أكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر، أن الاقتصاد الكويتي وقع خلال وطوال الأشهر الـ16 الماضية وحتى الآن أسير 3 أزمات متشابكة، تساهم كل واحدة منها في تعميق جراح وتعظيم خسائر أختها، ألا وهي: جائحة فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، وغياب الرؤية والقدرة اللازمتين لإدارة مثل هذه الأزمة المركبة ثلاثية الأنياب.
وأضاف الصقر خلال كلمته أمام الجمعية العامة الـ57 لغرفة تجارة وصناعة الكويت، أن الغرفة كانت في طليعة من علق الجرس تحذيرا من التداعيات الاقتصادية للجائحة، والدعوة الى سرعة التحرك لتطويقها، حيث إنها لم تترك فرصة إلا وانتهزتها لإيصال صوت القطاع الخاص الى السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأشار إلى أن الغرفة تقدمت بورقة مبادئية حول المنطلقات الاقتصادية والإجرائية لمعالجة الأزمة، الى فريق العمل الذي تشكل لهذا الغرض من وزراء الادارة الاقتصادية والغرفة، ثم عقدت قرابة أربعين اجتماعا مع كافة شرائح القطاع الخاص، واتحاداته النوعية، وقطاعاته المختلفة بما في ذلك قطاع التعليم الخاص بحضاناته ومدارسه وجامعاته.
المشاريع الصغيرة
وأكد الصقر على أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالذات حظيت بأهمية مركزية في هذه الاجتماعات التي حمل مكتب الغرفة نتائجها ملخصة ومبوبة الى سمو رئيس مجلس الوزراء في لقاء مطول وصريح شارك فيه وزراء التجارة والصناعة، والمالية، والدولة للشؤون الاقتصادية.
وتابع: «شاركت الغرفة بفاعلية في فريق الاصلاح الذي كلف بتقديم مقترحاته في شأن تنشيط الاقتصاد الوطني وزيادة كفاءة قطاعه العام وتعزيز دور قطاعه الخاص، كما تمثلت الغرفة في فريق تعديل التركيبة السكانية، المكلف برفع توصياته لكي تكون العمالة الوافدة متفقة حجما ونوعية مع الاحتياجات الفعلية للبلاد، وذات قيمة مضافة حقيقية لاقتصادها».
ومضى الصقر يقول: «أجد من حق الغرفة وواجبها أن تعرب عن اعتزازها الشديد بأن مقترحاتها وطروحاتها لمواجهة الأزمة، والتي تقدمت بها بين مارس ومايو 2020، جاءت متوافقة الى حد بعيد مع التوصيات والإجراءات التي أعلنتها اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي، في العرض الذي قدمه رئيسها محافظ بنك الكويت المركزي يوم 4 يونيو 2020، بعد ان تبناها مجلس الوزراء في جلسة استثنائية عقدها في نفس اليوم».
مقترحات الغرفة
أشار الصقر إلى أن مقترحات الغرفة وطروحاتها جاءت متسقة ومتكاملة مع الخطوط العريضة لتقرير فريق الاصلاح الاقتصادي الذي رفعه رئيس الفريق المدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الى سمو رئيس مجلس الوزراء في سبتمبر 2020، غير أن هذا التساوق الفكري الموضوعي بين رؤى القيادات الاقتصادية الفنية والمتخصصة في القطاعين العام والخاص، لم ينجح في تجسير التباين الكبير في توجهات السلطتين، فجاءت الخطوات التنفيذية الجادة قاصرة وبطيئة وملتبسة، وهو ما تابعناه جميعا بأسف، وتجرعنا نتائجه بمرارة، ودفعنا وندفع تكاليفه بارهاق ومشقة.
وأضاف أن أبلغ وأخطر برهان على ما ذهبنا إليه هو انخفاض التصنيف الائتماني السيادي للكويت وتغير النظرة المستقبلية لاقتصادها، والذي بررته وكالة ستاندرد آند بورز في نهاية مارس، وعزته وكالة موديز في أواخر سبتمبر 2020، الى بطء الاصلاحات الاقتصادية واسعة النطاق، وزيادة الأعباء على مؤشرات المالية العامة وميزان المدفوعات، وتصاعد مخاطر السيولة على الرغم من القوة المالية الاستثنائية للدولة، والعجز المستمر في مواجهة الصدمات، والصعوبة المتزايدة في معالجة عجز الميزانية العامة بسبب هيكل الانفاق الحكومي غير المرن، ولكن يبقى الجهاز المصرفي الكويتي- بشهادة الوكالتين- الجذوة التي تبدد ضبابية المشهد وتحفظ التفاؤل، إذ حافظ هذا الجهاز ونظامة على نظرة كلية قوية للمصارف الكويتية، تقوم على قوة استقلاليتها المدعومة بقدراتها وملاءتها وسيولتها».
