منذ اليوم وحتى 17 مارس الجاري ستبقى الحكومة معلقة على بورصة مواقف النواب، فبعد انتهاء مفعول مرسوم تعليق جلسات مجلس الأمة، ينتظر أن تكون هناك جلسة منح الثقة لتصبح الحكومة مكتملة الأركان الدستورية، ويبدو حتى اليوم أن ذلك دونه عقبات كثيرة، إذ أن النواب الذين أيدوا رفع كتاب عدم تعاون مع سمو رئيس مجلس الوزراء عادوا الى سيرتهم الأولى في هذا الشأن، إضافة الى تصعيدهم وتلويحهم باستجواب سمو الرئيس وعدد من الوزراء.
في ظل التأزيم المحتدم يطرح الكويتيون سؤالاً يحمل في طياته الكثير من المخاوف من مراوحة البلاد في مكانها وعدم وجود مؤشرات على حل ينهي الأزمة المالية والاقتصادية المتفاقمة، اذ يتساءلون: لنفترض أن النواب الذين أعلنوا معارضتهم لسمو رئيس مجلس الوزراء، ووصل عددهم الى 38 نائبا، رفضوا منح الحكومة الثقة، فما الحل؟
دستوريا لا يملك مجلس الوزراء الكثير من الصلاحيات قبل نيله الثقة، ولذلك سيكون في المنطقة الرمادية، بينما يستمر في تصريف العاجل من الأمور، ما يعني البقاء في النفق المظلم الذي هو فيه حاليا.
لا شك أن شلل السلطة التنفيذية يزيد من الاستياء الشعبي بسبب الإجراءات الارتجالية التي تعلنها الحكومة الحالية، أو الحكومات المتعاقبة برئاسة سمو الشيخ صباح الخالد منذ تفشي “كورونا”، فمثلاً على صعيد مكافحتها، ها هي الكويت تعود الى المربع الأول بالحظر الجزئي، وكذلك يلوح في الأفق الحظر الكلي، فيما في كثير من الدول رفعت الاغلاقات وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها، وهو ما أدى الى حلحلة في وضعها الاقتصادي، بينما تتفاقم أزمتنا أكثر.
كل هذا نتيجة طبيعية لعدم قدرة السلطة التنفيذية على اتخاذ قرارات واقعية، وفشلها في تسويق نفسها، أو إقرار سلسلة القوانين المساعدة على التخفيف من حدة الأزمة، لا سيما الدين العام، الذي يبدو أن المجلس الحالي لن يقبل بتمريره من دون ثمن كبير، ربما يكون أكثر كلفة من “العفو الشامل” الذي يتمسك به النواب المعارضون، ويجعلونه أولوية الأولويات.
التخبط الحالي يدل على أن طاسة الحكومة ضايعة بسبب عدم اتخاذها إجراءات حازمة تنهي معاناة الكويتيين، لهذا هي اليوم بين “حانا” نيلها الثقة، و”مانا” الخضوع لمطالب النواب أو المراوحة في مكانها، رغم أن باستطاعتها إنهاء هذا الوجع عبر مراسيم الضرورة التي تبدأ من حل المجلس، وصولا الى فرض القوانين المحفزة على الخروج من الأزمة بسبب ضعفها واتخاذها قراراً يعيد إليها قوتها، ولهذا السبب يبدو ان القادم من الايام لن يكون مريحا، وسيزيد من إرباكاتها.