احتضن ثرى الكويت، اليوم ، أجساد الأطفال الثلاثة الأشقاء الذين قضوا غرقا قبالة شاطئ أنجفة أول من أمس، في فاجعة هزت البلاد وبثت الحزن في النفوس، وسط مطالبات عديدة للجهات المعنية بتوفير منقذين على الشواطئ وانشاء منظومة من كاميرات المراقبة واتخاذ ما يلزم من التدابير للحد من مثل هذه الحوادث المفجعة.
وفتح الحادث المأساوي، باب التساؤلات بشأن ترتيب شواطئ البلاد وتنظيمها، لا سيما أن جميعها خارج التنظيم وتفتقر إلى كل أشكال الاهتمام الحكومي.
ودعا مختصون إلى ضرورة الاستفادة من الشواطئ وتحويلها إلى نقاط سياحية مشمولة بالتدابير الأمنية والإسعافية، لتكون متنفسا حيويا للمواطنين والمقيمين، في ظل محدودية المواقع الترفيهية في البلاد، بينما الواقع حوّل تلك الشواطئ إلى مواقع للحوادث الخطرة والأليمة بين وقت وآخر.
وكشفت الوكيل الأسبق لقطاع السياحة بوزارة الإعلام نبيلة العنجري لـ القبس، عن أن الشواطئ في الكويت غير مدرجة في خطط السياحة، وعدد قليل منها يتبع «المشروعات السياحية» وأخرى تبعيتها غير معروفة.
وأضافت العنجري: الكثير من الشواطئ في البلاد تعتبر خطرة وغير صالحة للسباحة، وليست هناك ارشادات أو لوحات توضح هذا الأمر، وفي حال وجدت التحذيرات فإنها بلا تقييد أمني بفرض الحواجز الاسمنتية مثلا، أو نشر الحراسة عليها على مدار الساعة، لتجنب وجود مرتادين لها وتعرضهم للخطر.
وذكرت العنجري أن محدودية المواقع الترفيهية وعدم وجود أماكن ترفيهية للأولاد، يحفز أولياء الأمور لأن يذهبوا بأولادهم إلى الأماكن المفتوحة ومنها البحر، لكن يجب العمل عاجلا على تنظيم المناطق الشاطئية وتنظيمها وتوفير الخدمات الخاصة برواد الشواطئ والأطفال.
بدوره، قال رئيس فريق الغوص الكويتي، وليد الفاضل، إن الكثير من المناطق الشاطئية في البلاد لا يجب أن يسمح بالسباحة فيها لخطورتها، نظرا لوجود التيارات المائية التي تعتبر الأقوى في العالم. وذكر الفاضل لـ القبس، أن من أخطر المواقع التي فيها التيارات المائية هي منطقة «أبراج الكويت، رأس السالمية، البلاجات» اضافة إلى مناطق أخرى في الجهة الجنوبية وهي «الفنطاس، الجليعة، الزور».
وأشار إلى أن المشكلة الكبيرة التي تؤدي إلى الغرق، تكمن في انحسار الماء خلال فترة الجزر، واستمرار الأفراد في السباحة دون علمهم بخطورة ذلك، فالجزر تزيد فيه نسبة السحب من اليابسة إلى الماء، علاوة على وجود حفر عميقة في مواقع التيارات المائية.
وذكر أن «من الأفضل، قيام أولياء الأمور بتدريب أبنائهم على السباحة قبل الذهاب بهم للبحر، وإلباسهم المنقذات علاوة على ربطهم بالحبال الطويلة خلال السباحة في البحر ليتمكنوا من سحبهم حال الغرق».
«التيارات» القوية.. مرتان
إلى ذلك، أكد الفلكي عادل السعدون، أن التيارات المائية المعروفة باسم «الحمل» تأتي مرتين كل شهر قمري، أقواها ما يسمى «حمل الرأس» ويقصد به رأس الشهر.