وطننا في خطر
تطرق الصقر إلى الورقة الموسومة «إن وطننا في خطر»، والتي أصدرتها الغرفة نهاية عام 2020، قائلا إنما كانت- من حيث المناسبة- تعبيرا عن وعي تام وتنبيها للوعي العام بالدلالات البعيدة والانعكاسات العميقة لتخفيض التصنيف الائتماني السيادي، كما كانت الورقة- من حيث الهدف- تجديدا وتأكيدا لإرادة القطاع الخاص وقدرته على أن يؤدي دوره التنموي كاملا في اصلاح المالية العامة، وفي ضمان حرمة المال العام، وفي تعديل التركيبة السكانية، إذا ما تهيأت له البيئة التي تمكنه من أداء هذا الدور في إطار الثقة والحرية والعدالة، والتعاون المتوازن مع القطاع العام.
وتابع الصقر كلمته قائلا: «من هذا المنطلق، تبنت الورقة مجموعة من السياسات والاجراءات الرئيسية التي توفر الشروط اللازمة للبيئة المطلوبة، وتضمن الالتزام الوطني التنموي للقطاع الخاص، وتستعيد الثقة الشعبية والدولية بمصداقية وعزيمة الكويت الاصلاحية، خاصة أن المشهد الاقتصادي الكويتي لم يكن مشهدا مشرقا واعدا قبل متلازمة الجائحة الصحية، وارتفاع عجز الميزانية، وضعف الرؤية والقدرة، ولكن المشهد ازداد قتامة بعد الأزمة ثلاثية الأنياب، فأضحت الصور أكثر ضعفا، وأضحت النظرة الى الغد أشد قلقا».
إدارة «الغرفة» وجهازها التنفيذي.. شكر موصول
وجه الصقر شكرا خاصا ومستحقا لإدارة الغرفة وجهازها التنفيذي بكامله، لما أبدوه من احساس عال بالمسؤولية الوطنية والمهنية، في اطار الالتزام بقرارات تنظيم العمل في الدولة، إذ بقي عمل الادارات المعنية منتظما ومستمرا بغية تسهيل مهمة المؤسسات والشركات في تأمين خطوط التوريدات والمخزون الاستراتيجي للبلاد، وعدم توقف دوران عجلة الصناعة الوطنية وصادراتها.
وقال: «أذكر باعتزاز أن الغرفة تطويرا لخدمة أعضائها، ووفاء بالمتطلبات الدولية لتسحين بيئة الأعمال، قصرت استيفاء مستحقاتها مقابل خدماتها على الدفع الآلي، ومن خلال البطاقات الائتمانية المصرفية والشيكات المصدقة.
كما يستطيع أعضاء الغرفة الآن تجديد عضويتهم والحصول على شهادات الانتساب آليا، دون الحاجة للحضور الشخصي.
كما أطلقت الغرفة- بالتعاون مع الهيئة العامة للمعلومات المدنية- خدمة الكترونية جديدة تتيح لأعضائها التصديق على صحة التوقيع الكترونيا عن طريق تطبيق هويتي».
تكريم الرئيس السابق علي الغانم
أعرب الصقر عن خالص شكره وتقديره إلى رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة السابق علي الغانم، وذلك على جهوده السابقة في رئاسة غرفة التجارة على مدى 15 عاما، مؤكدا أن «الغرفة» لن تنسى الجهود الكبيرة التي بذلها علي الغانم إبان فترة توليه لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت، وأنها كانت بصدد تكريمه على تلك الجهود، لولا جائحة فيروس كورونا التي حالت دون ذلك التكريم، مستذكرا في الوقت ذاته الدور الكبير الذي لعبه الغانم لخدمة الكويت طوال تلك الفترة الماضية.
شكر خاص لسمو الأمير وولي عهده ورئيس مجلس الوزراء
تقدم محمد الصقر بالشكر الخاص لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وإلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، حيث قال: «أدعو الله أن يمن علينا بصحة وتوفيق وطول عمر أميرنا صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، والذي ترفع الغرفة إلى مقامه جزيل العرفان لمساندته السامية لدورها وأنشطتها، ورعايته الدائمة للاقتصاد الكويتي ومؤسساته».
وأضاف: «تتقدم الغرفة ببالغ الشكر والتقدير الى سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد لدعمه للاقتصاد الكويتي والدور التنمــوي للقطاع الخاص، والى سمو رئيس مجلــس الوزراء الشيخ صباح الخالد لتفهمه العميـــق لقضايـــا التنمية والإصلاح».