استثمار جديد بات تحت أعين السعودية، عملاق النفط العالمي وأكبر مصدر له، إنه سوق الهيدروجين الذي بدأ بالازدهار، والذي تقدّر وحدة “بلومبيرغ” للطاقة المتجددة وصول قيمته إلى 700 مليار دولار بحلول عام 2050.
ففي مدينة “نيوم” الضخمة الجاري بناؤها حالياً في شمال غرب المملكة، يبنى مصنع بقيمة 5 مليارات دولار، يتوقع أن يكون من أكبر مصانع الهيدروجين النظيف في العالم لدى افتتاحه عام 2025، وهو يعمل بطاقة الشمس والرياح.
وتتعاون الحكومة السعودية مع شركة “أكوا باور”، وهي شركة مطورة للطاقة ومقرها الرياض مملوكة جزئياً للصندوق السيادي السعودي، وشركة “إير برودكتس أند كيميكالز” الأمريكية، لبناء مصنع الهيدروجين النظيف.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، عن بيتر تيريوم، المدير العام للطاقة في “نيوم”، قوله: “لا يوجد شيء رأيته أو سمعته من قبل بمثل هذا البعد أو التحدي، ولقد أمضيت العامين الماضيين في استيعاب ما حولي بداية من الصفر والآن نحن في وضعية التنفيذ تماماً”.
يضع خبراء في الطاقة النظيفة المملكة كدولة واعدة في مجال إنتاج الهيدروجين عالمياً في ظل ارتفاع الطلب عليه، فالاتحاد الأوروبي مثلاً خصص 500 مليار دولار لتوسيع نطاق بنيته التحتية باستخدام “الهيدروجين”.
وسبق أن قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في سبتمبر الماضي: “إن المملكة لديها خطط طموحة لكي تصبح أكبر مصدر للهيدروجين في العالم”.
وأضاف لـ “رويترز” أن “لدى المملكة احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، تمكِّنها من إنتاج الهيدروجين الأزرق”، مشدداً على أن “السعودية ستكون قائدة في إيجاد الحلول لمستقبل الطاقة النظيفة”.
ويوجد في بريطانيا 10 مشاريع لتدفئة المباني بالهيدروجين، وتنشر الصين حافلات تعمل بخلايا الوقود ومركبات تجارية، وتخطط اليابان لاستخدامه في صناعة الصلب، كما سبق أن حثّ المبعوث الرئاسي الأمريكي للمناخ، جون كيري، قطاع النفط والغاز المحلي على تبني الفرص الهائلة للهيدروجين.
وتعني هذه الخطط والمشاريع الدولية أن المصنع السعودي الموعود سيتلقى الكثير من العملاء المحتملين، حيث تضع المملكة نصب أعينها أن تصبح أكبر مورد للهيدروجين في العالم.
ويجري إنتاج الهيدروجين النظيف باستخدام الطاقة المتجددة بدلاً من الوقود الأحفوري، وتبلغ التكلفة الحالية لإنتاج “كيلوغرام واحد” أقل من 5 دولارات، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
وتمتلك السعودية ميزة تنافسية حيث يتوفر لديها ضوء الشمس الدائم والرياح ومساحات شاسعة من الأراضي غير المستغلة، ومن المرجَّح أن تكون تكاليف الإنتاج لديها من بين أدنى التكاليف على مستوى العالم، وقد تصل إلى 1.5 دولار للكيلوغرام بحلول عام 2030، وفقاً لوحدة “بلومبيرغ”.
ويأتي مصنع الهيدروجين كجزء من رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يدعم مشروع مدينة نيوم البالغة تكلفته 500 مليار دولار، كنموذج للمدن النظيفة.
لكن ثمة تحديات للتحول السعودي للطاقة النظيفة، وفق بلومبيرغ، إذ لا تزال المملكة تعتمد كثيراً على النفط الذي يعد الرافد الأساسي لموازنتها، كذلك فإن طاقتها التشغيلية للطاقة المتجددة لا تزال قليلة وفقاً للمعايير الإقليمية.
وتحاول الحكومة تعزيز استخدامها للطاقة المتجددة، حيث تخطط لتلبية نصف احتياجاتها من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ولديها العديد من المشاريع قيد الإنشاء أو ستبدأ قريباً.
ومن المتوقع أن تخسر الدول النفطية ما يصل إلى 13 تريليون دولار بحلول عام 2040 بسبب برامج الحد من تلوث المناخ، والسعودية من بين الدول التي من المتوقع أن تكون الأكثر تضرراً، وفق “بلومبيرغ”.