دائماً تخسر الحكومة المعركة؛ لأنها -للأسف- لا تعرف كيف تكسب الرضا الشعبي، ولا تُمارس دورها بحزم، بسبب خوفها من المساءلة البرلمانية، الذي يدفعها إلى التردد، فتعيد -بكل أسف- إنتاج الأسلوب الذي سارت عليه سابقاتُها منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، أي بعد أزمة “سوق المناخ”، إلى يومنا هذا.
لهذا السبب تظهر السلطة التنفيذية، دائماً، بصورة المُعادية لمطالب الناس، غير المُكترثة بهمومهم، فيما تتشبث بقوانين لم تعد تصلح للقرن الحادي والعشرين، أكان في ما يتعلق بتشجيع الاستثمار والتمويل، أو حتى في القضية الإسكانية، التي لاتزال مواصفاتُها كما كانت عليه في خمسينات القرن الماضي، ولم تبادر يوماً إلى حلِّها.
في هذا الشأن -للأسف- لم تتعلم من تجارب الدول الأخرى، فيما يزداد هذا الملف تعقيداً، ما يجعل المواطن ينتظر 15 و20 عاماً ليحصل على حقه في السكن، بينما في الإمارات والسعودية والبحرين، وغيرها من الدول، حلَّت المسألة بتنظيم عصري، لم يُكلف الدولة أيَّ مبالغ تُثقل كاهل المال العام.
أما في موضوع الحريات والإعلام، وبدلاً من تطوير القوانين باتت تغريدة مواطن تُكلِّفه السجن 10 و20 عاماً وبعضهم يُواجه أحكاماً بالحبس لخمسين سنة؛ لأنَّ الحكومات لم تعمل على تبييض صفحتها في هذا الشأن، بإلغاء القوانين المصادرة لحرية الرأي، وهو ما جعل الكويت تظهر للعالم على غير صورتها الحقيقية كموئل لحرية الرأي والتعبير، ورسالة ثقافية تنويرية إلى العالم العربي.
أضف إلى ذلك أنَّ هذه الحكومات لم تعمل على تصويب العلاقة بينها وبين السلطة التشريعية، التي تبدو في نظر الشعب دائماً المُخلص والمُنقذ، ولذلك يعمد النواب إلى ممارسة دور شعبوي بكل أريحية؛ لإدراكهم أن السلطة التنفيذية لا تمتلك زمام المبادرة، ولقد تجلى ذلك في الأحداث الأخيرة حين استغل هؤلاء الممارسات المتناقضة لمجلس الوزراء في رفع اسمهم بين الكويتيين، بل أصبحوا الأبطال في نظر الناس.
صحيح أن الإنقاذ جاء من لدن القيادة السياسية عبر التوجيهات السامية بسحب البلاغات المقدمة من وزارة الداخلية، فكانت هذه فاتحة أبواب الانفراج بعدما أوصلت الحكومة الأمر إلى حافة الهاوية، وهذا ما جعل الاطمئنان يسود بين الكويتيين.
استناداً إلى هذه الحقيقة، فإن الكويتيين، اليوم، يتطلعون إلى ولي الأمر؛ ليُخرجهم من النفق الذي أدخلتهم فيه السلطة التنفيذية، بسبب تخبُّطها، ويتوجهون إليه لتخليصهم مما هم فيه، أكان في قضية القروض التي لا يطلبون أكثر من إعادة جدولتها، وخفض أو إسقاط فوائدها، وضمانها من الدولة، وتقسيطها لعشرين أو ثلاثين عاماً، وإسقاط الدعاوى القضائية التي وصلت إلى نحو 70 ألفاً في سنوات قليلة، بينما هناك مئة ألف مواطن ممنوعون من السفر بسبب مبالغ زهيدة.