يعد التّحرش من أخطر الآفات على أي مجتمع ، فهو داءٌ عُضال يتفشّى أثره المادي والنّفسي على المجني عليه، وكذلك يعُمّ هذا الأثر على جميع أفراد الأسرة ويتسلل للمجتمع، فهذا الفعل من أشد انتهاكات حقوق الإنسان صعوبةً، لما يحمله من حساسيّة خاصّة في المجتمعات المحافظة وخصوصا مجتمعنا الكويتي، فيبقى المُتَحرَّش به في دوامة الخوف والهروب من الواقع. التحرش بجميع أشكاله من أسوء أنواع العنف ويعني كلمات أو أفعال غير مرغوب تنتهك خصوصية الشخص ومشاعره ويشعر بسبب ذلك بالتهديد وعدم الأمان أو الرهبة والخوف أو قلة الاحترام أو الترويع أو الإهانة أو الإساءة.
إن التفكير العملي عند مواجهة أي مشكلة، يبدأ بدراسة هذه المشكلة أسبابها ونتائجها وخطورتها، ثم البحث عن حلول لها تتناسب مع طبيعة المجتمع وتقاليده والأحكام التي تقيده، للوصول إلى حلول مرضية حقا، وليست مجرد مسكنات، تسمح بتفاقم الظاهرة في الخفاء حتى تنفجر فجأة، أما التفكير السيئ والتفسير الخطأ لأي ظاهرة، دائما يقود إلى الفشل في العلاج، فكيف إذا كانت القضية بحجم قضية التحرش وخطورتها وتداعياتها؟!
فتحميل طرف واحد فقط مسئولية هذه الجريمة، هو بالتأكيد خطأ فادح، فالذي يتحمل مسئولية هذه الجريمة هو الشاب الذين اخترق كل القيم والأخلاق والعادات والتقاليد الاجتماعية، وبات ذئباً بشريا لا يفرق بين الإنسانية والبهيمية، والبنت التي اعتقدت انها في عالم خاص لها تفعل فيه ما تشاء وبشكل مبالغ فيه من لبس قصير وغير محتشم مخالف لديننا ولعاداتنا وتقاليدنا وصوت عالي وضحكة شيطانية،فمن وجهة نظري الطرفين شركان في الجريمة.
وعلى ذلك نحن كمجتمع كويتي محافظ بحاجة ماسة لمراجعة المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع، التي باتت في مستوى سيئ لا يمكن معها أن يكون هناك مجتمع سليم، يجب التركيز من جديد على دور الأسرة في التربية وضرورة مراقبة أبنائها وبناتها، فالحرية “المطلقة” التي ينادي بها أتباع الغرب، لا يعرفها ديننا ولا تقبلها قيمنا وأخلاقنا الأصيلة، ويجب أن ينبذ المجتمع هؤلاء الداعين إلى الانحلال والفوضى، والتحذير منهم ومن حديثهم.
ومن الضروري أن وزارة التربية والتعليم “ونلاحظ بوجود التربية قبل التعليم” بإيجاد مادة للإخلاق والقيم تدرس لجميع المراحل الدارسية وتكون مادة نجاح ورسوب مما تساهم بشكل كبير بترسيخ القيم والاخلاق الحميدة.
كذلك نحن بحاجة إلى إعلام من نوع آخر، إعلام يقدر التعاليم الدينية ، إعلام يحترم العادات والتقاليد والقيم والأخلاق ويدعو للتمسك بها والحفاظ عليها، إعلام يبني ولا يهدم، فالإعلام مكون أساسي لثقافات الأمم والشعوب،فالاعلام الكويتي بالفترة الأخيرة بعيد كل البعد عن البرامج الدينية والبرامج التربوية والعلمية،اين الدكتور والمربي الفاضل محمد الثويني وين الاستاذ والمفكر ابراهيم الخليفي وغيرهم الكثير من المربين سؤال يوجه للمسؤلين على وزارة الاعلام الكويتية
ثم نأتي لقوة القانون كما جاء في الأثر عن عثمان وعمر رضي الله عنهما أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ويقول الشيخ ابن عثيمين”رحمه الله”(معناه يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن؛ لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر القرآن، ونهي القرآن، بل يقدم على المحارم ولا يبالي، لكن متى علم أن هناك عقوبة من السلطان، ارتدع)، ونحن نرى أن أكثر الناس لا يأبهون لأوامر الله عز وجل ونواهيه، وباتوا لا يخافون إلا من قوة القانون والسلطان، ولهذا يجب على الدولة أن تسن تشريعا خاصا لهذه الجريمة، يعاقب مرتكبيها بشكل سريع بعيدا عن القضايا التي تظل سنوات أمام القضاة في المحاكم، بل يكون العقاب سريعا وعلنيا، حتى يكون التحذير شديدا، والعقوبة قاسية على مرتكب الجريمة، فيكون ذلك رادعا لكل من تسول له نفسه أن يفعل ذلك.
وختماها أقول…إننا بحاجة إلى تكاتف أفراد المجتمع جميعاً، ومؤسساته التعليمية والتربوية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني والأجهزة الإعلامية، وأجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية، من أجل مواجهة هذه الظاهرة البشعة التي تزداد وتستفحل يوما بعد يوما، وإلا سنكون أمام كارثة حقيقية.
بقلم / خالد صالح المسافر