أكد رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر أن مصر لم تغلق بابها يوما في وجه الاستثمارات الكويتية، وأن الاستثمارات الكويتية هي رائدة الاستثمارات العربية في مصر.
وأضاف الصقر، في كلمته التي ألقاها خلال استقبال غرفة التجارة والصناعة صباح أمس وفدا اقتصاديا مصريا برئاسة وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي د.هالة السعيد، أن الكويت تحتل المركز الرابع بين الدول ذات الاستثمارات المباشرة في مصر، لافتا في هذا الخصوص إلى أن القطاع الخاص الكويتي لا يطلب لاستثماراته في مصر حوافز خاصة أو دعما استثنائيا، بل بيئة استثمارية مشجعة وقائمة على المعايير الاقتصادية السليمة، والبنية الأساسية والمؤسسية المتقدمة، وأن يعامل على قدم المساواة مع إخوانه وشركائه المستثمرين المصريين، إذ إن الثقة باحترام الحقوق وسلامة السياسات أهم بكثير من الحوافز الضريبية والجمركية وما يمثلها من صور الدعم.
وأوضح الصقر أن الدور الرئيسي والمستقبلي للاستثمارات الخارجية الكويتية في الاقتصاد الكويتي، يجعلنا ننظر إلى سلامة رأس المال وارتفاع المردود الاقتصادي والمالي باعتبارهما المعيارين الأهم في اختيار هذه الاستثمارات، وذلك لأن تحقيق العائد العادل للضيف والمضيف، هو الذي يقرر جدوى الاستثمار، ويعمق مجراه، ويزيد غزارته.
وأضاف أنه إذا كان تطوير التشريعات وتحديثها أمرا لازما، فإنه من اللازم والمؤكد أيضا، استقرار التشريع واحترام ما تؤسسه التشريعات السابقة من حقوق وواجبات ومراكز قانونية.
وأضاف «من واجبي هنا، أن أذكر بكثير من الإعجاب والتقدير أن مصر قد اتخذت منذ عام 2016 حتى الآن، خطوات واسعة وشجاعة ضمن «رؤية 2030»، والأهم من هذا أن شباب مصر المؤهل بالمستوى التعليمي والتقني الحديث بلغ مستوى عاليا ليس من الكفاءة المهنية فحسب، بل من الفهم العميق أيضا لأهمية التعاون الاقتصادي الدولي، وللدور التنموي للقطاع الخاص، والحرية الاقتصادية القائمة على المنافسة والعدل وتكافؤ الفرص، والمحصنة بالرقابة العامة والتخطيط السليم».
وذكر أنه تصادفت زيارة الوفد الاقتصادي الكويتي للشقيقة مصر، مع التحضيرات الجادة والمكثفة للمناقشة الأخيرة «لوثيقة سياسة ملكية الدولة» في مصر، وهي الوثيقة التي يمكنني القول ـ بكثير من الإيجاز والتبسيط ـ إنها الوثيقة التي ترسم بكل وضوح وشفافية منهج الدولة وسياساتها ليس فقط تجاه ملكيتها للأصول العامة، بل تجاه تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص أيضا، في إطار إعلان رسمي صريح وموثق عن أهمية تمكين القطاع الخاص وتشجيعه.
وقال الصقر «على صعيد تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، يلعب صندوق مصر السيادي، الذي تترأسه ضيفتنا الكريمة د.هالة السعيد دورا محوريا لاجتذاب الاستثمار الأجنبي، وفي التعريف بالمشروعات الاستثمارية المتاحة، وأن وجود د.السعيد والفريق عالي المستوى الذي يصحبها، يعتبر بحق فرصة غالية للتعرف على فرص الاستثمار في مصر، من أهل المعرفة والاختصاص وشركاء القرار».
من جهتها، استعرضت وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي د.هالة السعيد، مسيرة التجربة التنموية المصرية خلال السنوات الأخيرة، والتي قالت إنها مرت بالعديد من التحديات كغيرها من الاقتصادات التي مرت بتغيرات سياسية ليس على مستوى الدولة المصرية، ولكن أيضا على المستويين الإقليمي والدولي، حيث عانى الاقتصاد المصري من تدهور شديد في مستوى الاقتصاد المصري ومستوى الاستثمارات خلال الفترة بين العامين 2012 و2013، حيث شهدت مصر نموا اقتصاديا سالبا في تلك الفترة، وذلك قبل أن تعود مرحلة الاستقرار في العام 2014 عندما بدأت الدولة بوضع خطة طويلة المدى تمثلت في «رؤية مصر 2030»، والتي تضمنت برامج إصلاح اقتصادي واجتماعي.
