أوقف فيروس كورونا المستجد كثيراً من مجريات الحياة في المجتمعات الخليجية، حيث لم تعد الحياة بتلك السهولة؛ في ظل تفشي الجائحة وما يرافقها من مخاطر الإصابة، وقائمة المحظورات والتدابير، وتعثر السفر والحجر الصحي، وغير ذلك.
وبدت خطط المستقبل، كمشروع بناء أسرة، بعد إقامة حفل الزفاف، واحداً من الصعوبات التي تواجه الشباب الخليجيين المقبلين على بداية حياة جديدة، في إطار لجوء السلطات لمنع إقامة حفلات الأعراس بمختلف أنواعها، أو اقتصار الحضور على المقربين من العائلة.
وضرب فيروس كورونا مواسم الزواج في عموم دول الخليج خلال عام 2020، ويبدو أن عام 2021 لن يكون أفضل حالاً، حيث اضطر الأزواج المستقبليون إلى إلغاء حفلات زفافهم أو تأجيلها أو إقامتها على نحو ضيق.
ومع عودة فيروس كورونا إلى الانتشار بشكل واسع مجدداً مع وجود سلالات جديدة منه، وفرض حظر جزئي في عدة دول خليجية، سجل اختراق الكثيرين لقانون حظر إقامة الحفلات، عبر إقامتها في أوقات لا يشملها الحظر أو عبر دعوات خاصة.
أعراس صباحية بالكويت
وتسببت زيادة أرقام حالات الإصابة بالكويت، لفرض الحكومة حظراً جزئياً في البلاد بشكل يومي من الخامسة عصراً حتى الخامسة فجراً، من تاريخ 7 مارس حتى 8 أبريل المقبل (مع احتمالية تمديده).
وفي ظل ذلك انتشرت ظاهرة “الأعراس الصباحية”، كما استمرت الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإقامة حفلات ومناسبات، بينما تحولت موائد العشاء إلى إفطار وغداء، في محاولة للتكيف مع القرار الذي فرض على المواطنين البقاء في البيوت 12 ساعة يومياً.
وذكرت صحيفة “القبس” المحلية (10 مارس 2021) أن سكان الكويت واصلوا إقامة المناسبات الاجتماعية في المنازل بكل التجهيزات الممكنة، مع الحرص على عدم تصوير مناسباتهم خشية من المخالفة، في الوقت الذي استمرت فيه عروض شركات التنسيق والتجهيز بإقامة الحفلات.
ونقلت الصحيفة عن مواطنين رفضوا الإفصاح عن أسمائهم: “لقد حصلنا على التطعيم، ونأخذ احتياطاتنا”، مشيرين إلى أن “فيروس كورونا لن يوقف الحياة، فالبعض انتهوا من ترتيبات الأعراس قبل فترة واضطروا إلى إكمال الزواج خلال الأيام القليلة الماضية”.
وفي السياق قال أستاذ الأمراض المعدية الكويتي غانم الحجيلان، في حديث لتلفزيون الكويت: إن “كثيرين يقيمون أعراساً وتجمعات كبيرة ومخيمات ربيعية دون اكتراث بالوضع الصحي الخطير، مشيراً إلى أن مجموعات كبيرة لا تهتم بتلقي التطعيم، فضلاً عن آخرين يمارسون حياتهم وهم يعلمون أنهم حاملون للمرض”.
ويقيم بعض سكان الكويت حفلات الأعراس رغم الحديث عن توجه السلطات الكويتية لتفعيل قانون “الأمراض السارية”، الذي يلزم مخالف التدابير الاحترازية من وباء كورونا دخول السجن، وفرض غرامة مالية تصل إلى 10 آلاف دينار كويتي (أكثر من 33 ألف دولار أمريكي)، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
تعثر الزواج بالبحرين
وتسبب وباء كورونا بإيقاف مشروع زواج المئات في البحرين، الذين كانوا قد عقدوا العزم على إقامة حفلات الزفاف خلال العام الحالي بعد تأجيل استمر أشهراً، خاصة أن الغالبية يصرون على إقامة حفل الزفاف الذي يعدُّ تقليداً أساسياً في المجتمع البحريني بصالات وقاعات المناسبات لاستقبال المهنئين.
فيما أن “فرحة عمر” هؤلاء الشباب يبدو أنها ستتأجل مجدداً، في ظل قرار السلطات البحرينية، في يناير 2021، منع إقامة الأعراس والاحتفالات والتجمعات أو المؤتمرات في الفنادق والمطاعم والقاعات والصالات وجميع دور المناسبات المفتوحة والمغلقة حتى إشعار آخر.
