وسط استمرار الغموض بشأن مصير المفاوضات النووية في فيينا، وبعد تجديد التفاهمات بين تل أبيب وموسكو، قصفت إسرائيل، أمس، شحنة أسلحة إيرانية من سورية إلى لبنان، في وقت تعهدت الولايات المتحدة باستخدام كل الوسائل لمنع طهران من تطوير برنامج الطائرات المسيّرة، الذي اعتبره الغرب أخطر من تخصيب اليورانيوم.
في ثاني عملية منذ زيارة رئيس وزرائها نفتالي بينيت إلى روسيا ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بحث معه الملف السوري والتموضع العسكري الإيراني في سورية، شنّت إسرائيل هجوماً غير معتاد، في وضح النهار، استهدف مواقع للجيش وأهدافاً إيرانية في ضواحي دمشق، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص وتدمير شحنة أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى حزب الله اللبناني.
وبعد مرور 5 أيام من استهداف مركزين للجيش السوري وحلفائه في محافظة القنيطرة، قال مصدر عسكري سوري لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، «في الساعة 17: 11 أطلق العدو الإسرائيلي رشقة صواريخ أرض – أرض من اتجاه شمال فلسطين المحتلة، مستهدفاً بعض النقاط في ريف دمشق، مما أدى إلى إصابة جنديين بجروح ووقوع بعض الخسائر المادية»، مؤكداً أن الدفاعات الجوية تصدت له وأسقطت بعض الصواريخ.
وتحدثت صحيفة هآرتس العبرية عن «هجوم نادر خلال ساعات النهار استهدف خلاله سلاح الجو الإسرائيلي في ضواحي دمشق عملية نقل أسلحة مصدرها إيران إلى حزب الله اللبناني».
ووفق مسؤول إسرائيلي، فإن طائرات حربية استهدفت في سورية شحنة أسلحة مصدرها كانت في طريقها إلى مقاتلي حزب الله في لبنان، موضحاً أن الضربة تمت الموافقة عليها في اجتماع لمجلس الوزراء المصغر برئاسة نفتالي بينيت.
وبعد انفجارات متتالية بفارق زمني قصير، أكد المرصد السوري، تدمير مستودعات أسلحة وذخائر في منطقتي قدسيا والديماس وطريق البجاع ومناطق أخرى شمال غرب العاصمة دمشق»، مشيراً إلى أن تلك المناطق «توجد فيها مستودعات للسلاح والذخائر لحزب الله اللبناني والميليشيات التابعة لإيران، كما توجد مقار عسكرية لقوات النظام والفرقة الرابعة واللواء 94 ومطار الطيران الشراعي».
مسيرات إيران
وبينما سربت مجموعة القراصنة الإيرانية «بلاك شادو»، أمس، بيانات عن خط الحافلات الإسرائيلي «كافيم» على «تليغرام»، في إطار الحرب السيبرانية الآخذة في الاتساع بين أكبر عدوين بالمنطقة، فرضت الخزانة الأميركية عقوبات على 4 إيرانيين وشركتين، وجميعهم تابعون للحرس الثوري، ومتورطون في برنامج تطوير الطائرات المسيرة، وذلك بعد أيام على هجوم بالمسيّرات على قاعدة التنف التي يستخدمها الأميركيون في سورية داخل المثلث الحدودي مع الأردن والعراق.
وشدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ليل الجمعة – السبت على أن إدارة الرئيس جو بايدن ستستخدم كل أداة مناسبة لمواجهة نفوذ إيران وأنشطتها واستخدامها للطائرات المسيرة ومنع توريد المواد والتكنولوجيا المتعلقة بهذه الصناعة.
واتهم بلينكن إيران بأنها استخدمت الطائرات المسيرة في شن هجمات على القوات الأميركية وضد حركة الملاحة الدولية، متعهداً باستخدام كل الأدوات لردع وتفكيك الشبكات التي تزود طهران بالمواد والتكنولوجيا ذات الصلة بالطائرات المسيّرة، وكذلك المؤسسات الإيرانية الضالعة في انتشارها.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين غربيين قولهم إن الطائرات المسيّرة تمثّل تهديداً خطيراً ومباشراً أكثر من برامج التخصيب النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية، وأن استهداف إدارة بايدن لشركتَي كيميا بارت سيوان وأوج برواز ما دو نفر ومديريها التنفيذيين، يمثّل بداية حملة ضد تطوير إيران للطائرات من دون طيار وبرامج الصواريخ الموجهة بدقة.
زيادة الضغط
وغداة اتفاقه مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأول، على ضرورة ضمان عدم امتلاك إيران سلاحا نوويا، بحث الرئيس الأميركي وقادة الدول الموقّعة على الاتفاق النووي على هامش قمة مجموعة العشرين في روما وقمة غلاسكو للتغير المناخي سبل زيادة التكاليف على طهران بسبب مماطلتها في العودة إلى محادثات فيينا.
ونقلت شبكة CNN عن مصادر مطلعة، أن مسؤولي حكومة بايدن يستكشفون حاليًا طرقًا لزيادة الضغط على إيران، وأن حلفاءه مستعدون لفرض «تكاليف أعلى» على المفاوضات النووية.
وقال مسؤول أميركي إن إيران لم تفعل الكثير لخلق التفاؤل لدى الدول المتفاوضة، وأنه لا يبدو أن هناك إرادة لدى فريق التفاوض الإيراني لحل القضايا المتبقية عمليًّا.
كما صرح دبلوماسي أوروبي بأنه يبدو أن تأجيل إيران للعودة إلى المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي هو «تضييع للوقت» لمواصلة دفع برنامجها النووي إلى الأمام.
ورغم تأكيد نائب وزير الخارجية الإيراني، علي باقري، أن إيران ستعود إلى المحادثات قبل نهاية نوفمبر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية: «ليس لدينا معلومات، وهذه مسؤولية المنسق الأوروبي. قلنا منذ أكثر من 4 أشهر إننا مستعدون لاستئناف المحادثات فور أن تحدد إيران موعدًا».
طهران
ودان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية العقوبات الأميركية، معتبراً «أنها تظهر أن البيت الأبيض ليس جديراً بالثقة حقًّا وأسلوبه المتناقض تماماً في التحدث عن العودة إلى الاتفاق النووي ومواصلة نفس طريقة الرئيس السابق دونالد ترامب في استمرار فرض العقوبات التي أكد أنها لن تؤثر على صناعة الطائرات المسيّرة المحلية».