وجغ الحروف / ثقافة المصالحة ‘المصطنعة’!
د. تركي العازمي
لا نريد إلا الخير للكويت ولن نشعر بالأمان إلا عبر تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير ولن يحصل لا هذا ولا ذاك إلا عبر بوابة إصلاح المنظومة القيادية!
لن تكون هناك مصالحة شعبية ونحن غير مهيئين لها معنويا فالمصالحة أي كان نوعها لها أسس ومعايير بالضبط أشبه بمعايير اختيار القيادي الصالح!
أعتقد والله العالم أن القادم خير وأن هناك متسعاً من الوقت لخروج العقلاء الحكماء عن صمتهم… فقد سئمنا من ترديد عبارة «الأمور سايبة» وأنا شخصيا وإن كنت على يقين بأن «الشخبطة» القيادية هي سبب تراجعنا على مختلف الأصعدة أرى أن الأمل مازال قائماً تأثراً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»!
ما يزعجني في حقيقة الأمر ذلك السلوك الغريب الذي اتبعه البعض والمتمثل في نقل معلومة سمعها أو قرأها دون أن يتحقق منها… مما حول الساحة المحلية إلى أرض خصبة لـ«الإشاعات».
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف «كفا بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع»… فـ«بليييز» لو تكرمتم أوقفوا عنا سيل التهم والدخول في النوايا وتفسير الأمور من دوافع نفسية أو تضارب مصالح أو لأي سبب آخر.
نحن بحاجة لأن نلتقط الأنفاس ونعود للحق… وهذا يحتاج إلى مصالحة وطنية «حبية» تتصافى عبرها «النفوس» قبل النصوص، أما الحديث عن ثقافة المصالحة «المصطنعة» موضوع هذا المقال فهي لن تقدم إضافة إصلاحية لوضعنا المحلي المزري.. فهي ثقافة بنيت على باطل لأن الذي يصطنع «الرضا» ويصفح «مجبرا» لمصلحة أو لحسبة معينة فسرعان ما يعود إلى ما حبسته نفسه من ثقافة لم تؤمن بالمصالحة على حقيقتها.
الذي أريده يبدأ من الاعتراف بأننا وقعنا في «فخ» إفرازات الأنفس وتضارب المصالح وأصابتنا مخرجات قياديين دون المستوى بهذا التأخر في كيفية معالجة تراكمات التيه النفسي الذي يعاني منه أطراف الصراع.
المجتمع يريد أن يرى صفاءً في النفوس قبل النصوص… يريد إعادة الحياة لمؤسساتنا من خلال غرس قيم أخلاقية ومعايير سليمة عند اختيار القياديين كي تخرج لنا الرؤى الإصلاحية ونشعر بالتنمية البشرية وهي ترفع من مستوى معيشتنا وتحسن من طريقة تعاملنا مع بعضنا بعضاً.
لاحظ.. نحن في الغالب بشر تحركنا المشاعر ونتأثر من كل فعل يخالف عليه القانون أو قول غير مسؤول… والبعض يأخذ ما يسمع ويضيف «البهارات» عليها، وينقلها لأن ثقافتنا بنيت على ذلك والبعض الآخر يشعر بأن كل فعل فاسد يعطيه الحق بأن يكون فاسداً «هذا حد ثقافته» لأنه إلى الآن لم تتم محاسبة فاسد واحد.
لهذا أختم هذا المقال بالفقرة التي بدأت بها… لا نريد إلا الخير للكويت ولن نشعر بالأمان إلا عبر تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير ولن يحصل لا هذا ولا ذاك إلا عبر بوابة إصلاح المنظومة القيادية… فامنحونا فرصة لمصالحة صادقة نستطيع بعدها بناء كويت المستقبل المشرق بإذن الله… والله المستعان!