ولم تذكر السلطات البحرينية أي مخالفة بخصوص إقامة حفلات أعراس في البحرين منذ فرض الحظر، خصوصاً في ظل التحذيرات المشددة التي أطلقتها وزارة الصحة البحرينية، وارتفاع غرامات المخالفين إلى ألفي دينار بحريني (5300 دولار).
تشديد في قطر
مع الموجة الثانية لفيروس كورونا في قطر فرضت السلطات بعض القيود على متعهدي تجهيز وتنظيم حفلات الزفاف والمناسبات؛ في إطار فرضها لتدابير شاملة للتخفيف من انتشار الوباء في البلاد.
أثرت تلك القرارات على أعداد المقبلين على الزواج الذين يفكرون في حفلات تقليدية فيها عدد كبير من الضيوف، خاصة أن القرارات الجديدة تمنع إقامة حفلات الزفاف في الأماكن المغلقة والقاعات والمساحات الخارجية؛ من فبراير 2021 حتى إشعار آخر.
واستثنى القرار حفلات الزفاف المقامة في المنازل أو المجالس، مع اقتصار وجود المدعوين على أفراد العائلة من الزوج والزوجة، بحضور ما لا يزيد على 10 أشخاص في الأماكن المغلقة (المنزل أو المجلس)، و20 شخصاً في الأماكن المفتوحة في المنزل.
ووضعت السلطات شروطاً صارمة؛ مثل الحصول على موافقة مسبقة، والسماح بدخول حاملي الرمز الأخضر فقط من تطبيق “احتراز”، بالإضافة للتدابير الاحترازية.
وفي 24 فبراير 2021، ولأول مرة منذ تفشي كورونا، أحالت السلطات القطرية عريساً للنيابة العامة؛ بسبب تجاوز العدد المسموح به للحاضرين في الزفاف، ومخالفة التعهد الذي يمضيه كل من ينظم مناسبة اجتماعية.
وسجلت المخالفة استناداً لقرار مجلس الوزراء القطري، والمرسوم المتعلق بالأمراض المعدية والإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا.
حملات تفتيش بالإمارات
سمحت الإمارات قبل دخول عام 2021، بإقامة حفلات زفاف على نطاق محدود، إلا أن انتشار السلالات الجديدة وارتفاع أعداد المصابين دفع إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، في فبراير 2021، لاقتصار حفل الزفاف والمناسبات العائلية على 10 أشخاص مع الالتزام بالتدابير الاحترازية الكاملة، مطالبة كافة أفراد المجتمع بضرورة الالتزام بالتعليمات التي تصدرها الجهات المختصة، والتي تهدف لسلامتهم ولاحتواء المرض ومنعه من الانتشار.
وحصلت بعض المخالفات في إمارة أم القيوين، حيث رصد مخالفات بحفلات أعراس لم يتقيد منظموها بالعدد المسموح (10 أشخاص) ولم يرتدوا الكمامة أو يتباعدوا اجتماعياً.
ازدياد الأرقام ووجود مخالفات بخصوص الحفلات دفع السلطات لتكثيف حملات التفتيش والرقابة على كافة القطاعات للتأكد من الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية، وتحويل المخالفين للنائب العام حسب القوانين المعتمدة.
مداهمة حفل بالسعودية
الحال لا يختلف كثيراً في المملكة؛ حيث اضطر الكثير من الشباب لتأجيل حفلات زفافهم، أو إلغائها مقتصرين على عدد قليل من المدعوين وحفل غداء دون تصوير لمنع حدوث مخالفة.
فقد قررت الحكومة السعودية، في 4 فبراير، إيقاف كافة حفلات الزفاف في الصالات والقاعات المستقلة أو التابعة للفنادق لمدة 30 يوماً قابلة للتمديد، مع السماح باجتماع ما لا يزيد عن 20 شخصاً في المناسبات الاجتماعية بالمنازل مع التقيد بالإجراءات الاحترازية.
وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية السعودية عقوبة التجمعات المخالفة التي تسهم في تفشي ونقل فيروس كورونا ما بين 5 آلاف (1300 دولار) إلى 80 ألف ريال (21 ألف دولار)، بحسب صحيفة الرياض.
وكان لافتاً اقتحام السلطات السعودية، في فبراير الماضي، لحفل زفاف في مدينة بريدة، وإخراج العريس من قاعة الزفاف لمخالفته الإجراءات الاحترازية.
وأظهر الفيديو لحظة خروج رجال الأمن من قاعة الأفراح في بريدة وإخراج العريس والمدعويين؛ بسبب مخالفة قرار إيقاف كافة المناسبات والحفلات.