تشهد أوروبا ما يشبه «ثورة مزارعين» غاضبين بسبب انخفاض مداخيلهم والسياسات الزراعية التي تتخذها بلدانهم، حيث انضم مزارعون ألمان الى زملائهم في بلجيكا وفنلندا وپولندا وفرنسا واغلقوا أمس الطرقات المؤدية إلى عدة موانئ ألمانية، بينها ميناء هامبورغ، احتجاجا على إلغاء إعفاءات ضريبية كانوا يستفيدون منها، وذلك في إطار تظاهرات زراعية في جميع أنحاء أوروبا.
وحذرت الشرطة في هامبورغ على منصة «إكس»، من أن «اضطرابات مرورية كبيرة حدثت في منطقة الميناء»، الأكبر في ألمانيا، ما تسبب في عرقلة جزء كبير من «حركة مرور الشاحنات».
كذلك، تسببت طوابير من مئات الجرارات في اضطراب حركة المرور في جميع أنحاء وسط مدينة هامبورغ، بينما نظمت تظاهرة للمزارعين أمام محطة القطار، حسبما أفادت السلطات.
وتعطل العمل في موانئ ألمانية أخرى، ففي ولاية ساكسونيا السفلى، منع مزارعون نحو 40 جرارا من الوصول إلى أحد موانئ الحاويات قرب مدينة فيلهلمسهافن، وفقا للشرطة.
كذلك، أدى «تجمع» للمزارعين على طريق رئيسي قرب مرفأ بريمرهافن، إلى «تباطؤ كبير» في حركة المرور. وتدخل هذه الإجراءات في إطار حركة تعبئة واسعة النطاق للمزارعين الألمان الذين يعارضون منذ عدة أسابيع إصلاح الضرائب على الديزل الزراعي، والذي ينص على إلغاء الإعفاء الذي استفاد منه المزارعون، بحلول العام 2026. وتستهدف هذه التحركات خصوصا الالتزامات البيئية الأوروبية المتزايدة المفروضة على القطاع، والزيادة في تكاليف الإنتاج منذ الحرب في أوكرانيا، والعبء الإداري الذي يقع على عاتق المزارع.
وفي فرنسا، قاد المزارعون الغاضبون جراراتهم لإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى باريس ومدن كبرى أخرى، وسط مخاوف من تصاعد التوتر مع اشتداد حراك المزارعين. وأعلن الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين (FNSEA) الذي يمثل معظم العاملين في المهنة، بدء فرض حصار على العاصمة أمس و«لأجل غير مسمى». وأغلقت الجرارات الطرق السريعة المؤدية الى باريس في لونغفيل وارومني.
وحول مدينة ليون (وسط شرق فرنسا)، استؤنفت التعبئة في وقت مبكر أمس، وفقا للشرطة في الرون، التي اشارت إلى تباطؤ في حركة السير عند القدوم من منطقة مونت دو ليون وإغلاق الطرق السريعة. وتوعدت الفروع المحلية للاتحاد بـ «تداعيات في جميع أنحاء المنطقة». وأعلنت الحكومة، من جانبها، تعبئة 15 ألف عنصر من الشرطة الاثنين لمنع الجرارات من دخول «باريس والمدن الكبرى».
وحذر الأمين العام للاتحاد الوطني لنقابات المزارعين أرنو روسو من أن المرحلة القادمة تحمل في طياتها «أسبوعا يزخر بالمخاطر، إما لأن الحكومة لا تنصت إلينا أو لأن الغضب سيصل إلى مستوى يدفع الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم» لكنه دعا أيضا إلى «الهدوء والعزيمة».
وقبل ذلك بيوم، أغلق مزارعون بلجيكيون طريقا سريعا في جنوب بلجيكا، لينضموا إلى تعبئة مماثلة للحراك الغاضب الذي يشهده قطاع الزراعة في فرنسا وألمانيا.
وفي عملية أدت إلى تباطؤ كبير في حركة المرور، تقدمت عشرات الجرارات على تقاطع رئيسي قبل أن تغلق السير على الطريق السريع E42 في شمال نامور بجنوب البلاد.
وقال بيار دولست، المتحدث باسم اتحاد المزارعين الشباب في بلجيكا والذي نظم التظاهرة، لوكالة فرانس برس، إنه أصبح «من المستحيل كسب دخل لائق» من الزراعة.
وأضاف «ندعو إلى إصلاح للسياسة الزراعية المشتركة يأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض» موضحا «يتعين على جميع المزارعين أن يقوموا بالمزيد مع امكانات أقل. المزارعون على استعداد لبذل الجهود ولكن للقيام بذلك، يجب أن يكونوا قادرين على العيش الكريم». كما ندد دولست بالمنافسة مع المنتجات المستوردة التي لا تخضع للمعايير نفسها.
وتم لصق لافتات على الجرارات كتب عليها «نهايتنا ستكون جوعك»، و«حلم الطفولة، وكابوس الكبار».