تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تستضيف مدينة مكة المكرمة أعمال المؤتمر الإسلامي الدولي «التواصل مع إدارات الشؤون الدينية والإفتاء والمشيخات في العالم» تحت شعار: (تواصل وتكامل) الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، على مدى يومين بمشاركة 150 عالما ومفتيا وكذلك رؤساء المراكز والجمعيات الإسلامية من 85 دولة حول العالم.
وفي افتتاح أعمال المؤتمر أمس، قال وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ إنه يجسد المعنى العظيم للتشاور وينطلق من هذه البلاد المباركة التي تبنت هذا المبدأ العظيم منذ نشأتها وهي تحمل رسالة الإسلام الصافية، وتنشر مبادئ العدل والرحمة والوسطية والاعتدال في منهج أصيل أصبح مثالا يحتذى وأثرا يقتفى في الدعوة إلى الله تعالى وفق منهج الكتاب الكريم والسنة النبوية وفهم سلف هذه الأمة.
وأضاف الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز أن هذا المنهج يجمع بين الأصالة والمعاصرة والحفاظ على الثوابت والأخذ بالمتغيرات فيما يحقق المصلحة الدينية والدنيوية، مؤكدة أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين تدعو العالم أجمع لهذا المنهج الذي يحمل الخير والرحمة والدعوة والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف والانحلال والإلحاد.
وأشار إلى أهمية هذا المؤتمر في التشاور والتعاون الذي يخدم منهج الإسلام الوسطي المعتدل بسبب تصاعد حدة خطابات العنف والتطرف وركوب جماعات من أهل الأهواء مناهج فاسدة أساءت لسماحة الإسلام وعدله، لافتا إلى أن الحاجة لمثل هذا الاجتماع تعظم في ظل فشو البدع والمحدثات في الدين ومحاولة تسطيح فهم الإسلام وقصره على بعض الشعائر المخترعة ليكون أهله أبعد الناس عن حقيقة الاتباع لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء بمنهج واضح يجمع بين متطلبات الروح والجسد وبين العمل للدنيا وعمارتها بالخير والبناء الحضاري.
من جهته، قال رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة د. محمد مطر الكعبي في كلمته إن المشاركة في هذا المؤتمر جاءت للتواصل والتكامل بين العلماء والمفتين والقادة الدينين والمسؤولين المعنيين بالخطاب الديني في العالم، مشيرا إلى أنه يأتي في خضم تحديات كبيرة ونوعية تعصف بمنظومة القيم الإنسانية التي دعت إليها الرسالات السماوية الخالدة وأجمعت عليها العقول السليمة وأقرتها المناهج التربوية القويمة ومن أهمها القيم الإيمانية.
وأشار د.الكعبي إلى تعرض قيم الاعتدال والتسامح لتحديات فكرية وسلوكية تقوم بها تيارات الإسلام السياسي التي تخطف المفاهيم الإسلامية الراقية وتفسر النصوص الدينية بتفسيرات متطرفة تغسل بها عقول أتباعها وتحرضهم على العنف والإرهاب وتدعوهم إلى التنمر على الآخرين والخروج على ولاة أمر المسلمين والتنكر لأوطانهم ومجتمعاتهم تحت شعارات براقة مضللة.
من جهته، أشاد المفتي العام وإمام الجامع الكبير في موريتانيا الشيخ أحمد المرابط الشنقيطي بالجهود الذي تبذلها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين في مختلف مجالات العمل الإسلامي في سائر أنحاء العالم.
بدوره، أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث الفكري والعلمي المتميز الذي يتناول موضوعا يقع في صلب المهمة الأساسية للمنظمة ألا هو تعزيز الوحدة الإسلامية والعمل على رص صفوف الأمة والدفاع عن القيم الإسلامية وتحقيق التكامل فيما بينها في كل المجالات التي تعود بالنفع على شعوبها.
وقال إن مؤتمر «تواصل وتكامل» يأتي في ظل تحديات جمة تواجهها الأمة الإسلامية من تطورات سياسية وتحديات فكرية ونزعات عدوانية لتشويه صورة الإسلام فتتطلب منا الوقوف في وجه هذه النزعات والتيارات المعادية واستحضار مفهوم الوحدة الإسلامية، لأنها وحدة حضارية ثقافية إنسانية تقوم على التعاون والتماسك والتفاعل وإثراء الحضارة الإنسانية في جميع المجالات من التعليم والثقافة والفكر والاقتصاد، مضيفا أن استضافة المملكة العربية السعودية لهذا المؤتمر المهم تؤكد مكانتها كفاعل حقيقي في دعم التوجهات الإيجابية للأمة الإسلامية والعمل على نهضتها.
الجدير بالذكر أن مؤتمر «تواصل وتكامل» – المقام بجوار بيت الله الحرام – يعقد 8 جلسات على مدى يومين تتناول بالنقاش سبعة محاور رئيسية يشارك في تقديمها نخبة من علماء الأمة الإسلامية.