وأضاف السعدون لـ القبس، أن الحمل الأول يحدث آخر الشهر القمري ويستمر 7 أيام، والثاني «حمل النصف» أي نصف الشهر القمري، فهو اقل قوة ويحدث من 12 إلى 19 من الشهر، وأخطر «الحمل» وأقواه عندما تكون الارض قريبة من الشمس، بما يسمى «الحضيض»، وفي العادة يقع في اول اسبوع من يناير.
وقال إن «الحمل» ظاهرة تسبب تيارات قوية تحت الماء، ناتجة ومرتبطة بحركة القمر.
8 مواقع لا يُنصح بالسباحة فيها
◄ قرب «أبراج الكويت»
◄ ساحل «رأس الأرض»
◄ شاطئ أنجفة
◄ منطقة البلاجات
◄ من «المركز العلمي» إلى «المارينا»
◄ شاطئ الفنطاس
◄ منطقة الجليعة
◄ بحر الزور
الجهات المعنية.. تتحرَّك بعد الكارثة
مع ارتفاع درجات الحرارة صيفا، يبدأ الناس في التوجه الى البحر للسباحة، مع ما يحيط بذلك من مخاطر بسبب توغلهم في المياه العميقة ذات التيارات القوية التي تجرفهم بعيدا عن الشاطئ الى داخل البحر، وتكون النتيجة حالات غرق بالجملة، تدخل البلاد في جو من الحزن على افتقاد الإحباء، حيث تتوجه أصابع اللوم إلى رجال الانقاذ البحري التابع لقوة الاطفاء العام، الذين يواصلون الليل بالنهار بحثا عن هذا الغريق أو ذاك.
وقال أحد المسؤولين في «الانقاذ البحري» لـ القبس، إن أسباب الغرق في الصيف كثيرة، بينها قلة الوعي، وإهمال الأسرة، الى جانب إهمال أصحاب الطراريد وتركها بلا صيانة.
وقال المسؤول إنه: تعامل مع العديد من حالات الغرق، واغربها ما حدث لأحد الوافدين (19 عاما) وكان يلعب بالكرة على أحد الشواطئ فوقعت الكرة في البحر، وهو يعلم يقينا أنه لا يجيد السباحة، ومع ذلك نزل البحر فغرق.
وعما إذا كان لـ«الاطفاء» الحق في إجراء ضبطيات قضائية للمخالفين؟ قال: ليس لدينا الحق لكن نقوم بالتحذير إذا وجدنا أشخاصا في أماكن خطيرة ونأمرهم بالذهاب إلى أماكن أخرى تصلح للسباحة، وحدثت حالات غرق من قبل وتم انتشالها، وإذا كان الشخص معانداً ولا يعرف مصلحته ومكابراً فإن لنا الحق في إجباره على التحرك من المكان الخطر، أما من له الحق في تسجيل المخالفات فهي إدارة المسح البحري في وزارة المواصلات، وهناك شروط أمن وسلامة موضوعة من الإدارات الثلاث (الإطفاء والمسح البحري وخفر السواحل).
وشدد على ان مهمة «الانقاذ البحري» انقاذ الناس وتحذيرهم لا محاسبتهم، وبعض الاتهامات الموجهة لنا عقب تسجيل حوادث غرق غير دقيقة.
ودعا المسؤول الى توخي الحذر عند النزول للبحر، مؤكدا أن حالات الغرق وبلاغات التعطل زادت بشكل ملحوظ أخيرا، حيث تلقت غرفة العمليات نحو 10 حالات غرق خلال شهر واحد.
تمركز دوريات الإنقاذ
مع تزايد حالات الغرق في البلاد، طالب العديد من الاشخاص بوجود دوريات الانقاذ البحري قرب الشواطئ التي يقصدها هواة السباحة أو يرتادها البعض بكثرة، لتسريع إمكانية الوصول الى مكان الحادث.
ودعا هؤلاء إلى تمركز «الانقاذ البحري» قرب هذه الأماكن، واعتبار ذلك الطريقة المثلى لإنقاذ أرواح من يتعرضون للغرق.
كما طالبوا أولياء الأمور بعدم ترك أولادهم يذهبون الى البحر من دون علمهم، أو من دون تعلمهم أصول السباحة.