بدأ لبنان فجر الخميس إجراءات إغلاق عام أكثر تشدداً من سابقاتها تتضمن منع تجول على مدار الساعة لنحو أسبوعين في محاولة للحدّ من ارتفاع معدلات الإصابات القياسية بفيروس كورونا المستجد ولتخفيف الضغط عن القطاع الطبي المنهك.
وبدت الحركة محدودة في عدد من شوارع بيروت وضواحيها وكذلك في المناطق وأقفلت المؤسسات التجارية والأسواق ومعظم الشركات الخاصة أبوابها.
وقدّرت قوى الأمن الداخلي نسبة الالتزام بالاقفال العام بـ94 في المئة، في وقت سيّرت قوى الأمن وشرطة البلديات دوريات وأقامت حواجز متنقلة للتدقيق بالسيارات وبالتزام الشروط الوقائية.
وتضمنت الإجراءات التي أقرّتها الحكومة الاثنين خشية انهيار القطاع الصحي بعد تخطي مستشفيات رئيسية طاقتها الاستيعابية، حظر تجول على مدار الساعة حتى 25 من الشهر الحالي، مع استثناءات تطال العاملين في القطاع الصحي ومنشآت حيوية وصحافيين. كذلك، تضمّنت تقليص حركة المسافرين في المطار بشكل كبير، ومنعت دخول الوافدين عبر المعابر الحدودية البرية والبحرية، باستثناء العابرين ترانزيت.
ووفق توصيات قوى الأمن الداخلي، على المواطنين الخاضعين لحظر التجول والراغبين بالخروج لسبب ما كزيارة طبيب أو إجراء فحوص أو الذهاب الى المطار، الحصول على موافقة مسبقة بتوجيه رسالة قصيرة عبر الهاتف أو ملء طلب عبر الإنترنت. كما يطلب من بعض الفئات المستثناة من حظر التجول الحصول أيضاً على موافقة كالعاملين في شركات الصيرفة وتحويل الأموال.
وازدادت حالات العدوى خلال الأسبوع الماضي بنسبة سبعين في المئة عما كانت عليه في الأسبوع السابق، وفقاً لبيانات وكالة فرانس برس، ما جعل لبنان من البلدان التي تشهد حالياً واحدة من أكبر الزيادات في الإصابات في العالم.
وأعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن الأربعاء إصابته بالفيروس ودخوله المستشفى.
واضطر مصابون خلال الأيام الماضية للانتظار لساعات طويلة في أقسام الطوارئ أو الانتقال من مستشفى الى آخر بحثاً عن أسرّة.
وعمدت مستشفيات إلى معالجة مصابين وافدين إليها داخل سياراتهم نتيجة اكتظاظ غرف الطوارئ وأقسام العناية الفائقة والعزل.
وتحدّث المدير العام لمستشفى الجعيتاوي في بيروت الأب بيار يارد عن “وضع استثنائي” ليل الأربعاء الخميس مع تدفّق المصابين الذين يحتاجون لمتابعة طبية. وقال لفرانس برس إن قسم الطوارئ في المستشفى استقبل نحو “ثلاثين إلى أربعين” مصاباً.
وأضاف “امتلأ قسم الطوارئ بمرضى كورونا، لم يعد هناك مرضى عاديون“.
وغرّد الطبيب فراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المرفق الحكومي الذي يقود جهود التصدي للوباء، الخميس “في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة وحدها، قدم الى غرفة الطوارئ أربعة مرضى كوفيد أصيبوا بسكتة قلبية. أحدهم شاب في التاسعة عشر من عمره”. وأضاف “إنه لأمر جاد… لا يمكن للإغلاق أن يفشل“.
– بانتظار اللقاح -وتتضمن الإجراءات الجديدة أيضاً إغلاق محال بيع المواد الغذائية أمام الزبائن، على أن تبقى خدمة التوصيل، وهو أمر لا يتوافر في كل المناطق اللبنانية، ما جعل اللبنانيين يتهافتون خلال الأيام الثلاثة الماضية بشكل غير مسبوق لشراء حاجياتهم.
وازداد معدل الإصابات بشكل قياسي بعدما سمحت الحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة للملاهي بفتح أبوابها، في محاولة لإنعاش الاقتصاد المنهار، رغم تحذير القطاع الصحي.
وأقرّت السلطات في السابع من الشهر الحالي إقفالاً عاماً تضمن استثناءات عديدة وترافق مع حظر تجول ليلي، بدأ سريانه في اليوم نفسه. إلا أن الإجراءات لم تحل دون استمرار ارتفاع الإصابات.
وسجّلت معدلات إصابات يومية قياسية تخطت الخمسة آلاف بينما بلغ عدد المصابين الإجمالي وفق آخر حصيلة الأربعاء 231936 بينها 1740 وفاة.
ويجتمع البرلمان الجمعة لدرس وإقرار اقتراح قانون معجل مكرر يجيز استخدام اللقاحات المضادة للفيروس، في وقت تأمل الحكومة الحصول على أول دفعة من لقاح فايزر/بايونتيك الشهر المقبل.
ويأتي تدهور الوضع الصحي فيما يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي ضاعفت معدلات الفقر. وأبدت منظمة “أنقذوا الأطفال” (سايف ذي تشيلدرن) الثلاثاء قلقها “العميق” من أن يؤثر الإغلاق على العائلات والأطفال الذين يعانون من أوضاع اقتصادية هشّة، ما لم يتم دعمهم بشكل فوري.
ووافق البنك الدولي الثلاثاء على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر.
وأعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني الإثنين أنه أعطى توجيهات لدفع “75 مليار ليرة كسلفة خزينة للهيئة العليا للإغاثة” لمساعدة الأسر “التي ترزح تحت أوضاع معيشية حادة” نتيجة إجراءات الإغلاق.