الوضع في جنوب لبنان متقلب بين الهدوء الحذر والتصعيد المترافق مع مفاوضات ستحدد مصير طبيعة المرحلة التي تلي الحرب في غزة والاتفاق الذي من شأنه أن يرسم الخارطة الجديدة التي تظهر خطوطها المدى اللبناني مع إسرائيل باستعادة مزارع شبعا ودور ««حزب الله» بعدها.
القتال في الجنوب ترشد اليه أصوات المدافع وهدير الطائرات الحربية الإسرائيلية واستهدافاتها والرد المباشر من «حزب الله» عليها بقصفه مواقع التجمعات المحورية، ضمن استراتيجية «الغارة بالرد أو التدمير بالتدمير» وكما قيل، قبلا، «النار بالنار والدم بالدم».
وتتلازم هذه الحالة مع ارتفاع منسوب الحديث عن شمول «الجبهة الجنوبية» بهدنة غزة المرتقبة والمأمول أن تنسحب على الجنوب، بحيث يجهد كبار المسؤولين اللبنانيين من اجل تبريد نار الحدود، وقد تبدى من الاتصالات تخفيض «حزب الله» من مستوى الرد لتفويت الفرصة على الإسرائيليين لتوسيع الحرب لتشمل لبنان.
ولدى القراءة للتطورات الميدانية يتبين ان «حزب الله» فوت فرصة استهداف فرقة كبيرة من الجنود الإسرائيليين اثناء تجمعها في نقطة كانت في مرمى صواريخه، وهذه خطوة تنم عن قرار كبير لإثبات رغبة الجانب اللبناني بعدم التصعيد أقله.
والجو السياسي في لبنان، بعد مرور أيام من محادثات الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، انه قد تكون له زيارة اخرى عندما يصبح الجواب اللبناني جاهزا وفقا لما طرحه، وليس من الواضح مضمونه، كونه يستجيب للمطالب الإسرائيلية المتعلقة بحسم النقاط الخلافية على الخط الازرق، ولا يتطرق إلى مصير مزارع وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر مع التشديد على تطبيق القرار 1701 من الجانب اللبناني فقط، دون أن تلحظ أي ضمانات إسرائيلية بعدم خرقها للقرار.
ومن سلسلة المواقف الرسمية يمكن توقع ما سيكون عليه الرد اللبناني على ورقة هوكشتاين، وهو التأكيد على الثوابت اللبنانية المتحورة حول عودة المهجرين النازحين اللبنانيين إلى قراهم وبلداتهم التي هربوا منها نتيجة الغارات والقصف. والالتزام الكامل بالقرار 1701 ونشر الجيش في منطقة عمله ودعم القوات الأممية «اليونيفيل» له، وإلزام اسرائيل بتطبيق القرار 1701، والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة.
وهنا برز ما قاله الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لصحيفة «لوريان لوجور» حول تجنب الحرب: «علينا فقط أن نبدأ من حيث كنا في عام 2006. بعد حرب يوليو، كان هناك أمر واقع وتم اعتماد القرار 1701. واليوم يريد الأميركيون تطبيق هذا النص وانتشار الجيش في الجنوب جيد جدا. ونحن نتفق معهم في هذه النقطة، لكنني سألت السيد هوكشتاين عما إذا كان بوسع الولايات المتحدة زيادة مساعداتها (المالية) للجيش. ورد بالقول إنه في الوقت الحالي لن يتمكن من تمرير مثل هذا الاقتراح عبر الكونغرس. لماذا؟ لا أعرف».
هذا وعقد سفراء دول اللجنة الخماسية ضم السفير السعودي وليد بخاري والسفير القطري الشيخ سعود بن عبدالرحمن فيصل ثاني آل ثاني والسفير المصري علاء موسى ووالسفيرة الأميركية ليزا جونسون ووالسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو ، اجتماعا في سفارة دولة قطر في بيروت أمس، حيث جرى استعراض التطورات الراهنة في لبنان والبحث في الملف الرئاسي.
وجدد السفراء التأكيد على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية وأبدوا دعمهم المستمر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن.
وبعد الاجتماع انتقل السفير القطري إلى دارة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو. وقد وصفت مصادر اللقاء بـ«المثمر جدا».
ميدانيا، واصل الجيش الإسرائيلي قصفه لأطراف الناقورة منطقة حامول، وأغارت طائرات المسيرة بصاروخ موجه على بلدة عيتا الشعب بالتزامن مع قصف مدفعي طاول أطراف بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، وإطلاق رشقات نارية على أطراف الوزاني لترهيب المزارعين اللبنانيين والتي تشكل هذه المنطقة مرعى غنيا بالعشب والمياه لقطعانهم، وتمكنت فرق الدفاع المدني من العثور على جثة الشاب ربيع الياسين في منزله الذي استهدفته غارة إسرائيلية بالضهيرة.
و أغارت الطائرات الإسرائيلية على عيتا الشعب وعيترون ووادي العزية قرب مدينة صور، وشوهدت أعمدة الدخان من الكورنيش البحري للمدينة.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بأن مدفعية الاحتلال قصفت سهل مرجعيون وأطراف الخيام قرب معمل الحجارة.
في المقابل، أعلن حزب الله قصف مستوطنة عفدون بصواريخ الكاتيوشا، ردا على مقتل شاب لبناني سقط في القصف على بلدة الضهيرة الحدودية أمس الأول. كما أشار إلى تنفيذ هجوم جوي بمسيرتين انقضاضيتين على ثكنة معاليه غولان، واستهداف موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية، وكذلك موقع الرادار في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية أيضا.