بعد سنوات طويلة من الجدل، يتجه المغرب إلى حسم موقفه بشأن زراعة القنب الهندي، حيث شرعت الحكومة في دراسة مشروع قانون لتقنين زراعة هذه النبتة لاستعمالات مشروعة، في مجالات الطب والصيدلة والصناعة، على أن تصادق عليه الخميس المقبل.
ويبقي النص على منع إنتاج وزراعة القنب الهندي لأغراض ترفيهية، حيث ينص على حظر زراعة النبتة، التي تحتوي على نسب عالية من مادة “رباعي هيدرو كانابينول” المعروفة اختصارا ب،(THC)، والتي تسمح باستخراج مخدر الحشيشة.
ورغم الحظر الذي يطبق منذ عهد الحماية الفرنسية، إلا أن نبتة القنب الهندي التي تحتوي على نسب عالية من مادة (THC) ظلت تزرع، بشكل غير قانوني، في مناطق الشمال على مساحة تقدرها المعطيات الرسمية بما يفوق 47 الف هكتارا.
ويعيش عشرات الالاف من الفلاحين وأسرهم من مدخول هذه الزراعة، التي يوجه منتوجها لتجار المخدرات بعيدا عن أعين السلطات المغربية.
وينص مشروع القانون على منح رخص للمزارعين من أجل مزاولة نشاطم بشكل قانوني وفي العلن، وأن يبعوا محصولهم لوكالة ستحدثها الدولة لتنظيم القطاع.
وتعلق آمال كبيرة على هذه الخطوة، لانتشال المزارعين من حالة الخوف الدائم، بسبب اشتغالهم في قطاع “خارج عن القانون”، خاصة وأن العديد منهم يطالبون منذ سنوات طويلة ببديل اقتصادي، يعفيهم من زراعة “جنوا منها كما كبيرا من المشاكل مقابل ربح زهيد” بحسب تصريحات عدد كبير منهم.
والزراعات المشروعة بحسب مشروع القانون هي: مجالات الطب والصيدلة والصناعة.
فرار من العدالة
يكشف محمد، مزارع من قبيلة صنهاجة، بإقليم الحسيمة شمالي المغرب، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” أن مزارعي القنب الهندي “يتهمون بممارسة نشاط محظور وربط صلات مع تجار وبارونات المخدرات”.
وهذا الوضع “يجعلهم مطاردين ومحل ملاحقات قضائية”، بحسب المزارع الشاب الذي يضيف ” نعيش خوفا دائما من الاعتقال، لذلك نتجنب مغادرة قرانا للذهاب لقضاء المصالح الإدارية، و أحيانا حتى لزيارة المستشفى”.
ويقدر عدد المطاردين والمتابعين، بحوالي 30 ألفا، بحسب معطيات قدمها مؤخرا نور الدين مضيان برلماني عن حزب الاستقلال ومهتم بالملف.
وفي تعليق على مضامين مشروع القانون الذي سيجيز زراعة القنب الهندي لأغراض مشروعة، عبر شريف إدرداك رئيس جمعية صنهاجة الريف عن قلقه من إمكانية انعكاس هذه الخطوة سلبا على دخل المزارعين الذين يخشون من ضعف المردودية.
ويعلل الفاعل الجمعوي موقفه في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” بالتأكيد على أن النبتة التي يشير إليها مشروع القانون والمستعملة في أغراض طبية وصناعية، هي نبتة جديدة تحتاج لأراض ممتدة وخصبة، وهو ما “تفتقر إليه منطقة صنهاجة، حيث المساحات صغيرة وجبلية”.
ويخلص المتحدث إلى أن المزارعين ليسوا ضد التقنين، وإنما “يطالبون ببديل منصف يضمن العيش الكريم، بعد سنوات من التهميش وضعف التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة”.
ومما يثير قلق المزارعين الشروط والعقوبات التي يتضمنها مشروع القانون، كشرط ملكية الأراضي للحصول على الترخيص بالزراعة، وإجبارية تسليم المحاصيل لشركات التصنيع والتصدير، لأن ذلك “قد يعطي الأفضلية لمزارعي المناطق الشاسعة والخصبة على حساب المناطق الجبلية الوعرة”.
وفي هذا السياق طالب إدرداك بتقليص المساحات المزروعة بنبتة القنب الهندي وإصدار عفو عن المزارعين قبل الحديث عن أي تقنين.