اتفقت مجموعة الدول السبع الكبرى (G7)، خلال اجتماعها الأخير، على محاولة إيجاد وسيلة لتثبيت أسعار النفط عند سقف معين يناسب الولايات المتحدة والدول الغربية، فيما يمثل قضية معقدة تهدد حرية العرض والطلب.
وفي هذا الإطار أجرت «الجريدة» تحقيقاً حول إمكانية تطبيق ذلك، إذ أكد عدد من خبراء النفط أن أميركا بعد فشل عقوباتها للضغط على اقتصاد روسيا بعد حربها على أوكرانيا، والعمل على تخفيض قيمة عملتها الروبل، تريد معاقبة جميع الدول المنتجة للنفط، وتثبيت أسعاره عالمياً.
وتساءل الخبراء عن كيفية تحقيق تثبيت أسعار النفط، لافتين إلى أن هدف الولايات المتحدة والدول الغربية كان في البداية الإضرار بالإيرادات النفطية الروسية والاقتصاد الروسي وتطورت الأمور، وأميركا حالياً لا يهمها أن تتضرر الإيرادات النفطية للدول الخليجية أو غيرها بعد أن تضررت مصالحها ومصالح الدول الأوروبية.
وقالوا إن مثل هذه الهزات المفتعلة والسياسات العقابية غير المدروسة لا تخلق استراتيجيات طويلة المدى لمستقبل الصناعة النفطية، مشددين على أن أي محاولة لفرض واقع جديد لتثبيت الأسعار للمستهلكين لن تكون ناجحة وفاعلة دون مراعاة حقوق المنتجين الآخرين، لأن هذا التصرف يتناقض مع أبسط قواعد التجارة العالمية الحرة التي تتغنى بها الدول المتقدمة.
وأضافوا أن هذه الدول لم تتحرك لرفع الأسعار عندما كانت في أدنى مستوياتها، وكانت الدول المنتجة تعاني اقتصادياً، مشيرين إلى أن التغيرات سببها عوامل العرض المختلفة التي يمكن أن تؤثر على السعر بما في ذلك سعر النفط، وفيما يلي التفاصيل:
بدايـــة، قــــال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني، إن قرار قمة مجموعة (G7)، قررت خلال اجتماعها الأخير إنشاء تحالف او عصبة (Cartel) للمشترين للنفط الروسي ووضع سقف سعري لبرميل النفط الروسي لا تشتريه إذا تعداه!، يعتبر من المنظور الجيوسياسي تغطية على فشل مشروع مقاطعة النفط الروسي.
وأضاف بهبهاني أن قرار إنشاء كارتيل لمشتري النفط مشابه لكارتيل البائعين «أوبك»، وهو يعد متناقضا مع أساس السوق الحر للنظام الرأسمالي.
وأوضح أن القرار يطرح عدة تساؤلات هي: هل روسيا ستوقف بيع برميلها إذا تجاوز السقف الأوروبي أم سيتوقف الكارتيل الأوروبي عن الشراء؟ وهل قصد القرار دفع روسيا إلى منطقة بيع محددة وترك أوروبا لغيرها؟ وماذا لو تأثرت أسعار نفط الشركات الأميركية بالسقف الاوروبي؟. وأعرب عن سخريته من القرار واصفاً إياه بـ «السياسي المضحك» الذي لا معنى له.
وأشار إلى أنه رغم أن «أوبك بلس» ليست عضوا في «G7» فإن روسيا باعت ما قيمته 98 مليار دولار في أول 100 يوم من غزو أوكرانيا بمعدل 98 مليون دولار يومياً.
إنتاج متوازن
من ناحيته، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط م. عبدالحميد العوضي، إنه قبل أن تبدأ الحرب الروسية – الأوكرانية كانت أسعار النفط ترتفع بفضل سياسة الإنتاج المتوازنة التي تتبعها منظمة «أوبك» وشركاؤها وفق اتفاق تم تنفيذه بداية عام 2017 إذ ارتفعت الأسعار من 55 دولاراً للبرميل لتصل قبل بداية الحرب في مارس 2022 إلى 115 دولاراً للبرميل.
وأضاف العوضي أنه خلال تلك الفترة السابقة واجهت «أوبك» تحديات سياسية من أميركا وحلفائها وتهديدات بملاحقات قضائية (قانون نوبك) لخفض أسعار النفط بعد أن تعدت حاجز 85 دولاراً في أكتوبر عام 2018.
ورأى أن التحدي الجديد يأتي حالياً من مجموعة الدول السبع الكبرى (G7) ممثلة في أميركا ومحاولة إيجاد وسيلة لتثبيت أسعار النفط عند سقف معين يناسب تلك الدول!، مشيراً إلى أن القصة بدأت بوضع المزيد من العقوبات على روسيا وحظر التعامل مع النفط والغاز الروسي بسبب اجتياحها العسكري لأوكرانيا.
وأوضح أن أميركا بعد فشل عقوباتها للضغط على الاقتصاد الروسي وانهيار عملتها الروبل تريد معاقبة جميع الدول المنتجة للنفط وتريد تثبيت أسعار النفط عالمياً، متسائلاً: هل لها القدرة على الضبط والتحكم في معادلة العرض والطلب العالمي مثلاً وهو المحرك الرئيسي لأسعار النفط؟.ظ
وذكر أن ما يقصد بالطلب العالمي أنه منظومة مشتركة مرتبطة بعمليات التنقيب والاستكشاف وإنتاج النفط والغاز وتصنيع المشتقات البترولية في المصافي والصناعات التحويلية لإنتاج المشتقات البتروكيماوية وعمليات نقل كل المنتجات بالناقلات وعمليات التأمين والتمويل البنكي العالمي لكل العمليات المذكورة سابقاً وعمليات التسويق والبيع والشراء.