في الوقت الذي تسعى فيه حكومات دول مجلس التعاون الخليجية إلى تعزيز مرونة اقتصاداتها ومواردها المالية العامة في أعقاب انتشار فيروس كورونا، بدأت تلوح في الأفق دلائل ملموسة على ان خصخصة القطاعات والمصالح الحكومية ستلعب دورا مهما في استراتيجيات التعافي الفوري من الوباء، فضلا عن الجهود التي تبذل لتعزيز وتكريس التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الهيدركروبون على المدى الطويل.
وفي هذا السياق، استعرضت مجموعة أوكسفورد بيزنس غروب الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون في هذا المضمار، وبدأت بالإشارة الى إعلان المملكة العربية السعودية خططا لجمع 55 مليار دولار من خلال برنامج الخصخصة، فيما تكثف دول الخليج الأخرى بالمثل جهودها لتحفيز الاستثمار الخاص في الأصول والمشاريع العامة، بهدف تعزيز المالية العامة للدولة، وتحفيز التنويع ودفع جهود الانتعاش من وباء كورونا.
وقالت المجموعة البريطانية للإعلام والنشر ان الحكومة السعودية تعتبر من الحكومات في المنطقة التي تعمل على توسيع استراتيجيات خصخصة للكثير من المرافق، شأنها شأن العديد من دول الخليج الأخرى سعيا لتسريع التنويع الاقتصادي، مع زيادة مشاركة القطاع الخاص كعنصر رئيسي في العديد من هذه المشاريع. وقد سبق للمجموعة ان تناولت هذا الموضوع بعمق بالتوازي مع تطور تداعيات الوباء في دول المنطقة.
ففي مارس من هذا العام، وافق مجلس الوزراء السعودي على قانون مشاركة القطاع الخاص الذي سيدخل حيز التنفيذ في يوليو ويستهدف 16 قطاعا لرفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 40% إلى 65%.
ويعالج القانون الجديد مختلف المجالات التي كانت مصدر قلق للمستثمرين المحتملين، ولاسيما الأجانب.
ويفسر هذا الاستعداد للتعامل مع مخاوف المستثمرين الأجانب على أنه انعكاس لبانوراما ما بعد كوفيد -19، حيث أصبحت الأوضاع المالية لدول الخليج أقل ارتياحا مما كانت عليه في السابق، وبالتالي فمن المحتمل أن تكون لديها قابلية أكبر لتقديم الفرص للمستثمرين الأجانب مما كانت عليه في الماضي.
وينطبق هذا الوضع على باقي دول مجلس التعاون، ومنها عمان التي تنظر في بيع ما نسبته 54% من أسهم شركة أسمنت عمان، خصوصا ان لدى الحكومة سجل حافل قبل انتشار فيروس كورونا في مناصرة الخصخصة.
وعلى صعيد متصل، ذكرت مصادر أن أبوظبي تفكر في بيع حصة تبلغ 10% بقيمة 4 مليارات دولار في شركة طاقة، التي تعتبر أكبر مرافق الطاقة في الإمارة. وستمثل التصفية المحتملة لأي من أصول الشركة الخطوة الأخيرة في حملة الخصخصة المستمرة من قبل الإمارة، والتي جذبت في السنوات الأخيرة أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية.
وفي الوقت نفسه، تبحث البحرين عن شركات خاصة معنية بالشراكة مع القطاع العام لتطوير نظام المترو المقدرة تكلفته بأكثر من مليار دولار، وربما تصل إلى ملياري دولار، خاصة ان البحرين تعتبر رائدة في جذب استثمارات القطاع الخاص، حيث احتلت المرتبة الثانية بعد الإمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمرتبة 43 بشكل عام على أحدث مؤشر لسهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي.