الضحية ترقد في قسم الحروق بأحد المستشفيات العراقية بالعاصمة بغداد، وهي في حال صحية حرجة، حيث بلغت نسبة الحروق بجسدها 75 في المئة، وفق ما أفاد به ذووها لوسائل الإعلام المحلية.

أرقام مقلقة

وفق إحصائيات وزارة الداخلية العراقية لعام 2021، فقد تم تسجيل 873 حالة عنف أسرية، توزعت بواقع 786 حالة ضد المرأة و87 حالة ضد الأطفال.

لكن المنظمات المدافعة عن حقوق الطفل والمرأة، ترى أن هذه الأرقام الرسمية المعلنة ورغم أنها ليست بسيطة، حيث أن معدل عدد حالات التعنيف بحق الأطفال والنساء وفقها يبلغ نحو ألف حالة مسجلة خلال عام فقط، لكن الواقع وفق تلك المنظمات يشير لأضعاف مضاعفة من حالات التعنيف الأسري، والتي تبقى في جلها طي الكتمان ولا يتم ابلاغ الجهات الأمنية والصحية المسؤولة بوقوعها، وخاصة في الأرياف وضواحي المدن والعشوائيات.

 قانون مكافحة العنف الأسري

ورغم ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، لكن العراق يفتقر لقانون ضد العنف الأسري، رغم تصويت الحكومة العراقية في شهر أغسطس من عام 2020، على مسودة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، إلا أن المشروع منذ ذلك الحين ينتظر المصادقة عليه في مجلس النواب العراقي، وسط تجاذبات حادة حوله تشريعيا وسياسيا.

 المادة 41

وينتقد الناشطون الحقوقيون والمدنيون العراقيون وجود مواد قانونية تخفيفية وتبريرية لجرائم العنف الأسرية، كالمادة (41) من قانون العقوبات العراقي التي تنص على أن “لا جريمة إذا وقع الفعل (الضرب) استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق، تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أو عرفا”.

 رأي حقوقي

وتقول سارة الحسني رئيسة منظمة “ساندها” لحقوق المرأة، في حديث مع سكاي نيوز عربية: “ثمة تصاعد مخيف في حالات العنف الأسري خلال العام الحالي بالبلاد، حيث يسود انعدام الضمير وغياب حس المسؤولية الإنسانية والأخلاقية لدى مرتكبي العنف، علاوة على عدم الخوف من القانون بسبب التسويات العشائرية غالبا التي تطوي ملفات مثل هذه الجرائم بطرق التفافية غير منصفة، وخصوصا فيما يتعلق بقضايا العنف الأسري التي تتعلق بالنساء”.

 القانون يبرر

وأضافت الحسني: “خصوصا مع سماح القانون بالتعنيف حسب المادة 41 من قانون العقوبات العراقي التي تبيح ممارسة العنف بحجة التأديب بحق المرأة والطفل، والتي طالبنا مرارا وتكرارا بإزالتها، كونها ضد حقوق الإنسان عامة، وتزيد من خطر اتساع ظاهرة تفكك الأسرة وتحط من كرامة النساء والأطفال العراقيين”.

 مسؤولية أهالي المعنفات

“عدم احتواء الأهالي لبناتهم المعنفات وعدم الوقوف لجانبهن ورفع الظلم والاضطهاد عنهن، يجعلهم شركاء في حرائق العنف الأسري ضد الزوجات وأطفالهن، فمثلا في حالة زينب كان يتم تعنيفها وإهانتها على مرأى صغارها”، وفق رئيسة المنظمة الحقوقية النسوية.

والتي تختم: “نناشد للمرة الألف السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بالالتفات الجدي نحو معالجة ظاهرة العنف الأسري المتفاقمة وقطع دابرها، والتي تفتك بالمجتمع العراقي، وإلا فسوف تكون هناك آلاف مؤلفة من حالات وقصص مأساوية مشابهة لقصة زينب”.

 رأي طبي نفسي

ويقول الخبير الاجتماعي ورئيس الجمعية النفسية العراقية قاسم حسين صالح، في لقاء مع سكاي نيوز عربية: “العنف الأسري ينقسم لنوعين.. الأول، مادي ويشمل العنف الجسدي والجنسي، الثاني معنوي ويشمل العنف النفسي واللفظي”.

مضيفا: “ويبدو هنا أن الضحية زينب قد تعرضت لعنف أسري مركب يشمل الأشكال الأربع التي ذكرناها، حيث أن الضرب سبب لها تشوهات جسدية وروحية، وغالبا تعرضت لعنف جنسي عبر ممارسة زوجية بصيغة اغتصاب، أو لرفضها ممارسة جنسية شاذة، ولكونها فتاة شابة عشرينية فإنها تشعر بالظلم والإحباط، وبالعجز عن إيقاف هذا الظلم بحقها”.

 الاحتضان النفسي

ويضيف الأكاديمي العراقي: “ولأنها لم تجد من ينتصر لها من أهلها، ولم تجد من يحتضنها سيكولوجيا، أقدمت على إيذاء نفسها، لمعاقبة ذاتها على زواج قد تكون غصبت عليه أو أخطأت في الاختيار حينها، وعليه يجب على ذويها وأصدقائها احتضانها نفسيا وبسرعة، قبل أن تصل لحالة اليأس التام والذي سيقودها مع الأسف إلى اللجوء لخيار الانتحار كحل نهائي لمعاناتها”.