استخدمت الولايات المتحدة، أمس، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لمجلس الأمن يطالب بوقف «فوري» لإطلاق النار في غزة، وذلك للمرة الثالثة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، في حين تتواصل الضربات الإسرائيلية، على القطاع، الذي يعاني من وضع إنساني كارثي، خصوصاً في مدينة رفح المهددة بهجوم بري.
وحظي مشروع القرار الجزائري، الذي يطالب «بوقف إنساني فوري لإطلاق النار ينبغي أن يحترمه جميع الأطراف» بتأييد 13 عضواً في مجلس الأمن مقابل اعتراض عضو واحد (أميركا) وإحجام عضو آخر عن التصويت، هو مندوب بريطانيا.
وفيات الأطفال
وبعد نحو 20 أسبوعاً من الحرب التدميرية، باتت تقارير المنظمات الإنسانية حول الوضع في غزة تثير قلقاً متزايداً.
وأفادت وكالات الأمم المتحدة بأنّ الغذاء والمياه النظيفة أصبحا «نادرين جداً» في القطاع الفلسطيني المحاصر، وإنّ جميع الأطفال الصغار تقريباً يُعانون أمراضاً مُعدية.
وقال نائب المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» تيد شيبان إنّ غزّة على وشك أن تشهد «انفجاراً في وفيات الأطفال التي يُمكن تفاديها».
ويتأثّر ما لا يقلّ عن 90 في المئة من الأطفال دون سنّ الخامسة في غزّة بواحد أو أكثر من الأمراض المُعدية، وفق تقرير صادر عن «اليونيسيف» ومنظّمة الصحّة العالميّة وبرنامج الأغذية العالمي.
وأظهر تقرير أعده باحثون مستقلون من الولايات المتحدة وبريطانيا، أنه لايزال من الممكن أن يموت نحو 8 آلاف شخص آخرين في غزة خلال الأشهر الستة المقبلة، حتى لو توقف القتال الآن، بسبب الأزمة في قطاع الصحة العامة.
وتعرضت مستشفيات غزة للدمار بسبب القتال وبات أكثر من 85 في المئة من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى وسط ارتفاع حالات الإصابة بأمراض مثل الإسهال وسوء التغذية في مناطق اللجوء المكتظة.
السنوار ومشتهى
من ناحية ثانية، نفى مسؤول عسكري رفيع المستوى، أمس، تقريراً إعلامياً عن علم الجيش الإسرائيلي بأن زعيم حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار قد غادر القطاع، مؤكداً أن الجيش ليس لديه أي معلومات عن خروجه منه.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر في غزة، أنه مع انقطاع الاتصال بين السنوار وقيادة الحركة في الخارج، بدأ درس إمكانيات تعيين بديل لزعيم «حماس» في حال اغتياله.
وبحسب تقرير للهيئة، فإن الشخص المطروح ليحل مكان السنوار، هو عضو المكتب السياسي للحركة روحي مشتهى، مشيراً إلى أنه أكثر شخصية مقربة من السنوار، حيث مكثا سوية في الزنزانة نفسها في السجن، وأطلق سراحهما في إطار صفقة جلعاد شاليت. وتابع التقرير أنه «منذ ذلك الوقت أصبح مشتهى اليد اليمنى للسنوار ومبعوثه لمهمات خاصة. ويتضح أيضاً أن من الممكن أن يكون مشتهى على اتصال مع قيادة حماس في الخارج أيضاً في الفترة الأخيرة».
وإلى القاهرة، وصل رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية صباح أمس، على رأس وفد من قيادة الحركة لـ«إجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين حول الأوضاع السياسية والميدانية في ظل الحرب العدوانية على غزة والجهود المبذولة لوقف العدوان وإغاثة المواطنين وتحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني»، وفق بيان للحركة.
وفي واشنطن، قال مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس جو بايدن، إن المبعوث الخاص للشرق الأوسط بريت ماكغورك سيزور مصر، اليوم، وإسرائيل، غداً.
التوترات في الضفة
وفي ما يتعلق بالأوضاع المتوترة في الضفة الغربية، ذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم»، أن الهيئة الأمنية تلمس وقبيل حلول شهر رمضان المبارك، ارتفاعاً حاداً للكراهية، خصوصاً في محيط مستوطنتي يتسهار وحومش.
وعرض جهاز «الشاباك»، تحذيراً إستراتيجياً من اندلاع أعمال عنف، خصوصاً في أعقاب القرار الذي يفرض قيوداً على فلسطينيي الداخل بدخول المسجد الأقصى في رمضان.
وفي السياق، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أمس، إن إسرائيل ستضع حداً لعدد مواطنيها المسلمين المسموح لهم بأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في رمضان.
وأعلن أن محاولته منع معظم المواطنين المسلمين من أداء صلاة الجمعة في شهر رمضان رفضها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. لكنه أضاف أنه سيتم فرض حد أقصى يتراوح بين 40 و 50 ألفاً.
محكمة لاهاي
وفي لاهاي، حضت جنوب أفريقيا، أمس، محكمة العدل الدولية على إصدار رأي استشاري غير ملزم بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية «غير قانوني»، معتبرة أن القرار سيساعد الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية.
وافتتح سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا، اليوم الثاني من جلسات الاستماع، لافتاً إلى أن إسرائيل تمارس شكلاً «أكثر تطرفاً» من الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية مما واجهته جنوب أفريقيا قبل 1994.
وقال سفير السعودية لدى هولندا زياد العطية، إن قطاع غزة «تحول إلى مكان للموت بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر».
وأكد أمام المحكمة «نرفض أي تبرير لقتل آلاف الأبرياء وتهجيرهم من غزة»، مشيراً إلى «هناك إجماعاً دولياً على عدم شرعية الاحتلال».
صراخ ومشادات في الكنيست… نائب إسرائيلي يدعم قضية العدل الدولية
أظهرت مقاطع فيديو مشادات وصراخاً داخل الكنيست بعد فشل التصويت على طرد نائب دعم قضية محكمة العدل الدولية التي تتهم إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في غزة.
وأخفق نواب من التحالف القومي الديني، في الحصول على الأغلبية اللازمة لعزل نائب ينتمي لأقصى اليسار بسبب دعمه لدعوى أمام محكمة العدل.
وصوت الاثنين 85 من أصل 120 نائباً في الكنيست لصالح عزل عوفر كسيف، في جلسة مكتملة الأعضاء، أي أقل بخمسة أصوات من الغالبية العظمى المطلوبة البالغة 90 مقعداً.
ويعكس التصويت غير المعتاد لعزل عضو حالي في البرلمان حالة الغضب في إسرائيل، بسبب الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وتقول فيها إن حرب إسرائيل على قطاع غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
ووقع كسيف، الذي ينتمي حزبه الشيوعي الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة في صفوف المعارضة ضمن قائمة مشتركة مع حزب الحركة العربية للتغيير اليساري، على رسالة مفتوحة تدعم الاتهامات الموجهة لإسرائيل، لكنه نفى مزاعم بأنه «يدعم حماس».
وقال كسيف في النقاش الذي سبق التصويت «إن طلب العزل هذا يستند إلى كذبة صارخة، وهي أنني أؤيد الكفاح المسلح لحماس».
وأضاف «لست مستعداً لقبول مزاعم الحكومة في شأن ما يحدث في غزة حرفياً».