هزَّت جريمة مقتل الشابة فرح حمزة أكبر، الكويتيين كافة؛ لبشاعتها وتوقيتها، فقد اختار الجاني نهار يوم من أيام أقدس الشهور ليُقْدم على فعلته الشنعاء، ولئن كان الحزن الذي عمَّ الجميع لا يُمكن أن يُعوِّض أسرة الضحية، إلا أن العزاء الوحيد لها، ولنا ككويتيين، أن يكون الحكم عبرة ودرساً لكلِّ من تُسوِّل له نفسه ارتكاب مخالفة، وأن يكون، أيضاً، حافزاً لأجهزة الدولة المعنية لتؤدي واجبها لقطع دابر الجريمة، التي ازدادت مُعدلاتها في الفترة الأخيرة، في ظلِّ التهاون الأمني واللامبالاة السائدة في البلاد.
صحيح أنَّ أيَّ عقاب للجاني لن يعيد الروح إلى فرح، لكن أما كان تفادي الجريمة ممكناً، ومنذ زمن، من خلال سد الثغرات القانونية، والقضاء على شيطان الواسطة الذي يضرب كلَّ المؤسسات بعدما أصبح سلطة عاتية لا يُمكن ردُّها نتيجة اللعب على الولاءات القبليّة والعائليّة والطائفيّة، وكأنَّ الكويت غابة وليست دولة قانون ومؤسسات؟
لا شكَّ أنَّ الضحية التي نحسبها شهيدة، باتت اليوم عند الرفيق الأعلى، إلا أن الغضب الشعبيَّ العارم يجب أن يُشكِّل دافعاً قوياً للعمل على وقف هذا المسلسل الدموي اليومي، إذ لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن حادثة طعن أو جريمة قتل أو ارتكاب مخالفة كبرى، فيما الحُجَّة أن القوانين ليست كافية لردع هذه الأعمال المنكرة، لذا إذا كانت المؤسسات المعنية عاجزة عن تعديل التشريعات، فلا يبقى لنا إلا ولي الأمر، أبو كلِّ السلطات، أن يضرب بعصاه حازماً؛ لتطوير تلك القوانين، ويجعل لها أظافر وأنياباً لا ترحم، لاسيما أن مجلس الأمة والحكومة منشغلان بالصراع الدونكيشوتي، ولم يلتفتا إلى إقرار القوانين وتعديلها، التي انتخب النواب من أجل العمل عليها، وأقسم الوزراء على تنفيذها.
لو لم يكن هناك تقصيرٌ في الجانب التشريعي لما كان عجز وكيل النيابة العامة عن حماية هذه المرأة، رغم ذلك ثمة الكثير من الإجراءات التي تتخذها المؤسسات المنوط بها حفظ الأمن، تبدأ من التعاطي بجدية وأهمية بالغة مع أي بلاغ، مهما كان في نظر موظفيها تافهاً، ولا تنتهي عند ربط المشبوهين بسوار متابعة إلكتروني، فيما الذين لديهم ملفات في الطب النفسي -التي للأسف باتت في هذه الأيام حجة سهلة يلجأ إليها المشبوهون والمجرمون؛ للإفلات من العقاب- فإنَّ مكانهم مستشفى الطب النفسي، وليس تركهم يسرحون ويمرحون في شوارع البلاد يعتدون على عباد الله مُتسلحين بتهمة الجنون.
لا شكَّ أنَّ ما يطمئن الناس الإسراع في إصدار الحكم على الجاني، وتنفيذه دون تردد، لكن ما يهدئ من رَوْع الكويتيين والكويتيات أكثر تحديث التشريعات التي تحمي المرأة، فالرقم الذي طالعتنا به الأخبار عن عدد النساء المقتولات، وصمة عار في جبين المجتمع الكويتي، الذي تربى على ثقافة الانفتاح والحوار والتسامح، وليس القتل وهتك الحرمات، والتعدي على الناس لمجرد “خزة”، أو لأن معتوهاً يسعى إلى الاستحواذ بالقوة على عباد الله.