توالت الأخبار في الأيام الأخيرة عن “الفطر الأسود” حتى أن الحديث عنه تصدر مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية ومصر ودول عربية أخرى. وانتشرت عبر التدوينات شائعات ومبالغات بشأن “الفطر الأسود”.
يتحدث المغردون عن “وباء جديد” “يموت كل من يصاب به” أو “تنتزع عينه” إذا كان محظوظا وتمكن من العيش.
فما حقيقة هذه “المعلومات” المنتشرة؟
ماهو الفطر الأسود؟
يسمى أيضا “الفطر العفني” أو “فطر الغشاء المخاطي” وهو عدوى نادرة جدا، تكون نتيجة للتعرض لعفن يوجد عادة في التربة والسماد الطبيعي و النباتات الفواكه والخضروات المتحللة.
يؤثر “الفطر العفني” على الجيوب الأنفية والمخ والرئتين ويمكن أن يهدد حياة المصابين بالسكري أو المصابين بنقص المناعة الشديد مثل مرضى السرطان أو المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”.
كيف انتشر الرعب من الفطر الأسود ولماذا اقترن بوباء كورونا؟
بدأ الحديث عن الفطر الأسود منذ أيام مع إعلان الهند رصد انتشار متسارع للمرض ضمن المصابين والمتعافين من فيروس كورونا.
وأعلنت السلطات الصحية في الهند يوم الأحد أن عدد حالات الإصابة بالفطر الأسود القاتل تجاوزت 8800 حالة ضمن انتشار متواصل للمرض ينذر بتحوله إلى وباء في الهند.
ورصدت الهند آلاف الإصابات بالمرض مؤخرا بين من تعافوا أو هم في طور التعافي من فيروس كورونا.
لذلك ربط المغردون المرض بفيروس كورونا وعبروا عن خوفهم من انتشاره في بلدانهم كما ينتشر وباء كورونا.
ويقول المختصون إن الفطر الأسود يتمكن ممن يعانون فقدان أو نقص المناعة.
ويعتقد الأطباء في الهند أن هناك رابطا بين انتشار “الفطر الأسود” وبين استخدام مركبات الستيرويد في علاج حالات الإصابة الشديدة والحرجة بكوفيد- 19.
فهذه المركبات المنشطة التي تعتبر علاجا فعالا و”رخيصا” يخفف الالتهاب الرئوي في حالات حرجة من الإصابة بكورونا، تضعف المناعة وتزيد نسبة السكر في الدم.
ويعتقد أن انخفاض المناعة الناتج عن استخدام هذه المركبات يجعل المتلقين للعلاج أكثر عرضة للإصابة بالفطر الأسود.
منشورات ترعيب وتهويل على وسائل التواصل الاجتماعي
“وباء جديد يجتاح العالم”
انتشر في السعودية وسم #وباء_الفطر_الأسود وتحدث مغردون عن “وباء جديد” ينتشر بسرعة وعبروا عن خوفهم منه بقدر خوفهم من وباء كورونا.
وتصدر الحديث عن “الوباء الجديد” مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أيضا.
الحقيقة هي أن عدوى الفطر الأسود وإن كانت نادرة في السابق إلا أنها ليست جديدة.
أما عن حقيقة ما إذا كان وباء يتهدد العالم وعن مقارنته بجائحة كورونا فإن معدل انتشار الفطر الأسود لم يصل إلى الدرجة التي تجعله يوصف بالوباء حتى في الهند نفسها.
وتعرف منظمة الصحة العالمية الوباء بأنه مرض يصيب عدة أشخاص في نفس الوقت وينتشر من شخص لآخر في بلد معين في وقت معين.
ثم يتحول الوباء إلى جائحة أو وباء عالمي إذا انتشر في عدد من البلدان حول العالم في ذات الوقت.
وذلك هو وضع فيروس كورونا منذ 11مارس/ آذار عام 2020 وقت أعلنته منظمة الصحة العالمية جائحة أو وباء عالميا.
“وباء يقتل كل من يصاب به”
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تغريدات وتدوينات يتحدث أصحابها عن نسب عالية جدا من الوفاة في حالة الإصابة بالفطر الأسود. ومنهم من قال إن كل من يصاب به يموت.
