العراقية أرضنا الغالية وترابنا العزيز غدر بنا من عاهدنا وخاننا من أمناه، وكدنا أن نكون أثرا بعد عين ودولة سادت ثم بادت، لولا عناية الله تعالى،ولم يف لنا إلا القليل الذي أشار إليه الإمام الشافعي، وأولهم محمد حسني مبارك وحافظ الأسد رحمهما الله، وضربا اروع الأمثلة في الوفاء وحفظ العهد، وكان الرئيس الأسبق لمصر الشقيق القشة التي قصمة ظهر الغازي الغادر الذي عدم الوفاء وخان العهد وغدر بحاره الذي حنى عليه، فكان الراحلان حسنى مبارك وحافظ الأسد أشبه مايكون بقول السمؤال بن عادياء الأزدي:
وفيت بأدرع الكندي إني
إذا ماخان أقوام وفيت
وأوصى عاديا قدما بأن لا
تهدم ياسمؤال مابنيت
لقد أصبح الوفاء اليوم أعز مايكون، وصار سعره باهظا واترككم في رعاية الله.