وقالت إن المرحلة الأولى من خطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي تركزت على تحسين البنية التحتية الأساسية والاستثمار في شبكة الكهرباء والطرق والموانئ، وغيرها من القطاعات، حيث ضخت الدولة استثمارات تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار، وذلك بهدف تهيئة بنية أساسية جيدة للمواطنين من جهة، وجذب المستثمر المحلي الأجنبي من الجهة الأخرى، وذلك بالتزامن مع وضع خطة لتحسين التشريعات والتي تضمنت وضع قانون جديد للاستثمار وقانون آخر للتراخيص الصناعية، وقانون الخروج من السوق وقانون للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.. وبيئة تشريعية جديدة بالكامل.
أما المرحلة الثانية من خطة الإصلاح فتمت بالتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، وتضمنت 5 ركائز أساسية من بينها التركيز على الاقتصاد الحقيقي والقطاعات الإنتاجية في الاقتصاد (زراعة ـ صناعة ـ اتصالات ـ تكنولوجيا المعلومات)، وزيادة مشاركة القطاع الخاص مع التأكيد على الحياد التنافسي في هذا الجانب، وإنشاء ذراع استثمارية للدولة من خلال قانون خاص يتمتع بالمرونة والاستقلالـيــة، وتفعيـــل بعض المواد غيــر المفعلة في قانون الاستثمار ومن بينها «الرخصة الذهبية»، وإنشاء منطقة اقتصادية في قناة السويس.
وفــي تصـريـحـاتـهـــا للصحافيين عقب انتهاء اللقاء، أكدت السعيد أن هناك إشادة بالبنية التحتية في مصر والدور الذي يلعبه الصندوق السيادي المصري، مشيرة في الوقت نفسه إلى رصد شهية كبيرة من المستثمرين للدخول في السوق المصري، من خلال استهداف عدة قطاعات، منها السياحة والزراعة والطاقة المتجددة والصناعات الدوائية والبتروكيماويات وغيرها.
وأشارت إلى أن مصر بصدد التخارج من 32 شركة متنوعة الأنشطة، موضحة أن دخول الدولة من خلال الصندوق السيادي في شراكات مع القطاع الخاص المحلي والخارجي هدفه طمأنة أصحاب رؤوس الأموال وبالتالي تحقيق استفادة مشتركة، مضيفة أن وثيقة ملكية الدولة تؤكد على الحياد التنافسي والمساواة بين المستثمرين، في إطار توافر فرص استثمارية واعدة في قطاعات مختلفة، وذلك في ظل جدية الدولة المصرية في الانفتاح على الاستثمار وعقد شراكات طويلة الأجل.
وتابعت بالقول «نعمل على توفير قيمة مضافة للاقتصاد المصري، سواء من خلال التخارج من بعض الشركات أو بيع بعض الحصص لمستثمرين استراتيجيين، أو طرح حق الانتفاع او حق الإدارة أو زيادة رأس المال، والعديد من الشركات المصرية لديها الفرصة الكبرى للتنمية والتطور، وكل ما تحتاج اليه هو زيادة رأس المال، الأمر الذي يتيح المجال لدخول مساهمين جدد».
وفيما يتعلق بتذبذب سعر صرف العملة، قالت السعيد «إن الاقتصاديات الناشئة تواجه تأرجحا في عملاتها النقدية، وإن تنوع المحافظ يوفر عوائد سيكون لها أثرها على الاستقرار مستقبلا»، مشيرة إلى أن ذلك لا يمثل أدنى خطر أو قلق على المستثمرين طويلي الأمد، لافتة إلى أن مصر انتهجت سياسة اقتصادية تتمثل قي تحرير سعر الصرف بما يضمن سيرها في الاتجاه الصحيح، وأن ما حدث بالعملة شيء مؤقت وأن البنك المركزي المصري اتخذ خطوات تصحيحية لأزمة سعر الصرف والتحوط بما يوفر الطمأنينة للأوساط الاستثمارية.
وأشارت إلى أن مقر وارض الحزب الوطني المنحل تم طرحها للاستثمار، حيث تقدم لها بحدود 12 جهة استثمارية، لافتة إلى الاهتمام بتنمية الجوانب السياحية وبالتالي استهداف عشرات ملايين السياح ومضاعفة الرقم الحالي البالغ 15 مليون سائح سنويا خلال الفترة المقبلة.
وذكرت أنه لا توجد قيود على تحويل المستثمرين للأموال من مصر إلى أي مكان وفقا لاحتياجاتهم، في إشارة إلى أن المرحلة السابقة كانت لها متطلباتها، خصوصا في ظل تطورات المشهد العالمي بما فيه الحرب الروسية- الأوكرانية.