الرئيسية / كتاب وآراء / جماهير السيرك ،،، بقلم : علي توينه

جماهير السيرك ،،، بقلم : علي توينه

” جماهير السيرك ”

يروي أشهر مؤلف وممثل ومخرج سينيمائي في العالم ” شارلي شابلن ” ويقول :
عندما كنتُ صغيراً، ذهبتُ برفقة أبي لمشاهدة عرضٍ في السّيرك، وقفنا في صفّ طويل لقطع التذاكر، وكان أمامنا عائلة مكوّنة من ستة أولاد والأم والأب، وكان الفقر بادياً عليهم ..

كان الأولاد فرحين جداً وهم يتحدّثون عن السيرك، وبعد أن جاء دورهم، تقدّم الأبُ إلى شبّاك التذاكر، وسأل عن سعر البطاقة، فلما أخبره عامل شبّاك التذاكر عن سعرها، تلعثم الأب، وأخذ يهمس لزوجته، وعلامات الإحراج بادية على وجهه !

فرأيتُ أبي قد أخرج من جيبه عشرين جنيهًا، ورماها على الأرض، ثم انحنى والتقطها، وضع يده على كتف الرجل وقال له : لقد سقطتْ نقودك !

نظر الرّجلُ إلى أبي، وقال له والدموع في عينيه : شكراً يا سيّدي !

وبعد أن دخلوا، سحبني أبي من يدي، وتراجعنا من الطابور، لأنه لم يكن يملك غير العشرين جنية التي أعطاها للرجل !

ومنذ ذلك اليوم وأنا فخورٌ بأبي، كان ذلك الموقف أجمل عرضٍ شاهدته في حياتي، أجمل بكثير حتى من عرض السيرك الذي لم أشاهده أبداً .

هل نشاهد يومياً ” السيرك ” ام نعيش احداثه ايضاً ؟

نشعر في خطورته كأننا من يمارس العاب وعروض السيرك ونحن مشاهدين وجماهير فقط بدلاً من الإستمتاع !

لانملك سعر التذكرة ، لا نستمتع في المشاهدة وغير مسموح ممارسة اللعبة لخطورتها .. وفي حال احتراق خيمة السيرك أول المصابين نحن وأول المتهمين في الحريق نحن وأول الضحايا نحن !

وفي عالمنا السياسي او ما يسمى بالسياسي من يملك سعر التذكرة يملك صكوك الغفران حتى ولو كان تاريخه السياسي مستنقع من الفساد ومن لايملك سعر التذكرة حتى وان قدم القربان بدمه واخطأ فجزاؤه النكران والجحود ..

قال تعالى : {وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أُولـئِكَ يُعرَضونَ عَلى رَبِّهِم وَيَقولُ الأَشهادُ هـؤُلاءِ الَّذينَ كَذَبوا عَلى رَبِّهِم أَلا لَعنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظّالِمينَ}

هي ثقافة لغة المال السائدة في العشرين سنة الماضية ولم نصادف حتى الآن مثل النبيل والد شارلي شابلن ومواقف الإيثار العظيمة ، بل اصبح الدفاع والتملق عن اصحاب التذاكر من الأعراف الحميدة اما انصاف البسطاء هو من التخلف والسلبية والخنوع … سحقاً للعبيد ولاعزاء لهم وتحية بحجم السماء للأحرار والحرائر الثابتين العفيفين لكراماتهم فالدول العظمى لم تكن الا بالكرامة وبلا كرامة لانستحق الحياة .

✒️علي توينه
@Alitowainah

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*