فعل الخير يثمر عند الصالحين فيرد ويشكر ويثني عليه، وعلى الضد من ذلك فعل الخير عند الأنذال يرد: جحودا ونكرانا، ومع ذلك ففعل الخير هو الباقي وعلى ذلك قال عبيد بن الأبرص
الخير يبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما أوعيت من زاد
وعند الله تعالى لا يضيع شيء وهذا الحطيئة يقول:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
وقد قال المولى عز وجل: وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان «الرحمن – 60» كما ان الخير مقرون في الفلاح ومحبة الناس، وستجد الخير أمامك يوم لا ينفع مال ولا بنون، ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله. «البقرة – 110». يقول بشر بن أبي خازم:
فإن تجعل النعماء منك تمامه
ونعماك نعمى لا تزال تفيض
تكن لك في قومي يد يشكرونها
وأيدي الندى في الصالحين قروض
وبشر أسدي القبيلة جاهلي العصر فهو بشر بن أبي خازم بن عمرو بن عوف بن حميري بن أسد بن خزيمة، والبيتان اللذان ذكرتها قالهما في أوس بن حارث الطائي يثني عليه بعد أن كان يهجوه في كل موطن فأقسم أوس إن قدر عليه أن يحرقه في النار فأسرته طيئ واستوهبه أوس منهم فأراد إحراقه في النار فمنعته امه وطلبت منه ان يفك أسره ويكسوه ففعل فجعل بشر مكان كل قصيدة هجاه فيها قصيدة مدح ففيه يقول:
إلى أوس بن حارثة بن لام
ليقضي حاجتي ولقد قضاها
فما وطئ الحصى مثل ابن سعدى
ولا لبس النعال ولا احتذاها
إذا ما المكرمات رفعن يوما
وقصر مبتغوها عن مداها
وضاقت أذرع المثرين عنها
سما أوس إليها فاحتواها
وكان بشر من فحول شعراء الجاهلية وقد عاش في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي وقد عده الجمحي في الطبقة الثانية من الفحول، وكان الفرزدق وبشار بن برد يقدمانه على كافة الشعراء، وقد قتل قبل الهجرة بأكثر من ثلاثين سنة رماه فتى من بني واثلة في غارة أغارها على بني صعصعة بن معاوية فاصاب السهم منه مقتلا فمات واكتفي بهذا القدر.