رغم الإدانة الدولية الواسعة لاقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلي مجمع الشفاء الطبي في اليوم الأربعين من حربها الشرسة على القطاع، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه «لا يوجد مكان في غزة لن نصل إليه».
وأضاف، خلال زيارته لإحدى القواعد العسكرية في جنوب البلاد، «سنصل إلى حماس ونقضي عليها وسنعيد الرهائن»، مؤكدا أنهما «مهمتان رئيسيتان» في الحرب التي تشنها اسرائيل على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.
وإذ نددت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية بالهجوم، اعتبرت في بيان أن «اقتحام جيش الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي، وغيره من المستشفيات، والمراكز الصحية في قطاع غزة، يعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف». وحملت «الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن سلامة الطواقم الطبية والآلاف من المرضى والجرحى والأطفال، بمن فيهم الخدج، والنازحون المتواجدون في المجمع»، مطالبة بـ «تدخل دولي عاجل لتوفير الحماية لهم».
ودان الأردن صمت مجلس الأمن الدولي إزاء «الهمجية» في اقتحام الجيش الإسرائيلي لمجمع الشفاء، معتبرا انه يغطي بذلك «جرائم الحرب»، وكتب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على منصة «إكس» إن «كارثة مستشفى الشفاء تجسد الهمجية التي يتيح صمت مجلس الأمن استمرارها». وأضاف «ندين صمت مجلس الأمن على هذه الوحشية، على حرمان الرضع حاضناتهم في المستشفى»، مشيرا إلى ان «هذا الصمت يغطي جرائم الحرب، صمت لا يمكن تبريره أو قبوله، على المجلس تحمل مسؤولياته».
وانتقدت حكومة النرويج اقتحام أكبر مشافي غزة، وقال وزير خارجيتها اسبن بارت ايدي في رسالة الكترونية تلقتها وكالة «فرانس برس»: «إنه أمر مبالغ فيه وغير مقبول». واشار إلى أن «ذلك يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المروع بالفعل في غزة». من جهته، اعتبر مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم غيبرييسوس أن ذلك «غير مقبول على الإطلاق». وقال انه لا يوجد تحديث لعدد الوفيات والإصابات في غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة عن «قلقهما البالغ» بعد الاقتحام. وكتب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث على موقع «إكس» معتبرا «أن التقارير الواردة عن اقتحام مستشفى الشفاء في غزة مروعة».
وأكد غريفيث أن «حماية الخدج والمرضى والطاقم الطبي وجميع المدنيين يجب أن تعلو عن أي اهتمام آخر». وأشار إلى أن «المستشفيات ليست ساحات قتال». وطالب غريفث باتخاذ إجراءات فورية «لكبح جماح المذبحة» الجارية في غزة.
وبالعودة إلى الاقتحام، أمر جنود إسرائيليون كان بعضهم مقنعا وآخرون يطلقون النار في الهواء، الفلسطينيين الذين لجأوا إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة بالاستسلام، وفق وكالة «فرانس برس».
وبلغة عربية ركيكة، صرخ جندي قائلا «كل الشبان من 16 عاما وما فوق، عليكم رفع أيديكم الى فوق والخروج من المبنى إلى الساحة الخارجية وتسليم أنفسكم».
وخرجت طوابير من الفلسطينيين وهم يرفعون أياديهم من أقسام الحروق والولادة والجراحة وغسيل الكلى، وشوهد قرابة ألف شخص مع أياديهم في الهواء في ساحة المستشفى، وطلب الجنود من البعض خلع ملابسهم. داخل أروقة المستشفى، كان بعض الجنود يطلقون النار في الهواء عند تنقلهم من غرفة إلى أخرى وهم يقومون بعمليات بحث وتفتيش دقيقة، وتعالت أصوات بكاء نساء وأطفال في الأقسام المختلفة.
وقال الطبيب أحمد مخللاتي الجراح في المستشفى لـ «رويترز» عبر الهاتف «كان هناك قصف وإطلاق نار حول المستشفى وداخله. إنه لأمر مروع حقا أن تشعر أن هذا يحدث بالقرب جدا من المستشفى ثم أدركنا أن الدبابات تتحرك حوله».
وأضاف «لقد أوقفوا الدبابات أمام قسم الطوارئ بالمستشفى واستخدموا جميع أنواع الأسلحة حول المستشفى، إذ انهم استهدفوا المستشفى مباشرة ولكننا حاولنا تجنب الاقتراب من النوافذ»، وقد سمعت اصوات اطلاق النار اثناء الحديث مع الطبيب.
وأفادت وكالة الأنبــاء الفرنسيــة بــأن الجيـش الإسرائيلي انسحب مساء أمس، ونشر دباباته حول المجمع الضخم، بعد ساعات طويلة من التفتيش الدقيق.
وزعم الجيش الإسرائيلي في بيان انه قام بتسليم حاضنات وأغذية للأطفال وإمدادات طبية إلى المستشفى خلال العملية «الدقيقة والمحددة الهدف ضد حماس» التي يقوم بها في «منطقة محددة من المستشفى». لكن مدير المستشفيات بغزة محمد زقوت قال لقناة «الجزيرة» ان الاحتلال لم يسمح بإحضار حضانات الأطفال إلى مستشفى الجراحات، وانه حقق مع المرضى والمرافقين والطواقم الطبية لـ 10 ساعات. وقال ان ساحة المستشفى أخليت من الدبابات. وحذر من أن الأطفال ومرضى الكلى بمستشفى الشفاء في خطر شديد.
ولاحقا، قال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي لم يكشف هويته انه تم العثور «على أسلحة وبنية تحتية. ورأينا دليلا ملموسا على أن عناصر حماس استخدموا مستشفى الشفاء كمقر» على حد قوله.
وعلى الفور، نفت حركة حماس الادعاءات الاسرائيلية، وقالت «زعم الاحتلال وجود أسلحة في مجمع الشفاء الطبي استمرار لكذب مفضوح ومسرحية لم تعد تنطلي على أحد». إلى ذلك، أعلنت شركتا الاتصالات الرئيستان في غزة توقف كل المولدات العاملة في المقاسم الرئيسة في قطاع غزة بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها حيث أصبحت عناصر الشبكة الأساسية تعتمد على ما تبقى من مصادر تخزين الطاقة لاسيما البطاريات.
وللمرة الأولى منذ أربعين يوما، دخلت أمس شاحنة وقود من مصر الى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي.
لكن وكالة غوث وتشغيل اللاجئيــن الفلسطينييـن (أونروا) قالت عبر حسابها على موقع «إكس» إن الوقود الذي دخل «ليس كافيا على الإطلاق»، وأضافت: تلقينا 23 ألف لتر وقود فقط بما يعادل 9% فقط من الاحتياجات اليومية. وقالت إنه «يجري استخدام الوقود كسلاح حرب وهذا يجب أن يتوقف».