بينما يقول الأطباء والعلماء إن نسبة الموت جراء الإصابة بالفطر الأسود تبلغ خمسين بالمئة.
“لا دواء والحل الوحيد اقتلاع العين”
يدخل الفطر العفني الجسم عن طريق الجهاز التنفسي٬ فيصيب الأنف والفم والعين والرئتين وقد يبلغ انتشاره الدماغ.
إذا اكتشفت الإصابة مبكرا يستخدم الأطباء الحقن الوريدي المضاد للفطريات لعلاجه.
في الهند، يكلف الحقن الوريدي المضاد للفطريات 3500 روبية (ما يعادل 48 دولارا) للجرعة الواحدة يوميا. ويحتاجه المريض لمدة تصل إلى 8 أسابيع.
وهو ثمن لا تقدر عائلات كثيرة على دفعه. وقد يصل السعر إلى أكثر من ذلك بكثير إذا اضطروا لشرائه من السوق السوداء.
إذ يعاني البلد من نقص حاد في الحقن الوريدية المضادة للفطريات “الأمفوتريسين بي” أو “أمفو- بي”.”
ويقول الأطباء في الهند إن أغلب الحالات تصلهم متأخرة جدا وقد لا تصلهم الحالة إلا بعد أن يفقد المصاب البصر.
وفي حالات كهذه لا يكون أمام الأطباء غير التدخل الجراحي لاستئصال العين أو الأنف أو الفك الأعلى منعا لوصول العفن إلى الدماغ.
ما حقيقة انتشار الفطر الأسود في البلدان العربية؟
ومع انتشار الخوف من الفطر الأسود تسعى السلطات المختصة إلى التهدئة من روع الناس.
في السعودية قال المتحدث باسم وزارة الصحة في مؤتمر صحفي بشأن مستجدات فيروس كورونا في المملكة إنه لم يتم رصد حالات مصابة بـ “الفطر الأسود” في البلاد.
في سلطنة عمان نشرت وزارة الصحة، تفاعلا مع ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بيانا تقول فيه إنه لم تسجل أي إصابات بالفطر الأسود ضمن المصابين بفيروس كورونا في السلطنة
وفي مصر قال مساعد وزيرة الصحة خالد مجاهد في تصريح لبرنامج “على مسؤوليتي” على قناة “صدى البلد” المصرية إنه “لا داعي للذعر أو الهلع”.
وقال مجاهد إن الفطر الأسود ليس وباء جديدا وإنما هو “عارض جانبي وارد حدوثه لمن يعاني من فقدان المناعة”.
وحذر مجاهد من “سوء استخدام” المضادات الحيوية والكورتيزون في علاج وباء كورونا من دون العودة إلى الطبيب حيث أن ذلك يساعد على إضعاف المناعة ما يجعل المريض أكثر عرضة للإصابة بأمراض أخرى منها الفطر الأسود.
وأكد مجاهد على أنه ليس هناك دواء موحد لعلاج كورونا وأن العلاج يختلف من مريض لآخر.
ماعلاقة الفطر الأسود بوفاة سمير غانم؟
ارتبط الحديث عن الفطر الأسود على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر بوفاة نجم الكوميديا سمير غانم الذي كان يرقد في المستشفى مصابا بفيروس كورونا.
تداولت وسائل إعلام فور إعلان وفاته أنه توفي جراء إصابته بفيروس كورونا.
ثم قال نقيب الممثلين أشرف ذكي خلال تصريح صحفي في جنازة النجم المرحوم إن غانم شفي من فيروس كورونا لكنه على الأغلب توفي متأثرا بالآثار الجانبية للوباء على وظائف الكلى.
لكن التصريح الأكثر الانتشار بشأن سبب وفاة النجم المحبوب كان ذلك الذي قال فيه أخوه إن سمير أصيب بالفطر الأسود في عينه وأن ذلك “كان السبب في ما حدث” وإنه لولا ذلك لكان شفي وغادر المستشفى.
وكان شقيق الفنان الراحل قد قال في بداية المقابلة إن سمير شفي من كورونا لكنه أصيب بفشل في الكلى والرئة.