بعد الضربة الموجعة التي تلقتها روسيا عبر تفجير جسر كيرتش الرابط بين أراضيها وشبه جزيرة القرم وهدّم جزءاً منه، يترأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم اجتماعا لمجلس الأمن، الذي يضم الوزراء الرئيسيين ومسؤولين سياسيين وممثلين عن أجهزة الأمن والجيش، في حين يقول مراقبون إن خيارات الرد الروسي على هذه الضربة قد تكون محدودة.
والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه إذا كان بوتين سيحاول احتواء الضربة وهضمها، أم سيبادر إلى تصعيد لرسم خط أحمر ومنع كييف من تكرارهذا النوع من الضربات المؤلمة.
خيارات محدودة
وقال أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة سانت أندروز، فيليبس أوبراين، إن قدرة روسيا على الانتقام «محدودة»، بسبب أدائها «الضعيف» في ساحة المعركة والفشل في تحقيق التفوق الجوي.
وفي حديث لصحيفة الفايننشال تايمز، قال المحلل العسكري ومدير الدراسات الروسية بمعهد أبحاث «سي إن إيه» في أرلينغتون بولاية فيرجيني، مايكل كوفمان، إن الروس «في ورطة حقيقية» بعد «الحالة السيئة» للجيش الروسي، مشيرا إلى أن المعنويات ليست في أفضل حالها.
سيردّ بنفسه
في المقابل نقلت صحيفة تيليغراف البريطانية عن القائد السابق للجيش البريطاني، الجنرال ريتشارد دانات، توقّعه المزيد من القصف العشوائي للأهداف المدنية الأوكرانية.
ورأى رئيس لجنة الدفاع البريطانية المختارة، توبياس إلوود، إن «بوتين سيتعامل مع الهجوم المضاد أو الرد على عملية الجسر بنفسه». وقال إنه «من المرجح أن تتجدد الهجمات الروسية على البنية التحتية المدنية، إضافة إلى تكثيف الضربات التي تترك أقصى قدر ممكن من الضرر الاقتصادي والانقسام أيضا في الغرب».
ازدياد الخطر النووي
وأجمع دانات وإلوود على أن خطر استخدام أسلحة نووية تكتيكية «زاد كثيرًا»، بعد عملية الجسر. وكان نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، قد حذّر في يوليو الماضي من أن ضرب جسر القرم سيطلق العنان لسيناريو «يوم القيامة».
شمس وغيوم
وفي وقت نقلت مجلة نيويورك تايمز عن «مسؤول أوكراني رفيع المستوى» تأكيده أن «الاستخبارات الأوكرانية هي التي دبّرت تفجير الجسر» واصلت كييف «حربها النفسية»، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت متأخر مساء أمس الأول في رسالته اليومية بالفيديو: «الجو كان مشمسا ودافئا في الغالب اليوم في وطننا، أما في القرم فكان الجو غائماً، على الرغم من الدفء».
روسيان مسلمان
من ناحيته، زعم مستشار وزير الخارجية الأوكراني، يفهين ميكيتينكو، أن الشاحنة التي انفجرت كانت قادمة من مدينة كراسنودار الروسية، وأن مالكها هو سمير يوسوبوف، وقائدها شقيقه ماهر يوسوبوف وكلاهما روسي مسلم.
وجدد الإشارة الى وجود صراع بين جنرالات الجيش ووزير الدفاع سيرغي شويغو من جهة، وبين أجهزة الأمن والشركات العسكرية الخاصة، مثل «مجموعة فاغنر» من جهة أخرى.
شاحنة أم زورق؟
جاء ذلك، بينما شكك خبراء بأن يكون الانفجار تم عبر شاحنة مفخخة، مشيرين الى احتمال أن يكون نفّذ عبر زورق مفخخ أو طائرة من دون طيار مفخخة. وقال الخبير السابق في عمليات هدم الجسور بالجيش البريطاني، توني سبامر، إن انفجار شاحنة مفخخة كان سيحدث ثقبا في منتصف الجسر، لكنه لن يكون كافيا لانهيار هيكله في البحر.
وفي حديثه لصحيفة وول ستريت جورنال، أضاف سبامر: «عليك أن تهاجم عرض الجسر بالكامل. بالنظر إليه، يبدو أنه تعرّض للهجوم من الأسفل».
وقف الجدول
وبينما بدأ غواصون روس، أمس، تفقّد أضرار الجسر التي خلفها الانفجار القوي، أعلنت وزارة النقل الروسية أن حركة قطارات الشحن وقطارات المسافات الطويلة المارّة عبر جسر القرم انتظمت امس، وفقا للجدول الزمني المحدد.
وقال الحاكم الروسي لشبه جزيرة القرم، سيرغي أكسيونوف، إن شبه الجزيرة لديها وقود يكفي لشهر ومواد غذائية تكفي لشهرين. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها في جنوب أوكرانيا يمكن أن تحصل على إمداداتها بـ «الكامل» عبر الطرق البرية والبحرية القائمة.
باخموت وخيرسون
ميدانياً ، تخوض القوات الاوكرانية قتالا عنيفا جدا قرب بلدة باخموت في دونباس ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي تحاول روسيا السيطرة عليها. وبينما أعلنت مصادر أوكرانية السيطرة على بلدة نوفاكاميانكا في مقاطعة خيرسون جنوب أوكرانيا، تستعد القوات الروسية لإجلاء عشرات الآلاف من المدنيين من منطقتين بهذه المقاطعة التي أعلنت ضمّها من دون ترسيم حدودها.