مُتي ومات كل شي بعدك بأستثناء قلبي الي يشتاق للنبضة الأخيرة ، مُنذ رحيلك فقدت ألوان الحياة ، أصبح كل ما أراه مظلماً مُسوّداً ، كل يومٍ أعيشه عزاء ، بالمناسبة من ذاك الي قال أن العزاء ثلاثة أيامٍ فقط ، هنحن نكمل عاماً ونصف على وفاتك وأنا أموت في كلّ يوم ، صحيح تأقلمتُ على عدم وجودك ، على مرور الأيام من دون رؤيتك ، على عدم سماع صوتك الدافئ يناديني ، على الحنين والشوق والذكريات التي أيقنت أنها لن تعود ، هل تذكرين أيامناً سوياً يا جدتي أم أن حياة البرزخ أنستك أياها ، هل تذكرين أننا كنا نضحك حتى تنقبض عضلات بطننا ، هل تذكرين أحاديثنا المليئة بالحب والأمان ، هل تذكرين قهوة الصباح ورائحة خبزك تعطر المكان وصوت رجل المذياع يقرأ الاخبار بالحقيقة لم اكن استمع له لأني كنت انظر لهاتفي أتفقد اللاشيء ، وعندما تشتغل أغنيتي المفضلة القي بالهاتف وارقص فرحاً معك ،أتذكرين عندما كنت أخرج من مدرستي واهرب لمنزلك واتأخر عن موعد وصولي ثم تقلق والدتي فتتصل عليك غاضبة تتوعد بي وتردين عليها وانتي تنظرين إلي وتبتسمين ابتسامتك الحنونة دعيها عند جدتها لا يخصك الأمر ، وعندما اعود للمنزل أعد والدتي ان لا اذهب مره اخرى الا نهاية الاسبوع ولكن كلانا يعلم أني ساخلف وعدي واذهب لكِ غداً ، أتذكرين كيف كنتي تضحكين عندما اتصل عليك من هاتف والدتي واحاول تغيير صوتي لامرأةٍ ما تريد ان تأتي لاخذ فنجان قهوة معك بعد قليل وتجيبيني وكأنك لم تعرفي أنها أنا لدرجة أني كنت اصدق ذلك ، افتقد كل تلك اللحظات التي لم أكن اظن أني سأفتقدها يوماً ، افتقد عندما كنت أضع رأسي بحضنك وتدغدغيني ، أتذكرين عندما تشاجرت مع أخي ورحتُ اشكي لكِ ما فعل بي وادعي أن يموت ، وقتها لم تغضبي وتقولي لي كيف تقولين كهذا عن أخاك ضحكتي وقلتي أتحسبين الموت هيناً ؟ نعم أظن أني كنت احسبه هيناً ياجدتي ، لم اكن اتوقع انه سيقف بيننا ، لم أتخيل يوماً أني سأستيقظ على خبر وفاتك ، كنت أظن أن اكبر عقبة ستمنعني من رؤيتك هي كثرة واجباتي المدرسية ، سامحيني لأني لم أعد الذهاب لمنزلك ، منذ رحيلك هجرت ذلك المكان الأحب لقلبي ، ذلك المكان الآمن المليء بالفرح ، رائحته التي مرتبطة بالعيد ، لم يكن ملجأ لي فقط بل كان للأقارب والجيران ، لم تغلقي بابك بوجهِ احدٍ قط ، كان الجميع يدخل هناك حتى فجأةً دخل الحزن وسكن المنزل بدلاً منا ، وبقي طيفك هناك وحيداً ينتظر قدوم أحد لكن لا أحد يأتي .
ليان فايز