لم أفرح بإخلاء سبيل البراك بقدر سعادتي بكلامه حول مسؤولية الأغلبية عما حصل وما سيحصل، يا ما انت كريم يا رب، اعتراف بالفشل طال انتظاره بعد إنكار مارثوني طويل، إنكار قاد مسيرة “كرامة منخل” حاولت تغطية شمس واقع ساطعة، شمس شعاعها حقائق لاهبة أصابت الحراك بضربات شمس متوالية جعلته يدور ويدور ويدور حول نفسه، دوار اكتفينا بعلاجه بمراهم الخطابات الصاخبة وإبر الشعارات المسكنة و”بنادول” تصريحات تدعي انتصارات وهمية وأهداف أسطورية وخرائط طريق ورقية!
وكذلك أسعدتني، والفرح بالفرح يذكر، جملة البراك “إننا لا نملك رفاهية المجاملة”، فميزانية الصبر فعلاً لا تسمح، فهي تعاني عجزاً كبيراً، وعليها ديون مستحقة على شكل “سندات اعتذار” موجبة الدفع، اعتذارات كان يجب أن تسدد منذ شهور خلت لأمهات من وراء القضبان من الشباب وللعوائل التي فقدت مواطنتها، وللشاب الذي ضاع مستقبله الدراسي وتحول من طالب إلى مطلوب، وأولاً وقبل كل شيء اعتذار لكل منتمٍ للحراك استُنزِف في حروب كانت وستبقي انتخابية، حروب تفاصيلها معارك “تويترية” عبثية كمعركة “ملف الفهد” الفنتازية ومعركة “القضاء” العبثية ومعركة “فلان” مع “علان” و”فلانة” مع “فلنتانة”، سهول التويتر امتلأت بضحايا العبث الحراكي، وكم من رخام لقبر لعنت كلماته “رخامة” فاجر بالخصومة، أودت بسمعته زوراً وبهتاناً وألصقت بها قيلاً وقالاً وعرضت بشرفه وعرضه! وكم من شريان أمل نزف دماء وجه حلمه حياءً وهو يري الحراك يتحول إلى عراك لا ينتهي ولا يبقي ولا يذر.
نعم يا “بوحمود” الأغلبية فاشلة وأنت بوصفك قائدها جزء كبير من هذا الفشل مع احترامي الكامل لتاريخك، ولولا قراءتكم الخاطئة للواقع لما تباكيتم علي لبن عنادكم المسكوب الخالي من دسم المرونة ولميزتم بين جدوى المقاطعة قبل حكم الدستورية وبعده، الأمر لا يحتاج إلى عباقرة في “اللوغريتمات” لمعرفة أن “أغلبيتكم” صارت أقلية عندما تعدت المشاركة 51 في المئة، كانت قراءة المجلس المبطل الثاني والمجلس الحالي تقف أمامكم كفرصة ذهبية عيار 24، كانت أبجدية تشكل صورة “ميغا بيكسلية” توضح كيف ستؤول أوضاع الحراك خارج قبة عبد الله السالم!.
يا “كباتن”، طائرة الحراك هوت منذ ذاك اليوم وما زالت تهوي عندما فقدت جناحيها التشريعي والرقابي، وهي مسألة وقت وسترتطم بأرض الواقع الصلبة وتتناثر أشلاء، فقدان الأدوات الدستورية المتوفرة في المجلس أهلكنا واستنزف قوانا ورفع عنا غطاء الحماية وأصبحنا من بعد بحسبة بدو بسيطة “ملطشة”، نائب واحد داخل المجلس كان يساوي تأثيره ألف معتصم خارجه، النائب يستجوب والمعتصمون الألف ينتظرون الإجابات بلا طائل، النائب يطرح الثقة والمعتصمون الألف همهم طرح “العقل” على الرموز، النائب يعدل المشاريع والمراسيم والمعتصمون الألف جل ما يستطيعونه “تعديل النسفه” بعد فض اعتصامهم، والنائب يقترح القوانين والألف معتصم – يا عيشةٍ قشرة – لا يملكون إلا انتقادها وإشباعها “تحلطماً” و”تتويتاً” و”ريتويتاً”!
يا معارضتنا الفاشلة المغلوبة، افهمونا السياسة هي فن الممكن لا فن مطارحات المقرات الانتخابية، فالعبوا سياسة يرحمنا ويرحمكم الله!