ماذا يحدث في السودان؟
صراع الجنرالات والأيديولوجيات والسياسات والسلطات والعرقيات والمعاهدات والمصالح الدولية في التأثير على المشهد في البحر الأحمر
يكاد يكون واضحا الأن. فالسودان بدأ مسارا مع الانقلابات الايدلوجية برعاية البزة العسكرية منذ عام 1957
انقلاب الحنرال إسماعيل كنده 1957.
إنقلاب الفريق عبود 1958-1964.
إنقلاب النميري 1969.
إنقلاب هاشم عطا 1971 وفشل الإنقلاب.
تمرد الجيش 1973 وعودة النميري.
إنقلاب الضابط حسن حسين 1975 تم افشاله
إنقلاب الجنرال سوار الذهب1985 وتنازل.
تفوق الإسلاميين في 1986 ايديولوجي حزبي.
إنقلاب البشير 1989 وتشكيله حزبا منفصلا.
إنقلاب على البشير 1990 وفشل الإنقلاب.
إنقلاب العقيد خالد 1992 وفشل.
إنقلاب وعزل البشير 2019 .
إنقلاب رئيس الاركان هاشم عبدالمطلب 2021 وفشل وتم القبض عليه.
إنقلاب عبدالباقي حسن 2021 وفشل الإنقلاب
في كل هذه الحالات الأحزاب السودانية كانت الراعي الشعبي لهذه الإنقلابات للتخلص من الأحزاب المنافسة.
المصالح الدولية في السودانState Actors
1. روسيا: تحاول روسيا بناء شبكة من المصالح الاستراتيجية على البحر الأحمر لوجود معاهدة حديثة تم توقيعها مع النظام السابق والسماح بتواجد 300 عسكري روسي في السودان تمهيدا لقاعدة بحرية وتواجد روسي.
2. الولايات المتحدة حيث يشكل التواجد الروسي في المياه الدافئة تحدي جيوسياسي للنفوذ الأمريكي وخصوصا بعد النزاع الاوكراني مع روسيا كما ان الاستراتيجية الامريكية في محاولة تخفيف قواتها في الشرق الأوسط ومناطق النزاع العربي جعلها تتباطأ في دعم العملية الإنتقالية السودانية خصوصا في ظل تشتت حزبي سوداني في إدارة ملف الفترة الإنتقالية السودانية.
3. الأمم المتحدة: تحاول الأمم المتحدة أن تلعب دورا بين الأطراف المتحاربة في السودان للحفاظ على نشاطاتها الإنسانية وقاعدتها الإدارية في السودان كنقطة هبوط لوجيستية للنشاط الإنساني وعمليات الإغاثة الدولية وقد قامت الأمم المتحدة إسوة بالعديد من دول العالم بعمليات إخلاء لطواقمها وكوادرها مما يدل على إنعدام الأمن والإحترام للمنظمات الإنسانية وخوفا من تدهور الوضع العسكري الى حرب أهلية.
الجوار الإقليمي: Regional State Actors: 1.أثيوبيا: ينظر الطرف الأفريقي وخصوصا في مشكلاته القائمة مع دول المصب لنهر النيل وهي السودان ومصر بأنها فرصة لتعزيز مطالبها وإجراءاتها التي تقوم بها في ظل شريك متورط في نزاع عسكري-عسكري داخلي وقدرتها المستقبلية في إستخدام أدوات الضغط السياسي لتخفيف الضغط على الموقف الأثيوبي بعد ان كانت المطالب المصرية السودانية متوافقة كما ان الدور الإسرائيلي الخفي الداعم لأثيوبيا يزيد من تعنت الموقف الأثيوبي.
2. الموقف المصري: ترتبط مصر جغرافيا بحدود طويلة مع جارتها السودان تقدر ب 1267 km وهناك خلاف حدودي في بعض الأجزاء من هذه المساحة الحدودية وتشكل الحدود السودانية في ظل غياب حكومة سودانية قوية وفي ظل الظروف الحالية هاجسا أمنيا لمصر خوفا من التسربات الإرهابية التي قد تتسلل نتيجة للأوضاع الأمنية الهلامية التي تمر بها بعض محافظات السودان كالخرطوم العاصمة وأم درمان إحدى أكبر المدن السودانية وهذا يضاعف التحديات الأمنية التي تواجهها الدولة المصرية مع الحدود الليبية التي تقدر ب 1115 km وتحاول القيادة المصرية مسك بعض الأوراق بين الجانبين المتحاربين داخليا مع المملكة العربية السعودية والتي قامت بجهود جبارة ومتميزة وشجاعة في إخلاء مئات الأفراد العالقين من دول العالم عبر بورسودان وباستخدام قواتها البحرية. ويأتي النجاح السعودي في عمليات الإخلاء على قبول السعودية سياسيا وشعبيا في الداخل السوداني واتفاق جانبي الصراع على الوسيط السعودي.
