كانت دول الخليج العربية من بين أوائل الدول في العالم التي حصلت على لقاح كورونا، ضمن خطط حكومية وجداول زمنية محددة.
ووفق آخر الإحصائيات التي رصدها “الخليج أونلاين”، وصل عدد جرعات اللقاح التي مُنحت للسكان في دول الخليج إلى 12 مليوناً و645 ألف جرعة حتى الآن.
واعتمدت قطر لقاحات “فايزر” و”موديرنا”، واستلمت أولى الشحنات، وأطلقت حملة وطنية عبر سبعة مراكز صحية تابعة لوزارة الصحة العامة.
من جهتها تعمل الكويت على استيراد نحو 5.7 ملايين ألف جرعة من لقاحات تكفي لنحو 2.8 مليون نسمة؛ منها مليون جرعة من لقاح “فايزر” و1.7 مليون من موديرنا، و3 ملايين جرعة من “أسترازينيكا- أوكسفورد”، خلال 2021.
أما المملكة العربية السعودية فباشرت حملات تسعى من خلالها إلى تطعيم نحو 70% من السكان بحلول عام 2021.
من جهتها تعمل البحرين على تطعيم كل من بلغ 18 عاماً وأكثر، أما في الإمارات التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 10 ملايين نسمة فقد بلغ إجمالي الجرعات المعطاة من اللقاح أكثر من 7 ملايين، وتم بالفعل تلقيح أكثر من مليوني مواطن باستخدام لقاحي “فايزر” و”سينوفارم”.
أما عُمان التي شهدت انتشاراً حاداً للمرض خلال الشهور الماضية، فقد حجزت 2.8 مليون جرعة من الشركات المصنعة للقاح، وباشرت باستراتيجية تطعيم عبر مراحل تغطي نحو 60% من نسبة السكان.
مخاطر عودة الإصابات
لكن في ظل عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي والانفتاح السياحي الذي حصل، لا سيما في الإمارات، عادت الإصابات من جديد للارتفاع.
فقد أرجع مسؤول أمني بحريني أسباب ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا إلى التجمعات والتراخي في تطبيق الإجراءات الاحترازية.
وقال العميد الركن حمد بن محمد آل خليفة، مساعد رئيس الأمن العام لشؤون العمليات والتدريب في البحرين، يوم 13 مارس: إن “التجمعات، وخصوصاً العائلية منها، من أبرز أسباب الارتفاع الملحوظ للحالات القائمة لفيروس كورونا في الفترة الأخيرة”.
أما في الكويت فقد عاد فرض الحظر الجزئي للحد من ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، اعتباراً من 7 مارس، وحتى الثامن من أبريل المقبل.
وشددت الكويت أيضاً مؤخراً القيود على حركة السفر والتجمعات؛ بعد ارتفاع الإصابات بشكل ملحوظ، كما أغلقت منافذها البرية والبحرية مع استثناءات قليلة.
أما الإمارات فقد شهدت زيادة كبيرة في الإصابات بالفيروس منذ بداية العام الجديد، نتيجة إعادة استقبال السياح والمسافرين.
وإثر ذلك أصدرت الحكومة الإماراتية تعميماً يلزم العاملين في المنشآت والشركات والمؤسسات العاملة في 5 أنشطة تجارية بإجراء فحص كورونا كل 14 يوماً، وذلك اعتباراً من 28 مارس الجاري.
وتشمل الأنشطة كلاً من الفنادق والمطاعم والنقل والصحة، فضلاً عن الأنشطة الاجتماعية والشخصية الخاصة بالمصابغ وصالونات التجميل والحلاقين، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، مساء الاثنين.
ودعا التعميم جميع منشآت وشركات ومؤسسات القطاع الخاص إلى حث العاملين لديها على تلقي لقاح كورونا وتنظيم وتسهيل ما يلزم لذلك، بالتنسيق مع الجهات المختصة بالدولة، والوصول لتلقي العمال جرعتي اللقاح في أسرع وقت ممكن.
