هذا مثل شعبي يردده الناس في الماضي، فالخشم الأنف والعوج غير المستقيم، وهو اقرب ما يكون من القناعة والقبول بالموجود، فعلى المرء أن يتأقلم مع الوضع الذي يعيش فيه، وأنت لا تدري أين الخيرة والمرء مسير وليس مخيرا، فإن كان أنفك كبيرا فاقنع بذلك على الرغم من أن عمليات التجميل قد غيرت من الأنف الكبير وجعلته صغيرا، وعلى العموم فالمثل مأخوذ من اللغة العربية، والأصل: أنفك منك وان كان أجدع، وأول من قاله قنفذ بن جعونة المازني للربيع بن كعب المازني.
قال ذلك صاحب الفاخر في الأمثال، وذكر أنه كان للربيع بن كعب فرس لا نظير له فدفعه لأخيه كميش ليأتي به أهله، وكان كمیش احمق مشهورا بذلك، فقدم رجل يقال له قراد بن جرم ليسرق الفرس وهو داهية زمانه فنظر إلى الأحمق كميش راكبا الفرس فعارضه وقال له: يا كميش هل لك من عانة لم أر مثلها سمنا ولا عظما وعير معها ذهب، فأما الأتن فتروح بها الى أهلك فتملأ قدورهم وتفرح صدورهم فقال كميش: فكيف لنا به؟ قال: أنا لك به وليس يدرك إلا على فرسك، قال: فدونكه، فركب قراد الفرس وقال انتظرني في هذا المكان، فلم يزل كميش ينتظره حتى الليل ثم ذهب الى اهله وقال: إن سألني أخي عن الفرس قلت له تحول ناقة! وكان قراد ترك فرسه عنده، فلما رآه أخوه الربيع قال: أين الفرس؟
قال: تحول ناقة، فعلم أنه خدع فضربه الربيع ليقتله من الغيظ، فمنعه قنفذ بن جعونة وقال له: إله عما فاتك ياربيع، فإن أنفك منك وإن كان أجدع، وقدم قراد بن جرم على قومه بالفرس وقال:
رأيت كميشا نوكه لي نافع
ولم أر نوكا قبل ذلك ينفع
يؤمل عيرا من نضار وعسجد
فهل كان في عير كذلك مطمع
وقلت له أمسك قلوصي ولا ترم
خداعا له إن المكايد يخدع
فأصبح يرمي الخافقين بطرفه
وأصبح تحتي ذو أفانين جرشع
أبر على الجرد العناجيج كلها
فليس ولو أقحمه الوعر يخشع
وفي هذا القدر كفاية.