3. الموقف السعودي : ينظر السعوديين للصراع في السودان على انه تهديد مستقبلي محتمل للملاحة وأمن وإستقرار حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وتهتم الحكومة بتهيئة الظروف لجعل جوارها الإقليمي وعبر البحر الأحمر جوارا هادئا بعيدا عن القرصنة والتهريب والارهاب والذي قد ينتج من إنهيار الأمن في السودان وتصعيد خطورة الصراع المسلح الدائر بين الجيش السوداني ومن يدعمه من الأحزاب السياسية ذات الايديولوجيات الدينية المتطرفة واليسارية الثورية وبين قوات الدعم السريع التي انشاءها الرئيس السوداني البشير .يبلغ طول الساحل السعودي على البحر الأحمر 1811 km جزء منه يواجه الساحل السوداني على الجهة الأخر بطول 835 km وهي حدود بحرية متقابلة تثير القلق والإهتمام بالنسبة للسعودية والدول الأخرى المشاطئة على البحر الأحمر. تهدف السعودية الى خلق حالة مستدامة من الهدؤ والتنمية والأمن في خطوط المواصلات البحرية العالمية ومنها البحر الأحمر فالهدف الاقتصادى السعودي تطوير ودعم خطة التنمية السعودية 2030 والتي جزء منها محاذيا للبحر الأحمر ومنع تدفق اللاجئين وعمليات التسلل البشري وضبط المسارات البحرية ومنع التهريب والتسلل والإرهاب البحري. السعودية قد تكون اللاعب الإقليمي الأكثر قبولا بين الأطراف السودانية المتنازعة يساندها الموقف المصري والموقف الأمريكي.
4. جمهورية جنوب السودان: تتأثر جمهورية جنوب السودان بالوضع القائم بالسودان من عمليات النزوح الجماعية المستقبلية في حال تدهور الوضع السوداني كما ان الامتداد الديموغرافي بين جنوب السودان وجمهورية السودان وعلاقات الجوار تؤهلهم لادارة حوار ودي بين الأطراف السودانية المتحاربة.
التحليل: يعاني السودان أساسا من تعدد العرقيات والاعراق ووجود الأحزاب السودانية السابقة والحالية لا يجعلها قادرة على إدارة الدولة بدون دعم ومساندة القوات المسلحة السودانية ولذلك تتهافت هذه الأحزاب بمحاولات إختراق المؤسسة العسكرية السودانية لكي تكون لها خاصية القوة الصلبة في التعامل مع الأحزاب المنافسة الأخرى ولذلك نشاهد الكثير من الانقلابات التي تحدث وعند تمكنها تقوم بتصفية الأحزاب الاخرى وقياداتها عبر الادوات العسكرية والامنية. ولذلك فإن حدوث ومشاهدة حروب الجنرالات في السودان حدثا عاديا عابرا في تاريخ السودان الحديث بعد استقلاله عام 1956.
وبالنسبة للدول الكبرى ذات المصالح المتعددة فتلاحظ ان هناك دورا روسيا متزايدا للوصول الى المياة الدافئة في منطقة الشرق الأوسط وتشكل الاطلالة الساحلية لجمهورية السودان على البحر الاحمر وبواجهة طولها 835km هدفا للعديد من الدول وخصوصا روسيا التي تخوض حربا في اوكرانيا وسط مواجهة شديدة من الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوربيين مما يجعلها ترغب في المناورات الاستراتيجية الدولية للحصول على مرافئ ومواني لاسطولها العسكري البحري لتمارس مزيدا من التوسع والضغط الجيوسياسي على الغرب في مواقع نفوذهم التاريخية في البحر الاحمر على احدى ضفتيه.
تقوم الولايات المتحدة بمحاولات متأخرة لردم الفجوة السياسية المتأخرة في عدم احتوائها ارتدادات عزل البشير عبر العديد من الدول المجاورة للسودان كمصر وليبيا وجنوب السودان لجمع الأطراف المتحاربة وتشكيل حكومة مدنية توافقية قد تقلل من تعزيز النفوذ الروسي المتنامي ببطء وبالرغم من الجهود والتصريحات الامريكية الا انه لاتوجد نية امريكية جادة في جمع الأطراف السودانية لتبعثر الاراء والافكار في المجموعات السياسية السودانية وعدم قدرتها على الانسجام السياسي مع بعضها حاليا فالعديد من الاحزاب السودانية تفتقر الى رؤية الدولة الاستراتيجية وتمارس الحصول على مكاسب شعبية امام الشارع السوداني.
تحاول السعودية بكل جهودها مدعومة من مصر والولايات المتحدة ودول الخليج وثقلها السياسي والديني والشعبي والتاريخي في اوساط الشعب السوداني ومؤسساته الحكومية على جمع الفرقاء المتحاربين والوصول لحلول تهدئ السودان المشتعل والمتردي عبر صيغ متعددة الا ان مركز الثقل يتعلق برغبة جنرالات المؤسسة العسكرية والجنرال حميدتي قائد قوات التدخل السريع في الجلوس مباشرة والتباحث فيما بينهم برعاية عربية افريقية امريكية دولية يبحث فيها الجنرال حميدتي عن ضمانات تؤمن موقفه.
الخيارات المتوقعة للصراع الداخلي السوداني:
1. إلتقاء جنرالات الحرب وحميدتي برعاية عربية أفريقية دولية في لقاء يمهد لوقف إطلاق نار وتهدئة الصراع يؤدي لكسب الجنرال حميدتي مزيدا من الشرعية والنفوذ والمشاركة السياسية مع أطراف مدنية اخرى.
2. تحول القتال بين الاطراف المتنازعة الى حرب عصابات واستنزاف لموارد الدولة وزيادة معاناة المواطنين السودانين وزيادة حالة الفوضي ودخول جماعات ارهابية كانت نائمة.
3. مزيد من الانقسام في الخريطة السودانية ودور متزايد للتيارات القبلية والمناطقية.