إجبارية اللقاح
وإزاء هذه التطورات يطرح سؤال مهم؛ هل تضطر الدول الخليجية لفرض تطعيم كورونا على جميع سكانها؛ كلقاح مرض “السل” وأمراض الكبد الوبائي، لكن في الوقت نفسه لا يوجد نص قانوني يجبر الحكومات على أخذه مسبقاً إلا في حالات محددة.
كما سبق أن أكدت وزارات الصحة في الخليج أنّ اللقاح سيكون اختيارياً ولن يكون إلزامياً على المواطنين والمقيمين.
وكان مصدر حكومي إماراتي قال لصحيفة “الرؤية” المحلية: إن “الجهات الصحية بالدولة لا تفكر مطلقاً في جعل لقاح كوفيد-19 إجبارياً”.
لكن في المقابل تجبر دول الخليج رعاياها الراغبين بالسفر على الحصول على لقاح كورونا مسبقاً، وفي فبراير الماضي، كشف وزير الصحة العُماني أحمد بن محمد السعيدي ،عن إجراء السلطنة مشاورات مع دول مجلس التعاون لإصدار جواز سفر خاص بفيروس كورونا، وذلك في ظل “وضع مقلق” بشأن تفشي الجائحة في أراضي السلطنة.
كما أعلن وزير الصحة السعودي، توفيق الربيعة، مطلع مارس الجاري، أن الحصول على لقاح فيروس كورونا شرط رئيس لأداء فريضة الحج هذا العام.
وكشف المدير الطبي لمستشفى حمد العام في قطر، يوسف المسلماني، الثلاثاء 23 مارس، عن دراسة إصدار جواز سفر خليجي للحاصلين على لقاح كورونا، بحيث لا تخضع هذه الفئة للحجر في دول مجلس التعاون.
وفي حديث سابق لـ”الخليج أونلاين”، قال رئيس لجنة الإشهاد التابعة لمنظمة الصحة العالمية بالكويت، الطبيب فهد العنزي: إن “التطعيم ضد فيروس كورونا يعطي مناعة مؤقتة ضد المرض، لا دائمة، وهو ما يعني أن الحصول عليه “ضرورة صحية”.
ولا يعد عدم الحصول على التطعيم -وفق حديث العنزي لـ”الخليج أونلاين”- حرية شخصية بالنسبة للأشخاص الرافضين أخذ اللقاح؛ لكون ذلك سيتسبب في بقاء الفيروس في المجتمعات، ويهدد صحة أفرادها وسلامتهم.
وأضاف في هذا الصدد: “تحتاج الدول لمواجهة كورونا إلى حصول جميع سكانها على مناعة بنسبة 70% من عدد السكان، وفي حال عدم الوصول إلى هذه النسبة من التطعيم فذلك يعني أن الفيروس لن يتم القضاء عليه، وسيبقى لفترات طويلة يواصل العدوى”.
وأشار إلى أن “فيروس كورونا مرض تسبب في وفاة مئات الآلاف من البشر وإصابة الملايين، وتدمير اقتصادات دول، لذلك فالحصول على اللقاح يعد مسؤولية، وضرورة صحية، ولا يأتي ضمن الحرية الشخصية”.
كما أوضح رئيس لجنة الإشهاد التابعة لمنظمة الصحة العالمية بالكويت أن الدول الخليجية لن تسمح بأن يكون التطعيم ضد فيروس كورونا اختيارياً لمواطنيها؛ بسبب حاجتها الماسة للقضاء على الفيروس.
وحذر العنزي من أنه في حال تركت الدول أخذ اللقاح غير إجباري “فلن يتوقف المرض، وستزيد حالات الوفاة والإصابات وتداعياته المدمرة على الاقتصاد”.
وكانت مديرة إدارة التطعيم واللقاحات في منظمة الصحة العالمية، كيت أوبراين، قد قالت إنها لا تعتقد أنه “يجب أن تجعل أي دولة التطعيمات إلزامية”.
وأضافت أوبراين، في ديسمبر 2020: “قد تكون هناك بعض الدول أو بعض الحالات في دول تتطلب فيها الظروف المهنية ذلك، أو توصي بشدة بالتطعيم كحالات المستشفيات والعاملين داخلها، لكن لا يجب أن تكون هذه السياسة عالمية”.