كلنا يود ان يعيش صحيحا سالما يمد له في عمره، ولكن الامر ليس بأيدينا ولكنه بيد الحي الذي لا يموت، والامر مراحل تنتهي عند حضور الاجل وربما عاش المرء طويلا الا انه اصبح كلا على اهله يحمل من مكان الى مكان حملا ويتمنى لو قبض الله روحه واراحه من الحياة، والأفضل في هذه الحالة الاقتداء بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث يقول: لا يتمنين احدكم الموت من ضر اصابه فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم احيني ما دامت الحياة خيرا لي وتوفني اذا كانت الوفاة خيرا لي «اخرجه الامام أحمد والترمذي» وفي ذلك يقول عمر عمرو بن قميئة:
كانت قناتي لا تلين لغامز
فألانها الإصباح والإمساء
ودعوت ربي بالسلامة جاهدا
ليصحني فإذا السلامة داء
وقد احسن حميد بن ثور حيث يقول:
أرى بصري قد رابني بعد صحة
وحسبك داء أن تصح وتسلما
ولن يلبث العصران يوم وليلة
إذا طلبا ان يدركا ما تيمما
قيل لبعض الصالحين:
كيف حالك؟ قال: كيف حال من يفنى ببقائه ويسقم بسلامته ويؤتى من مأمنه! وفي ذلك يقول الشاعر المخضرم النمر بن تولب:
يود الفتى طول السلامة جاهدا
فكيف يرى طول السلامة يفعل؟
يعود الفتى بعد اعتدال وصحة
ينوء إذا رام القيام ويحمل
وقد وصف أبو الطمحان القيني حال المرء في كبره وصفا عجيبا حيث يقول:
حنتني حانيات الدهر حتى
كأني خاتل يدنو لصيد
قصير الخطو يحسب من رآني
ولست مقيدا اني بقيد
وأعود الى الشاعر فهو النمر بن تولب بن أقيش بن عبد كعب العكلي وهو شاعر مقل ادرك الجاهلية والاسلام فأسلم وحسن اسلامه، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم وبايعه وكان من اجواد العرب، وهو شاعر فصيح سمي الكيس لجودة شعره، وشعره كله حكم وأمثال مثل قوله:
لا تغضبن على امرئ في ماله
وعلى كرائم صلب مالك فاغضب
وإذا تصبك خصاصة فارج الغنى
وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب
وقد توفي في خلافة عمر بن الخطاب واكتفي بهذا القدر.