سجلت أسعار النفط مستوى قياسيا جديدا وبات على مشارف الـ 100 دولار للبرميل لأول مرة على مدار الـ 7 سنوات الماضية، إذ قفزت أسعار النفط أكثر من دولارين خلال تعاملات أمس، وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي أكثر من 3% صوب 99 دولارا للبرميل، بعدما أمرت روسيا بنشر قواتها في منطقتين انفصاليتين بشرق أوكرانيا، في تصعيد لأزمة حذر زعماء غربيون من أنها يمكن أن تشعل حربا.
وأعادت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا وتهافت الدول الغربية للتشاور حول العقوبات المحتملة على موسكو، أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في 7 سنوات، حيث تخطت الأسعار عتبة الـ 100 دولار آخر مرة في يونيو 2014، عندما وصلت إلى مستوى 115 دولارا، وكان السبب آنذاك هو ارتفاع الطلب من الصين وانقطاعات في الإمدادات من العراق بسبب «داعش».
لكن المرة التي سبقتها كانت في يوليو 2008 عندما سجلنا رقما قياسيا تاريخيا عند 147 دولارا للبرميل، والسبب في حينها هو التراجع القوي في الدولار وارتفاع قوي في أسعار المستهلكين ما جعل النفط سلعة مغرية للتحوط من التضخم.
في هذا الصدد، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، على هامش مؤتمر مصدري الغاز في الدوحة، إن أسعار النفط تحركها العوامل الجيوسياسية لا العرض والطلب.
إلى ذلك، قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي إنه لا قطر ولا أي دولة منفردة أخرى لديها القدرة على أن تسد الفراغ أو تحل محل إمدادات الغاز الروسية لأوروبا بالغاز الطبيعي المسال في حالة تعطل الإمدادات بسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وأوضح أن أسعار الغاز المتزايدة في أوروبا بدأت قبل الأزمة في أوكرانيا، وترجع إلى نقص الاستثمار في هذا القطاع، مبينا أن الغاز مطلوب بالتأكيد في المستقبل، مضيفا أن هناك حاجة لأن يكون الوقود الأحفوري جزءا من المعادلة في الانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة.
وقال الوزير للصحافيين في مؤتمر عن الغاز في الدوحة «أعتقد أن روسيا مسؤولة عن توريد ما بين 30 و40% تقريبا من الإمدادات لأوروبا، ولا تستطيع دولة بمفردها تعويض هذا الكم، ولا توجد مقدرة للقيام بذلك فيما يتعلق بالغاز الطبيعي المسال».
وأضاف أن أغلب الغاز الطبيعي المسال مرتبط بعقود طويلة الأجل ووجهات واضحة للغاية، لذلك فإن تعويض هذا الكم بهذه السرعة شبه مستحيل.
وأشار الكعبي إلى أنه بالنسبة لقطر فإن العقود التي يمكن تحويلها لأوروبا تتراوح بين 10 و15% فقط. واستطرد بالقول «لا يتعلق الأمر بما إذا كانت (الكميات) غير متعاقد عليها، (بل) يتعلق بما إذا كانت قابلة للتحويل أم لا كما أن أغلبها مربوطة بعقود طويلة الأجل، الكم الممكن تحويله يتراوح بين 10 و15%»، ومرافئ الغاز الطبيعي المسال في أوروبا طاقتها محدودة ولا يمكنها استيعاب إمدادات إضافية من الولايات المتحدة أو منتجين كبار آخرين في حال توقف إمدادات الغاز من روسيا.
في السياق ذاته، أعلنت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون أن الاتحاد سيدرس إمكانية إلزام الدول الأعضاء بملء خزاناتها من الغاز الطبيعي إلى مستويات معينة بينما يسعى التكتل لتحقيق أمن الطاقة، مشيرة في الوقت ذاته إلى قوانين سارية بالفعل في بعض الدول لتعزيز المخزونات قبيل كل شتاء، وجاء حديثها بعد ثلاثة أيام من وثيقة أظهرت أن بروكسل ربما تفرض حدا أدنى لمتطلبات تخزين الغاز.
إلى ذلك، أشارت إلى أن الإجراءات المرتبطة بمخزونات الغاز لن تحاكي القواعد التي تلزم دول منظمة الطاقة الدولية بالاحتفاظ بمخزونات نفطية للطوارئ.
وأضافت «نحن لا نقترح في الوقت الحالي شيئا مثل احتياطي استراتيجي للغاز الطبيعي على غرار الذي لدينا في المنتجات النفطية».
بدوره، قال المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي أجرى اتصالا هاتفيا مع فلاديمير بوتين يوم الاثنين الماضي، إن اعتراف الزعيم الروسي بالجمهوريات الانفصالية في شرق أوكرانيا قد غير الوضع بشكل جوهري، بحيث لا يمكن أن يحدث أي اعتماد لخط الأنابيب في الوقت الحالي، وقال للصحافيين في برلين إنه من دون ذلك، لا يمكن تشغيل خط أنابيب الغاز من روسيا إلى ألمانيا.
من جهته، أكد المستشار النمساوي كارل نيهامر إن حزمة عقوبات يجهزها الاتحاد الأوروبي في حال أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، تتضمن إجراءات تستهدف خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» الذي يربط روسيا بألمانيا.
وأبلغ نيهامر مؤتمرا صحافيا بأن «المصادقة على خط الأنابيب سيجري وقفها عندئذ (إذا حدث غزو روسي)، ولا شك في ذلك، وعليه فإن ذلك يعني أن نورد ستريم 2 جزء من العقوبات».